حوار| عباس شراقي: اكتمال ملء سد النهضة خلال 4 سنوات.. ولن نشتري المياه من إثيوبيا

تقارير وحوارات

الدكتور عباس شراقي
الدكتور عباس شراقي


كشف الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، آخر تطورات سد النهضة الإثيوبي، وحقيقة بيع المياه لمصر من جانب إثيوبيا.

وقال شراقي في حوار خاص لـ "الفجر" إنه من المستحيل بيع مياه نهر النيل لمصر من جانب إثيوبيا، متوقعا اكتمال ملء سد النهضة خلال 3 أو 4 سنوات قادمة.

وأوضح أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة أن السد العالي أنقذ مصر من مخاطر سد النهضة، مشيرا إلى أن العمل العسكري ضد السد يظل قائما حتى بعد اكتمال الملء الكلي للسد، وإلى نص الحوار:

ما دلالات غلق بوابتي التصريف وكم كمية المياه المخزنة في مراحل الملء الثلاثة لسد النهضة؟

إثيوبيا لها إعلانات أخرى مختلفة عن الواقع بعض الشيء، ولكن الواقع أن إثيوبيا بدأت التخزين هذا العام يوم 11 يوليو وانتهت يوم 11 أغسطس بما يعادل شهر كامل للملء الثالث لسد النهضة، وخلال هذا الشهر تم تخزين 9 مليارات متر مكعب من المياه بالإضافة إلى 8 مليارات متر مكعب من تخزين العامين الماضيين ليكون إجمالي التخزين في بحيرة السد 17 مليار متر مكعب، ومع استمرار الفيضان في شهر 8 و9، ويوجد الآن في بحيرة السد 2.5 مليار متر مكعب مياه بالإضافة إلى الـ 17 من التخزين ليصل إجمالي المياه إلى 19.5 مليار متر مكعب، وسيتم تصريف الـ 2.5 مليار متر مكعب سيتم تصريفهم ليعود الوضع لمستوى 17 مليار متر مكعب.

وبالنسبة لموضوع غلق البوابات فليس له قيمة في وقت الفيضان لأنه يمر أعلى الممر الأوسط في شهر أغسطس في المتوسط نحو 500 مليون متر مكعب في اليوم الواحد، والبوابات الاثنين بيمرروا نحو 60 مليون متر مكعب يوميا وبذلك لا تؤثر سواء مفتوحة أو مغلقة، لكن في وقت التخزين لم تكن أي كمية مياه تمر إلا من خلال البوابتين، لكن حاليا يمر يوميا 500 مليون متر مكعب مياه من الممر الأوسط وحاليا في شهر سبتمبر يمر يوميا 400 مليون متر مكعب مياه.


وصور الأقمار الصناعية على مدار الـ 15 يوما الأخيرة لم تظهر أي تشغيل للتوربينين خلال هذه الفترة، ورصدنا 3 صور متتالية بفارق 5 أيام بين كل صورة أوضحت أن التوربينات لا تعمل، ربما بسبب مشكلات فنية أو بسبب كمية الطمي التي تصاحب موسم الفيضان.
ويتبقى على نهاية موسم الفيضان نحو 3 أو 4 أسابيع، وكمية المياه التي تمر من خلال التوربينات ضعيفة للغاية ولا تؤثر على عملية توليد الكهرباء، وأعتقد أنه لا يوجد استفادة حقيقة من الكهرباء المولدة عبر التوربينين، ورغم أن إثيوبيا احتفلت بتشغيلهما إلا أن كمية الكهرباء المولدة منهم لا تذكر كما هو الحال بالنسبة لكمية المياه التي تمررها التوربينات، ولا يوجد إنتاج كهرباء حقيقي من سد النهضة حتى الآن.
 

ما عدد عمليات الملء التي تتوقعها لاكتمال تخزين 74 مليار متر مكعب؟

يوجد الآن 17 مليار متر مكعب في البحيرة وإذا تم تشغيل التوربينين خلال الأشهر القادمة يمكنهما تفريغ نحو 2 مليار متر مكعب مياه من مخزون البحيرة الحالي، وسيتم تعويض هذه الكمية خلال بداية موسم الأمطار القادم ثم يبدأ التخزين الرابع لسد النهضة، وكميته لا يمكن تحديدها ولا حتى إثيوبيا نفسها، والملء الرابع لسد النهضة سيكون مع موسم الفيضان القادم خلال أشهر 7 و8 و9 من عام 2023 بشرط أن يتم قبل موسم الفيضان تعلية جسم السد لاستيعاب كمية المياه الجديدة المستهدف تخزينها.

وتتم عملية التعلية لجسم سد النهضة من خلال تعلية جانبي السد أولا ومن ثم تعلية الممر الأوسط، ومن المتوقع أن يتم خلال السنوات القادمة تخزين في حدود 10 أو 15 مليار متر مكعب من المياه كل عام، وذلك لأن أعمال إنشاء السد الحالية فيها الكثير من الأمور الفنية بسبب التوربينات وبوابات التصريف، لكن بعد الانتهاء من هذه المرحلة سيكون الأمر فقط عبارة عن تعلية خرسانية للسد تستغرق وقتا أقل، ونتحدث عن أنه في حدود 3 أو 4 سنوات سيتم الانتهاء من ملئ سد النهضة بالكامل.

ماذا يعني الوصول لتخزين 74 مليار متر مكعب من المياه؟

حال وصول إثيوبيا إلى تخزين 74 مليار متر مكعب من المياه وهي النسبة المستهدفة للتخزين الإجمالي سيكون على إثيوبيا تمرير المياه بشكل مستمر وذلك لتخفيف الضغط على السد وتشغيل التوربينات، ونتحدث عن تخزين من 10 لـ 15 مليار متر مكعب سنويا حتى ملء السد بالكامل حتى يمكن تشغيل التوربينات بأعلى كفاءة.

كم عدد توربينات سد النهضة؟

تبلغ عدد توربينات سد النهضة الإجمالية 13 توربينا وسيكون التشغيل بالتناوب وحسب الاحتياجات لكمية الطاقة الكهربائية المنتجة من السد.

هل أصبح سد النهضة أمرا واقعا يستحيل معه العمل العسكري؟

بمرور الوقت وزيادة مستوى التخزين استخدام الخيار العسكري يكون أصعب لكنه لا يستبعد على الإطلاق، استخدام الحل العسكري يكون أسهل حال كان في ظل انخفاض منسوب البحيرة لكن لكل وضع تعامل خاص به، والعمل العسكري لا يمكن الجزم بأنه مستبعد، ومفيش مسؤول مصري لوح باستخدام هذا الحل ولكن دائما يتم التأكيد على أهمية الحوار والتفاوض السلمي، وفي رأيي الحل العسكري لن ينتهي حتى لو تم ملء سد النهضة بالكامل ووصل إلى سعته القصوى.

ماذا عن غرق السودان حال ضرب السد أو انهياره؟

عملية ضرب سد النهضة تحتاج إلى تفاصيل فنية ودقة في التنفيذ لهذه الأعمال من أجل الخروج بأقل الخسائر في ظل تنفيذ الهدف المطلوب الوصول له.

ماذا عن السد الركامي أو سد السرج؟

السد الرئيسي يمكنه حجز ما يقرب من 18 مليار متر مكعب مياه، وزيادة المياه عن هذا المستوى ستعود إلى الوادي من جديد وإثيوبيا أغلقت الوادي من خلال بناء سد السرج، ويتوقع أن يدخل سد السرج الخدمة حال تجاوز التخزين خلف السد الرئيسي 18 مليار متر مكعب من المياه، والذي يحجز نحو 7 مليارات متر مكعب من المياه حال اكتمال الملء الرابع العام المقبل.

هل عملية الملء الثالث لسد النهضة لم تؤثر على مصر؟

لم يشعر المواطن بأي ضرر في الوقت الحالي، ولكن في الواقع حصة مصر من المياه للعام الحالي ستقل بقيمة 9 مليارات متر مكعب من المياه وهي كمية التخزين الثالث لسد النهضة، وهذا النقص في حصة مصر لا يشعر به المواطن بسبب مخزون السد العالي حيث يتم تمرير كمية ثابتة من المياه من السد العالي وبالتالي النقص في كمية المياه الواردة لمصر سيتم تعويضها من قبل مخزون السد العالي وهذا بدوره سيؤدي إلى تراجع احتياطي المياه خلف السد العالي.

وتنفق مصر أموالا كبيرة جدا من أجل تعويض هذا النقص من المياه، عبر إقامة عدة مشروعات لتحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحي والصرف الزراعي وتكلفة هذه المشروعات يتحملها المواطن المصري.


ومعالجة المليار متر مكعب مياه بـ 7 مليار جنيه وحتى تعوض مصر الـ 9 مليارات متر مكعب التي تم خصمها من حصتها من مياه النيل سنحتاج إلى عشرات المليارات من الجنيهات.

ماذا كنا سنفعل لولا وجود السد العالي؟

لو مفيش السد العالي كانت هتبقى كارثة والزراعة وقفت والناس مش لاقية مياه في البيوت، إحنا حاربنا العالم علشان نعمل السد العالي وجهود الدولة منذ عهد الرئيس عبدالناصر حتى الآن هي التي لم تجعل المواطن يشعر بالتأثير المباشر لسد النهضة حتى الآن، والسد العالي أنقذ مصر من سد النهضة

هناك توقعات بوجود أزمة في الأمطار على إثيوبيا ودول الجنوب خلال السنوات المقبلة، ما تأثير ذلك على النيل؟

لا يمكن لأحد أن يجزم بشكل قاطع شكل مواسم الأمطار المقبلة وهل سنشهد فترات جفاف أم لأ، ومنسوب نهر النيل في المتوسط أو أعلى قليلا منذ عام 1988 حتى الآن، وتحاول مصر الاستعداد لكافة السيناريوهات المختلفة وخاصة فيما يتعلق بإمكانية حدوث جفاف في الأمطار خلال السنوات القادمة.

كيف ترى ما يتردد بشأن سعي إثيوبيا لبيع مياه النيل لمصر؟

من المستحيل بيع المياه في حوض النيل وخاصة من جانب إثيوبيا لمصر، وحينما أنشأت مصر السد العالي كان بمثابة الحصن لعدم الخضوع أو الرضوخ للتوجهات الإثيوبية، وفي حالة تخزين المياه من جانب إثيوبيا وعدم فتح بوابات السد لتوليد الكهرباء، وطلبت من مصر شراء المياه فلن توافق مصر وستعتمد على مخزون السد العالي ولن تتمكن إثيوبيا من حجز كامل المياه لعدة أشهر أو بضعة سنوات، وستضطر إثيوبيا إلى تصريف المياه في نهر النيل حتى لا تغرق أراضيها.