مصطفي صادق الرافعي.. حكاية شاب ثلاثيني فقد "السمع" وأصبح أيقونة في الأدب العربي

مصطفى صادق الرافعي
مصطفى صادق الرافعي

تعد حاسة السمع من النعم الربانية الكبيرة التي أنعم الله سبحانه وتعالى على ميع مخلوقاته بها، إلى جانب النعم والحواس الأخرى التي لا تعد ولا تحصى، فالسمع نعمة ربانية، ومصدر لكثير من الإدراكات والمعارف الحياتية.

ويمثل السمع 80% من المعارف والإدراكات، وهو صاحب النسبة الأكبر بين الحواس، حيث أن البصر يمثل نسبة حدودة الأهمية كوسيلة لتقصي المعلومات وتنقيتها، لذا فإن الأطفال أو الأشخاص الذين يعانون مثل هد الإعاقات هم أبطال بكفاحهم الذي يمثل عند أشخاص عاديين شيء عادي.

ويعتبر الأديب والكاتب الكبير مصطفى صادق الرافعي واحدا من العظماء الذين عانوا من فقد نعمة البصر، إلا أنه تحدى إعاقته ليصل إلى أعلى المراتب ويكون نقطة مضيئة في تاريخ الأدب المصري والعربي.

نشأة وميلاد مصطفى صادق الرافعي

ولد مصطفي صادق الرافعي في بيت جده لأمه في قرية بهتيم بمحافظة القليوبية في أول وعاش حياته في طنط وينتمي إلى مدرسة المحافظين وهي مدرسة شعرية تابعة للشعر الكلاسيكي لقب بمعجزة الأدب العربي.

دراسة مصطفى صادق الرافعي

دخل الرافعي المدرسة الابتدائية في دمنهور حيث كان والده قاضيا بها، وحصل على الشهادة الابتدائية بتفوق ثم أصيب بمرض يقال أنه التيفود أقعده عدة شهور في سريره وخرج من هذا المرض مصابًا في أذنيه، واشتد به المرض حتى فقد سمعه نهائيا في الثلاثين من عمره. 

مصطفى صادق الرافعي والشعر

لم يحصل الرافعي في تعليمه النظامي على أكثر من الشهادة الابتدائية، مثله مثل العقاد في تعليمه، فكلاهما لم يحصل على شهادة غير الشهادة الابتدائية. كذلك كان الرافعي صاحب عاهة دائمة هي فقدان السمع، ومع ذلك فقد كان الرافعي من أصحاب الإرادة الحازمة القوية فلم يعبأ بالعقبات، وإنما اشتد عزمه وأخذ نفسه بالجد والاجتهاد، وتعلم على يد والده وكان أكثر عمل عائلته في القضاء.

ويعتبر الرافعي هو من أطلق أول صرخة اعتراض على الشعر العربي التقليدي في أدبنا، فقد كان يقول: «إن في الشعر العربي قيودًا لا تتيح له أن ينظم بالشعر كل ما يريد أن يعبر به عن نفسه» وهذه القيود هي الوزن والقافية. كانت وقفة الرافعي ضد قيود الشعر التقليدية أخطر وأول وقفة عرفها الأدب العربي في تاريخه الطويل، وأهمية هذه الوقفة أنها كانت في نحو سنة 1910 وقبل ظهور معظم الدعوات الأدبية الأخرى التي دعت إلى تحرير الشعر العربي جزئيًا أو كليًا من الوزن والقافية

وفاة مصطفى صادق الرافعي

وفي يوم الإثنين العاشر من مايو لعام 1937 استيقظ الرافعي لصلاة الفجر، ثم جلس يتلو القرآن، فشعر بحرقة في معدته، تناول لها دواء، ثم عاد إلى مصلاه، ومضت ساعة، ثم نهض وسار، فلما كان بالبهو سقط على الأرض، ولما هب له أهل الدار وجدوه قد أسلم الروح، وحُمل جثمانه ودفن بعد صلاة الظهر إلى جوار أبويه في مقبرة العائلة في طنطا. توفي مصطفى صادق الرافعي عن عمر يناهز 57 عامًا.