حامد بدر يكتب: فلسطين تطلب الفتوى.. إلى متى شرعية الدولة وظلم الكيان؟

مقالات الرأي

بوابة الفجر


تعود جذور القضية الفلسطينية إلى عام 1915 وما قبل فرض الانتداب عليها التي قد منحتها عصبة الأمم حتى عام 1947؛ لتنتقل فيما بعد إلى مرحلة تقسيم القدس بحكم الأمر الواقع وحرب فلسطين عام 1948، ثم جهود الأمم المتحدة لإقامة نظام دولي داخل القدس، وبعد ذلك بمراحل نكسة 1967 التي واجهتها مصر، ومن بعدها تم تطبيق مشروع الاستيطان ومصادرة أراضي الفلسطينيين، وحتَّى يومنا هذا؛ لتبقى الأزمة مستمرة وكارثية.
كل ما سلف مجرَّد مقدمة لم تأخذ حقها مهما طال الاسترسال عن جذور القضية، التي تنظر لها الأطراف الدولية غير العربية بمنظور يختلف، ومن المؤكَّد أنه يختلف كثيرًا، عمَّا ننظر إليه نحن العرب بطبيعتنا وأسلوب نظرتنا لأمر أرضنا الذي لا يعني لنا سبيلًا للمقايضة. ولكن طبيعة الأوضاع تحكم دائمًا بأن العالم لا يحكمه العرب فقط، وبالتالي ومع ارتضاءنا لنظام دولي يسير الأمور والأوضاع، ومن المفترض أنه يقيم توازنا للأمور سواء على سبيل النقاش والمداولة أو الحرب والصراع، فإننا نقبل بالكلمة الدولية؛ إيمانًا أولًا بأننا لسنا الوُحداء في العالمي، وكذا أن مواقف القوى النوعية لدى الدول والكيانات هو ما يدير حركة القرار وإمكانية اتخاذه ومن ثمَّ تنفيذه.  



طلب فتوى


إنَّ اعتماد اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة المختصة بالمسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار، قرار فلسطين بطلب فتوى قانونية، ورأيا استشاريا من أعلى هيئة قضائية دولية، "محكمة العدل الدولية" حول ماهية وجود الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي في أرض دولة فلسطين بما فيها القدس، لهو قرار صائب ينهي جدلية عقيمة حول المنظور نحو الممارسات الاستيطانية، والتي لا يمكن تفسيرها عقلانيًا بأنها إجراء دولي مشرع.
القرار الذي يعيد لنا بصيص النور في أن نجد رادعا دوليا عدلًا وشرعيًا يوقف مهزلة نعرفها جيدًا ولا نحتاج إلى من يشرح لنا دواعيها، التي تنأي بنها عن مصاف الإنسانية وتأخذنا نحو محيط غير رحيم وهمجي بمعنى الكلمة. فهذا القرار يعد تصوُّرا شابًا وجديدًا لبحث الأزمة بجدِّية، وبشكل حيوي، دون مداراة تدحض الأمل في حلٍّ.نهائي ومصير لإعادة البلد الكريم لأهله، وإعادة أهله له.

 

اللافت للانتباه


اللافت للانتباه أنّ عدد (98) دولة صوتت بالترحيب لصالح القرار وتأييدًا له، معربين عن أهميته في الوقوف للهمجية الاستيطانية، ومحاولة للبحث عن صيغة جديدة عادلة تناصر القضية الفلسطينية، بينما أعربت (17) دولة عن رفضها وإبراز موقف الـ "ضد".
لكنّه الللاغريب على العلاقات والسياسات الدولية أن  تمتنع (52) دولة عن التصويت  ولم تبدْ رأيًا نهائيًا، وهذا ما يجعلنا دومًا أمام نوايا دولية غير محددة عن الأزمة الفلسطينية، واللجوء إلى الموقف الصامت، بما يوحي أيضًا بضرورة التحقق من هذه الدول، ومعرفة مصالحها في الامتناع والتي قد تؤول لرفضها للقرار بسبب استفادات مع الجانب الإسرائيلي أو انتصارًا لبقاء الدولة الإسرائيلية أو إخفاء قبولها الذي ربما يعود إلى ضغوط يتم ممارستها عليها لاتخاذ موقف اللامعرب عن شيء.
ومن الملاحظ أنه في ذات القرار تزداد فيه تصويت الدول لتصل إلى 164 دولة لصالح تمديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وعدم قانونية المستوطنات، وكذا ازدياد 160 دولة لصالح قرار "ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين وإيراداتها"، وسبع دول ضد القرار، وامتنعت سبع دول عن التصويت، وهو ما يشير إلى تباين في زيادة عدد المواقف المؤيدة لصالح القضية الفلسطينية، وقلة عدد الرافضين وكذلك الممتنعين عن التصويت، بما يشير نحو نظرة ما غير جليَّة في الإعراب عن مواقفهم.

 

صامتة ومحيِّرة.. ولكن 


وبالرغم من أنّ فرقة الممتنعين عن التصويت صامته ومحيِّرة، إلا أنَّ خُطورتها تكمن في نقاط يمكن إيجازها في النقاط التالية: 
• إنَّ الصمت الذي تمارسه يعد قوة للضغط أو الانتصار لسلبية المواقف، وهو مالا يعد في صالح الوصول إلى حلّ أصلًا.
• أنَّ موقفها ينبع من عدم أهمية القضية لها، وربما يجعلها موضع استغراب أمام المتابعين سواء من ذوي الصفة الرسمية الدوليين والإقليميين أو حتى من الأفراد والمجتمعات، بأنَّها تشغلها قضايا أهم من ذلك من منظورها، بما يوحي بأهمية التوعية بجذور القضية لشعوب هذه الدول وكذلك إيصال الأصوات إلى حُكَّامها ومتخي القرار فيها.
• أنَّ نظرة إيديولوجية تنتصر للصمت نحو القضية الفلسطينية باعتبارها قضية إنسانية وتتصل بالشأن العقدي لدى المسلمين والمسيحيين في العالم، لا تأخذ هذا الكم من الاهتمام، بما يُوحي بأهمية التركيز على هذا الشأن في منتديات دولية، وإقليمية، ومجتمعية أخرى. 
• تبدو هنا نقطة هامة للغاية أن اجتماع اللجنة الرابعة في أثناء الجزء الرئيس من الدورة الـ77 لهذا العام 2022، تبدأ في يوم 29 سبتمبر وفي المدة من الثالث من  أكتوبر وحتى 11 نوفمبر "الجمعة" وهو ميقات إعلان التصويت على القرار وما يلحقه من قرارات أخرى، بما يعني أَّن للصمت ربما دوعي أخرى أو منظورًا لا يتبين للقارئ العادي.

 

أهمية القرار 


تقول المصادر الدولية ووسائل الإعلام  إن القرار احتوى فقرات تعالج الآثار القانونية الناجمة عن الخرق المستمر من إسرائيل لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني من خلال منظومة الاستعمار، والفصل العنصري القائم على اعتماد تشريعات وتدابير تمييزية، وفي ظل الممارسات والجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال وأدواتها المختلفة.
ويشير وزير الخارجية الفلسطيني، "رياض المالكي"، في تصريحات صحفية،  إلى سؤال وجهه الداعي الفلسطيني إلى محكمة العدل الدولية حول طبيعة غير القانونية والشكل طويل الأمل  لهذا الاحتلال الذي يصرُّ على الانتهاكات وممارسة ماهو مخالف للأعراف الدولية ولأي كيان معترف به يتسم بالرسمية.

الوضع الحالي لمثل هذا القرار، وبالتزامن مع مؤتمر المناخ المقام حاليًا في مدينة شرم الشيخ المصرية والذي تحضره 197 دولة حول العالم، عل سيجد صداه مرتفعًا لنصرة شرعية (الأرض) الدولة الفلسطينية ضد ظلم الكيان الصهيوني الهمجي؟
نسأل الله التساهيل،،