أشكو إلى ربي القدير ألوف الدنايا

حامد بدر يكتب: ليلة حب مُرَّة.. هكذا تعاودني الذكرى

مقالات الرأي

بوابة الفجر

 

الأجواء شبه باردة ومتقلبة، أصوات الصخب تقترب؛ إيذانًا ببدء احتفالات عيد الحب المصري الموافق 4 فبراير،  كلٌّ يغني لحبيبه ويشدو لأجله أحلى الألحان.
تنتشر الأغنيات بأصوات كوكب الشرق، والصافية فيروز، يخالطهما بعض أصوات شبابية وأخرى عشوائية تدعوا جميعًا إلى إحياء لحظات الحب؛ لأتذكر أنا في هذه الليلة محاولاتي في إحياء قلبي القديم الذي عانى مع عشقه الابدي، فأخفق مرَّات ومرَّات.

مصطفى أمين

أذكر دومًا اقتراح الكاتب مصطفى أمين أن يكون يوم 4 نوفمبر داخل مصر من كل عام عيدا للحب، بحيث يكون مناسبة لإبراز المشاعر الطاهرة النقية، مشاعر الحب والرحمة بين الناس.

كيف بدأت الفكرة؟

بدأت الفكرة حين نشر "أمين" مقالًا له في جريدة الأخبار اقترح فيه أن يكون رابع أيام شهر نوفمبر  هو يوم للحب والترابط العاطفي بين المصرين. 
كان السبب بدايته مشهدًا مأساويًا في اليوم المذكور لعام 1974، حين صادف الكاتب الصحفي جِنازة لأحد المتوفين، لا يتبعها سوى 3 أشخاص فقط، في أحد شوارع السيدة زينب؛ ليتأثر الكاتب، ويكتب عن ذاك المشهد الذي لا يتوافق أبدًا مع طبيعة الشعب المصري الأصيل، وبخاصة ونحن أهل الواجب والكرم.

ليس على سبيل الذكرى

تذكَّرت تمامًا المشهد السالف، وتذكرت قلبي المأزوم في حالته، وشرعتُ أكتُب عن جِنازة في دواخلي، أُوَدِّعُ فيها كل يوم ذات الوداع الأخير، الذي لا زال يشق فيَّ الجوارح القديمة، منذ أعواما خوالي.
عساني إن كتبتُ لك اهدأ، ليس على سبيل الذكرى، فكيف أذكرك وأنت لم ترحل، وكيف استوحش ناظريك إليَّ وصورتك دوما في حضور لم يطغ عليك غياب، أرقت فيك سيل الكلم، وعدت أفتق الجراح القديمة، عساي أستعيد صورة من نفسي الطاهرة منذ أن غادرتني.
أشفق على نفسي ولا أشفق عليها، وفي ذات الحين لا أرقى إلى ذاتي التي أرغب فيها، أرجو فيك يا أملي  رجاء الطامح في الثريَّا وهو بأدنى الأرض بين السكرات والخلوات.
أشكو إلى ربي القدير ألوف الدنايا، أقاتل نفسي أصرع ما لا يستحق القتال، أعذِبُ روحي وأضمد جراحها، وأثلج قلبي بالتصبير والتصبُّر، رغم أنك لست لي، كما أنك لستَ مَعِي، يا أملي وألمي.
أعاني ويلات حربي الذي أنهك القلب يا جميل المحيَّا ويا غريب الديار، ويا قريب الروح، أعزِّي فيك نفسي وأناشدها كما ناشدها الكاتب الراحل مصطفى أمين.



لا مناص.. ولكن

أعلم أنه لا مناص من الجروح، لكنَّ الحقيقة أنَّ الحبَّ باقٍ بفكرته النقية، باقٍ بالوداد، باقٍ بالصفاء، باقٍ بالطهر والعفاف الذي يملأ القلوب التي تعرفُ الحب.
من هنا.. لنجدد الدعوة مهما كانت الجراح.. فلليحبُّ بعضُنا بعضًاـ ولتبق القلوب المصريين على كلمة صادقة مهما كانت الأحزان.. وليكن الحب للجميع، وعلى الصالحين السلام، ومن الله المُرتجى.