حسام زيدان يكتب: لماذا أكتوبر 73 حرب فاصلة؟

أخبار مصر

العبور العظيم
العبور العظيم

يكتشف العقل مرارًا وفي الذكرى التاسعة والأربعين لنصر أكتوبر العظيم.. أنه نصرًا نادرًا في تاريخ العسكرية المصرية.. نصرًا على زنة انتصار تحتمس الثالث في موقعة مجدو، وانتصار قطز في عين جالوت..
لماذا؟!

حرب فاصلة
 

لأنها حربًا فاصلة مثلهما، حربًا أوقفت الحلم الصهيوني التوسعي غربًا، حربًا أجهضت وليدًا سفاحًا كانت ستضعه المزعومة على أرض سيناء، حربًا خالفت التوقعات وتجاوزتها وصنعت من حاجز المستحيل معبرًا سهلًا في 6 ساعات اقتحمته وأجهضت أسطورة الحصن الذي لا يُقهر والجيش الذي لا يُهزم.

دهشة
 

حقيقة أندهش أيما اندهاش ممن يحاول أن يقلل من هذا النصر العسكري العظيم.. راقب معي جيدًا، مصر خاضت أربعة حروب سابقة على حرب أكتوبر، السابقة عليها مباشرةً كانت حرب الاستنزاف، والتي استنزفت "المزعومة" من ناحية، واستنزفت اقتصادنا من ناحية أخرى، وقبلها النكسة التي تلقيناها على حين غرة في عام 67، والتي انتهت بتحطيم آلياتنا وتركت جيشًا يكاد يكون مبعثرًا، ولكن لم يفت هذا في عضده ورد الصاع صاعين في موقعة راس العش، وبدأ ينهض من جديد، وقبل هذين الحربين كان العدوان الثلاثي عام 1956م، وكذا حرب اليمن التي مثلت نزيفًا طويلًا من دماء واقتصاد الشعب المصري.

تخيل معي
 

هل تتخيل ذلك يا صديقي؟، حروب متتالية يخوضها العسكري المصري مند عام 56 بدون عون دولي، ولا غطاء اقتصادي عالمي، حتى روسيا التي كانت تمثل دور الصديق في بعض الأحيان، لم تكن أكثر من ناظر العزبة الذي يلعب دور الخفير على بلادنا يحاول فقط تحجيمها لا مساعدتها.

صحوة المارد 
 

ثم تجمعت العبقرية المصرية سياسيًا وعسكريًا، أفاق عبد الناصر من كبوته وأدرك أخطاؤه، وبدأ في مراجعة كل الملفات على جميع الأصعدة ولكن لم يمهله القدر، وقبل أن يقضي أجلًا كان قد وضع خارطة طريق بناء العسكرية المصرية على أسس علمية وهي التي أكلمها السادات بحرفية ومهنية عالية للغاية.

المخابرات والأمن
 

رجال المخابرات سواء الحربية أو العامة بذلوا مجهودات خرافية، وإلى جانبهم رجال الأمن العام والمباحث العامة والأمن الوطني، وكل أفرع الأمن، ولكن كان للمخابرات شأن كبير في هذا الوقت.

الخداع 


استطاعوا خداع العدو، ومرروا الفيل أسفل أنف القط دون أن يشعر أو حتى ينتبه، فخطة الإعداد لحرب أكتوبر كانت من الصعوبة بمكان، حيث من المطلوب تجهيز مستشفيات، وتموين احتياطي، بطاريات إضاءة ومولدات للمدنيين احتياطية، وقود احتياطي، كل ما تتخيله من تفاصيل يجب توفيره مدة شهور قادمة داخل البلاد أي أن الحرب يلزم إعدادًا لوجيستيًا ضخمًا قد يلفت نظر العدو.

مرة أخرى رجال المخابرات
 

وتمكن رجال المخابرات من تغطية تلك الخطوات وإتمامها دون أن يشعر أشاوس الموساد بشئ، ومثال بسيط على ذلك كان من المطلوب إخلاء عدد من المستشفيات لاستقبال مصابي الحرب، وهنا ظهر طبيب حاذق كشف وجود فيرس في أحد المستشفيات، فأعلنت وزارة الصحة وقتها عن فحص شامل لجميع مستشفياتها، ثم أعلنت إخلاء عدد منها وتطهيره وإبقاءه في حالة تعقيم لفترة، وهكذا تم إخلاء العدد المطلوب.

وعلى الجانب الآخر استطاع رجال مخابراتنا خداع كل أجهزة أمن العدو وكشف نقاط قواه وتعطيلها وأبرز تلك العمليات كانت عملية تعطيل مضخات النابلم التي كان من المفترض لها أن تعمل فور بدء عبور أبطالنا، وتحول مياه القناة لنيران ولكن هيهات فهي لم تعمل من الأساس.

العبور 


مصر عبرت كل شئ في هذه الحرب، ويستطيع الجندي المصري تكرارها مرارًا لو تكررت له نفس الظروف، وصارت مصر هي المخلب في وجه التوسع الصهيوني، وسطرت العسكرية المصرية مجدًا تاريخيًا لن تمحوه أية افتراءات أو دعاية إعلامية مضادة من التي يحاول أن يروج لها العدو.