القمص يوحنا نصيف: المسيح لم ينتقص من قدر القديسين

أقباط وكنائس

بوابة الفجر

فسر القمص يوحنا نصيف، راعي الكنيسة القبطية في شيكاغو، النص الإنجيلي القائل: «الأصغر في ملكوت الله أعظم منه»، وقال: «للقديس كيرلس الكبير تعليق غنيّ، حول هذه العبارة، التي قالها الربّ يسوع عن القدّيس يوحنّا المعمدان، بعد أن مَدَحَهُ، وأكّد أنّه ليس في مواليد النساء نبيٌّ أعظم منه!»

وأضاف في دراسة له خرجت عن تفسير إنجيل لوقا للقدّيس كيرلّس السكندري (عظة 38)، إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائيّة، ترجمة الدكتور نصحي عبد الشهيد: أنتم الذين تعطشون لمعرفة التعاليم الإلهيّة، افتحوا مخازن عقولكم، وأشبِعوا أنفسكم بالكلمات المقدّسة.. لأنّ النَّهَم في الأمور التي تبني، هو صِفة جديرة بالاقتناء، وكان هناك البعض يستكبرون بسبب ممارستهم لما يطلبه الناموس، مثل الكتبة والفرّيسين.. وكانوا على هذا القياس يطلبون أن تُزَيَّن رؤوسهم بالكرامات. وهذا هو السبب في أنّهم لم يقبلوا الإيمان بالمسيح.. لذلك فكان غرض المسيح مخلّص الكلّ أن يبيّن لهم أنّ الكرامات الخاصّة بالخدمة الدينيّة والأخلاقيّة التي حسب الناموس، هي ذات قيمة صغيرة، وليست جديرة بالسعي للوصول إليها، أو حتّى ربّما هي لا شيء بالمرّة وغير نافعة للبنيان، بينما النعمة التي بواسطة الإيمان به هي عربون البركات الجديرة بالإعجاب، وهي قادرة أن تزيِّن أولئك الذين يملكونها بمجد لا يُقارَن».

وتابع: «التبرير بالمسيح أي بالإيمان به، يفوق أمجاد البِرّ بالناموس، لهذا السبب فهو يُبرِز المعمدان أمام الجميع كواحد قد وصل إلى أعلى مكانة في البِرّ بالناموس، وهو مستحِقٌّ لمديح لا يُقارَن. ومع ذلك فإنّه يُحسَب كأقلّ من الذي هو أصغر منه.. ملكوت الله كما أوضحنا يشير إلى النعمة التي بالإيمان، التي بواسطتها نُحسَب مستحقين لكلّ بركة، ونُحسَب أهلًا لامتلاك المواهب الغنيّة التي تأتي من فوق من الله، لأنّ النعمة تُحرِّرنا من كلّ لوم، وتجعلنا أن نكون أبناء الله، وشركة الروح القدُس وورثة الميراث السماوي».

واكمل: «يوحنّا المبارك هو وكثيرون من الذين سبقوه مولودون من النساء، ولكن الذين نالوا الإيمان لا يعودون يُدعَون مواليد النساء، بل كما يقول الإنجيلي الحكيم: هم مولودون من الله... لأنّنا قد وُلِدنا ثانيةً بالتبنّي لنكون بنين "ليس من زرع يفني بل بكلمة الله الحيّ الباقي إلى الأبد" كما يقول الكتاب، فأولئك الذين ليسوا من زرع يفني، بل بالعكس قد وُلِدوا من الله، هم أعظم من أيّ واحد مولود من امرأة.. هؤلاء لهم آباء أرضيين، أمّا نحن فلنا ذاك الذي هو فوق في السماء. لأنّنا قد نلنا هذا أيضًا من المسيح، الذي يدعونا إلى تبنِّي البنين، والأُخُوَّة معه».

واردف: «لذلك حتّى لو كُنّا أقلّ من أولئك الذين تمّموا البرّ الذي بالناموس.. إلاّ أنّنا نحن الذين نلنا الإيمان بالمسيح قد تزوّدنا بامتيازات أعظم، وينبغي ان نضع في ذهننا أنّه رغم أنّ المعمدان المبارك كان عظيمًا هكذا في الفضيلة، إلّا أنّه اعترف بوضوح أنّه محتاج للمعموديّة المقدّسة»..

واختتم: «المسيح لا يجادل ضدّ كرامات القدّيسين، وليس هدفه أن يُقلِّل أو أن يُصغِّر من قيمة أولئك الرجال القدّيسين، الذين قد وصلوا سابقًا إلى النُصرة، بل كما قلت إنّه بالحريّ يُبرهن أنّ طريقة الحياة الإنجيليّة هي أعلى من العبادة الناموسيّة، وأن يُتوِّج الإيمان بكرامات فائقة، وذلك لكي ما نؤمن به جميعًا. لأنّنا هكذا ندخل بواسطته ومعه إلى ملكوت السموات».