عمار الشريعي.. تحدى إعاقته ليصبح أشهر "غواص في بحر النغم"

الفجر الفني

عمار الشريعي
عمار الشريعي

"كفيف البصر؛ بصير الفؤاد والسمع؛ حباه الله بموهبته الفذة".. هو عمار علي محمد إبراهيم علي الشريعي (عمار الشريعي)، الموسيقي والمؤلف والناقد المصري الشهير.

 

عمار الشريعي، هو أحد أعمدة الموسيقي في مصر، رغم فقده لنعمة البصر، حيث استطاع أن يترك بصماته في مجال الموسيقي المصرية من حيث الآلات والغناء والموسيقي التصويرية.

 

من هو عمار الشريعي؟

عمار علي محمد إبراهيم علي الشريعي، وُلد يوم 16 أبريل 1948 في مدينة سمالوط إحدى مراكز محافظة المنيا بصعيد مصر.

هو من عائلة مرموقة، والده كان من كبار المزارعين في مركز سمالوط وعضو بالبرلمان بعد ثورة 23 يوليو، بينما كان جده لوالده (محمد باشا الشريعي)، نائب بالبرلمان في عهد الملك فؤاد الأول.

أما جده لوالدته (مراد بك الشريعي)، كان مناضلًا وأحد أقطاب ثورة 1919، حيث كان من ضمن الذي حكم عليهم الاحتلال الإنجليزي بالإعدام.

 

موهبة خاصة منذ نعومة أظافره

لم تقتصر موهبة عمار الشريعي على العزف فقط، لكنه كان سباحًا محترفًا منذ طفولته، بجانب ذلك اشترى له والده بيانو للعزف عليه؛ تبناه الموسيقار كمال الطويل، خلال فترة دراسته، ثم توسع في علاقاته ليتعرف على الموسيقار الكبير يليغ حمدي.

خصصت وزارة التربية والتعليم، برنامجًا للطلبة المكفوفين الراغبين في دراسة الموسيقي، لتلقي علوم الموسيقى الشرقية على يد مجموعة من الأساتذة الكبار، وكان من بينهم عمار الشريعي، وذلك بمدرسته الثانوية.

وخلال فترة الدراسة، تمكن عمار الشريعي من إتقان  العزف على آلة البيانو والأكورديون والعود والأورج.

 

حياته العملية

كان عام 1970، بداية عمار الشريعي في حياته العملية، بعد تخرجه من الجامعة مباشرة، حيث بدأ كعازف لآلة الأكورديون في عدد من الفرق الموسيقية، فيما بزغ نجمه في آلة الأورج.

آلة الأورج، من أكثر الآلات تعقيدًا وصعوبة نظرًا لاعتمادها بدرجة كبيرة على الإبصار، لكن عمار الشريعي تحدى إعاقته وكان من أبرع العازفين على هذه الآلة في جيله.

وبعد خمس سنوات، تحديدًا عام 1975، بدأ في مجال التلحين وتأليف الموسيقى، وأنتج أول ألحانه للفنانة مها صبري وهو "إمسكوا الخشب"، إلى أن وصلت الألحان إلى أكثر من 150 لحنًا.


وكان لـ عمار الشريعي، دورًا في وضع الموسيقى التصويرية للعديد من الأفلام والمسلسلات التليفزيونية والإذاعية والمسرحيات.

وتجاوزت أعماله السينمائية 50 فيلمًا، التليفزيونية 150 مسلسلًا، وما يزيد على 20 عملًا إذاعيًا، وعشر مسرحيات غنائية استعراضية.

 

أبرز أعمال عمار الشريعي

قام بغناء، أغاني فيلم البريء (محبوس يا طير الحق - الدم)، رباعيات داخلية من مسلسل ريا وسكينة، رباعيات داخلية بمسلسل الأيام لعميد الأدب العربي طه حسين، 
تتر البداية والنهاية لفيلم كتيبة إعدام، تتر النهاية في مسلسل عصفور النار، وأغنية مشتركة مع فردوس عبد الحميد في نفس المسلسل.

الحديث عن عمار الشريعي، لا يُعد ولا يُحصى، لكن تجدر الإشارة إلى أنه قام بتأليف كونشرتو لآلة العود والأوركسترا ومتتالية على ألحان عربية معروفة وعزفهما مع أوركسترا عمان السيمفونى عام 2005.

قام بالتعاون مع شركة (ياماها اليابانية)، واستنبط ثلاثة أرباع التون من الآلات الإلكترونية، أما مع شركة (إميولتور الأمريكية)، شارك في إنتاج عينات من الآلات تقليدية والشعبية المصرية والعربية.

كان لـ عمار الشريعي، الفضل في ابتكار  العديد من الإيقاعات والضروب الجديدة، وإعادة صياغة وتوزيع  العديد من المقطوعات الموسيقية والأغنيات.


وفي تجربة خاصة بالمكفوفين، ساهم مع مؤسسة دانسنغ دوتس الأمريكية، في إنتاج برنامج "جود فيل"، لتقديم نوتة موسيقية بطريقة برايل للمكفوفين.


وبعنوان "غواص في بحر النغم"، قام بتقديم وإعداد برنامج إذاعي لتحليل وتذوق الموسيقى العربية، منذ عام 1988، كما أعد وقدم برنامج "سهرة شريعي" مع قناة دريم الفضائية المصرية.


وتولى منذ عام 1991، وحتى عام 2003 وضع الموسيقى والألحان لاحتفاليات أكتوبر التي تقيمها القوات المسلحة بالتعاون مع وزارة الإعلام.

عُين أستاذًا غير متفرغ بأكاديمية الفنون المصرية في عام 1995.

 

جوائز عمار الشريعي

حصل على جائزة مهرجان فالنسيا، إسبانيا، عام 1986 عن موسيقى فيلم البريء، جائزة مهرجان فيفييه، سويسرا، عام 1989.

وحصد وسام التكريم من الطبقة الأولى من السلطان قابوس بن سعيد، سلطنة عمان، عام 1992، ووسام التكريم من الطبقة الأولى من الملك عبد الله بن الحسين - ملك المملكة الأردنية الهاشمية.

كما حصل على العديد من جوائز الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما ومهرجان الإذاعة والتليفزيون عن الموسيقى التصويرية من عام 1977 حتى عام 1990.

عمار الشريعي، حصد جائزة الحصان الذهبي لأفضل ملحن في إذاعة الشرق الأوسط لسبعة عشر عامًا متتالية، كما حصل  للمرة الثانية على وسام التكريم من الطبقة الأولى من السلطان قابوس بن سعيد، سلطنة عمان، عام 2005.

 

وفاة عمار الشريعي

الشريعي فارق الحياة يوم 7 ديسمبر عام 2012 في إحدى المستشفيات، عن عمر يناهز الـ64 عامًا، إثر أزمة قلبية تعرض لها خلال تضامنه مع المحتجين في ميدان التحرير للمطالبة برحيل الرئيس الأسبق حسني مبارك، وخضع خلال هذه الشهور إلى العددي من العمليات في القلب والرئة.