المضحكات المبكيات.. الأقنعة الديونيسية.. بين الحقيقة والانتحال

مقالات الرأي

بوابة الفجر

كان معروف لدى الإغريق ومن بعدهم الرومان أقنعة تدعى بالأقنعة الديونيسية والتي تعني تلک الوجوه التعبيرية الدرامية الباکية والضاحکة التى ارتبطت عادة بالإله ديونيسيوس Dionysius أو الإله  باخوس Bacchus، وهي تلك الوجوه التي نراها مرسومة على أبواب المسارح الثقافية وفي الجامعات، حيث تمثل قناعًا مكونًا من ثلاثة أقواس منحنية للأسفل فتشير إلى الوجه الحزين أو تتجه ذات الأقواس إلى الأعلى لتشيرر نحو الوجه السعيد أو المعبر عن حالة من الفرح. 


أسهل الطرق للانتحال 


كان لدى الإغريق والرومان قناع أن لبس قناع الديونيسية  " Dionysius" هو أسهل الطرق للتخلى عن الشخصية الحقيقية وانتحال شخصية أخرى. فقد كان أصل هذه الكلمة اللاتينية يطلق على القناع الذي يتقنَّع به أو أن يضعه الممثل على وجهه أثناء تمثيله للمسرحية، ثم امتد معناه في اللاتينية ليشمل أي شخصية من شخصيات المسرحية، ثم أطلق على أي فرد داخل المجتمع.


أرسطو


ولقد جاء تعريف أرسطوللانتحال وااكوميديا شاملا التفاصيل ومكونات الكوميديا، فقال أنه في المجتمع هناك كوميديا تعمل كمحاكاة لأشخاص أسماهم "الأردياء" أو الأشخاص أقل منزلة،فلقد رأي هذا الفيلسوف أن هذا يعني الإثارة للضحك، نوعًا من أنواع  القبح، وأن الخطأ هو النُقصان الذي يسبب الالم والأذى الذي قد لا نراه ويراه آخرون.


في عصرنا الحالي


صرنا في عصرنا الحالي نرى الكثيبر من المُقنعين على المجتمع الافتراضي، وصار منهم الأضحوكة والقدوة، وكذا الأضحوكة الذي قد يراه الغافلون من الكبار أو النشء قدوة.
أصبح من البدهي والطبيعي جدًا أن يصادفك خلال تصفحك على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي  صورة غير ملائمة للذوق أو الدين، وربما تصريح هزلي لا يليق أن يخرج من فمَّ إنسان عاقل، وربما آخرين سُعاة نحو الشُهْرَة وركوب ما يُسمَّى بالتريند. 


واجب عزاء.. وتصرُّف أحمق


في أُضحُوكة جديدة، قدّم أحدهم واجب التعازي في وفاة شخص مرموق وأعلن الحداد الرسمي، بل ووقته، وجعلت وسائل الإعلام تكتب عن هذا السلوك، وبالفعل كانت محاولة موفقة لركوب "التريند".
 وفي محاولة للظهور أقدم شاب صيني على  أكل نحلة لجلب المزيد من المشاهدات عبر صفحته الشخصية، فكانت النهاية القاسية أنه حين محاولة ابتلاعها وهي على قيد الحياة، كادت تتسب في كارثة صحية فانتفخ وجهه وأخذ يعاني من ورم شديد؛ ليحصد بالفعل ملا يين المشاهدات ولكن داخل المشفى.
باستعراض مواقف كثيرة نجد ان أرسطو كان بعيد النظر في مجتمع يعاني في الكثير من جنون الشهرة، والولع بالظهور، والللهث وراء نجومية زائفة لا تجني سوى المزيد من الخلل الذي هو أكثر فتكًا من المؤامرات والتخريبات التي تخشاها عُظمى الكيانات.
فحبَّ انتحال الأدوار أضفى نوعًا  من الكوميديا السوداء التي لن نحتاج إلى دراما موسمية لاستعراضها عبر الشاشات، حيث نعايشها داخل واقع يسعى أفراده نحو "اللَّاواقع". 
وختامًا أصبح يمتلئ السوشيال ميديا بالكثير من المضحكات المبكيات التي حين نراها نتعجَّب، فنسأل في اندهاش "كيف صرنا هكذا؟"..
فتكون الإجابة  "لاعجب".
ودمتم،،