كيف أنساها يا صديقي؟.. جدلية الحب الأول

مقالات الرأي

بوابة الفجر



سألني كما يعتاد دومًا ذلك الصديق البعيد، هذا الشغوف القريب بروحه، الوَلِه بالبحث حول الأمور والجدليات، مرسلًا لي شكواه عبر الأثير، خلال إحدى التطبيقات الاجتماعية، في أقصوصة بريدية قصيرة، يقول:


حبٌّ غير عاديّ


"صديقي.. أحببتها حبًا غير عاديّ، مع أول لقاء صار الإعجاب يتدفق المجىء والرواح بين قلبينا، تبتسمُ في حياء فأبادلها في تردد، صرنا العاشقين، في زمن المخاوف يا صديقي، صرنا نتبادل الإعجابات في صمت دون التفوه ببنت شفة.
أخشى أن أصارحها، ربما الصدمات التي تقابلنا لن يشفع عندها الحب، فرغم رصانتها، أخشى عيوبها، وأعشق جنونها، أتجنب مراهقتها، وأرغب مسايرتها، هي يافعةٌ حدّ الواقعية، صبيانيةٌ حدّ الخيال،  لا أعلم هل هذه هي الازدواجية في المعايير أم أنني ضعيف لدرجة أن لا طاقة لي على اتخاذ قرار. 
لم أحب من قبل، هي الحب الأول، وحين تكون كذلك فستكون القرار الأول، ستكون الاستجابة الأولى، ستصبح الغرام الأول، والعشق الأول..
خبِّرني كيف أنساها؟  
 

ردٌّ سريع


في رد سريع:
"أجِب حبها فورًا لا تعارض ذلك الشوق الجارف، قاتل ذلك العنيد، ذلك الخوَّاف الذي يطوف عليك بوساوس الخيبات، وأشرق شمس أصبوحتك من ذلك الثغر البسوم.
صدقني.. أن تنساها عن عشق غير أن تنساها عن عقل، فلو كان عن عقل لنسيتها بالقرار، ووجدت ألف سلوى وسلوى لقلبك الأفول، وإن كان عن عشق لنسيتها بالوجدان، فإن العشق قتَّالٌ وفتَّان، مكير ووقَّاد، ستخرج من حيرتك الضالة نحو حيرتك المستنيرة، ستكون في موضع المنتقي المرتاح، تحار بين طيبة قلبها ووله الشوق في عينيها، وذلك الحلِّ الحلالِ.. نعيم الله في الأرض، وبمشيئته القدير خليلة السماء.
ستتزوجها. ربما.. وستعيشان قصتكما الخاصة جدًا، بعيدًا عن الرومانسيات المثالية، ستكونان الحقيقة الحياتية، دون البراجماتيات المملة، أنتما الأصلح لبعضكما البعض، بنور المحبين وإقبال العاشقين، تقطفان من ثمار الحب، تواجهان حرب الحياة، تقتات طيور الحب من فيض العشق الجارف، وتنشرها على صغار المحبين؛ ليتعلَّموا.
واجها الحياة سويًا.. أقبلا على العمر تعيشانه، تواجهان وجهي الدنيا الضاحك والعبوس، استمتعا بقربٍ دَفِيِءٍ، بدلًا من بعد بارد لا روح فيه.   
ستنتهي أسطورة كيوبيد الحب، لتصنع أنت قرارك في حسم جدلية "الحب الأول".
عزيزي.. أخبرها بحقيقة مشاعرك.. صارحها.. لن يحتاج الأمر سوى كلمة.
ستنسى تلك الغريبة التي تخشى جنونها وصبيانيتها، لتذكر تلك الموهوبة، وتكون كلُّ مسارات البعد منسية، فتصبح الأقربُ من حبيبة..
وفي كل الأحوال ستنساها يا صديقي".