أحمد ياسر يكتب: سياسة صفر كوفيد.. طريق مسدود

مقالات الرأي

أحمد ياسر
أحمد ياسر

هل تتذكر عندما كان من المفترض أن يكون تعامل الصين مع كوفيد -19 نموذجًا عالميًا؟.. نظر حكماء الصحة العامة الغربيون باعتزاز إلى سياسة بكين الخاصة بعدم انتشار كوفيد، كبديل لقرار أمريكا الديمقراطي الفوضوي بالتعايش مع الفيروس بعد عمليات الإغلاق الأولية الكارثية.

فمع اقتراب الذكرى الثالثة لتفشي فيروس كوفيد-19، تصدرت الصين عدد قياسي من الإصابات، وتجاوزت المعدلات اليومية ارتفاعات شهر أبريل الماضي في شنغهاي، والتي تم إغلاقها لمدة شهرين، انتشرت حالات تفشي المرض في جميع أنحاء الصين، وفرضت المدن عمليات إغلاق مرة أخرى، ووفقا لشركة "السمسرة اليابانية نومورا" أن أكثر من خُمس سكان البلاد تخضع لحركة مقيدة.

كان الاختراق الأخير، أمرًا لا مفر منه في دولة قارية كبيرة نظرًا لقابلية انتقال الفيروس المتزايد أثناء تحوره، وتتمثل مشكلة الصين الخاصة في أن سياستها الصارمة الخاصة بعدم انتشار فيروس كورونا المستجد قد تركت شعبها أقل حماية سواء باللقاح أو بالمناعة الطبيعية… وذلك لأسباب قومية، أولا: رفض الحزب الشيوعي قبول اللقاحات الغربية التي تكون أكثر فعالية من اللقاحات الصينية، ثانيا: عمليات الإغلاق الطويلة تعني أن عددًا أقل من الأشخاص قد تعرضوا للفيروس وطوروا مناعة طبيعية كما هو الحال في بقية العالم.

وعلي صعيد آخر،  كبار السن في الصين معرضين للخطر بشكل خاص، حيث تفتقر البلاد إلى سعة المستشفيات وأسرّة العناية المركزة للتعامل مع الأمراض الخطيرة المنتشرة. حسب أحد التقديرات، يمكن أن تؤدي إعادة الفتح بالكامل إلى 5.8 مليون حالة دخول للعناية المركزة في بلد به أقل من أربعة أسرة في وحدة العناية المركزة لكل 100.000 شخص، إصرار حكام الصين مبهمة، لكن هذا قد يفسر إصرار الحزب الدؤوب على التمسك بـ "صفر كوفيد" على الرغم من الأدلة العالمية على أن الإغلاق يؤخر انتشار المرض بينما يتسبب في أضرار اقتصادية واجتماعية كبيرة.


في أعقاب الزيادة في حالات Covid-19، في 18 نوفمبر، كانت "المتاجر غير الضرورية" في بعض مناطق العاصمة أول من أغلق، وتبعها إغلاق جميع المدارس لمدة أسبوع على الأقل،  وفي 22 نوفمبر، صدرت أوامر لبعض الشركات بأن يعمل 95٪ من موظفيها من المنزل، وتباعا ً مر إغلاق الحدائق والمتاحف اعتبارًا من يوم الخميس الماضي دون أن يلاحظه أحد تقريبًا.


كما هو الحال مع متطلبات اختبار PCR الذي لا يزيد عمره عن 48 ساعة للأشخاص الذين يرغبون في استخدام وسائل النقل العام أو دخول معظم الأماكن العامة، ومنذ أسبوعين وحتى الآن، تطلب الغالبية العظمى من الشركات ومراكز التسوق إجراء اختبارات أقل من 24 ساعة، بالإضافة إلى ذلك، صدرت أوامر لمئات الآلاف أو ربما  للملايين من سكان بكين بالبقاء في منازلهم.

 


وأخيرا ً، أعتقد أن كوفيد-19 أصبح مرضًا مسيسًا للغاية في الصين، وأي صوت يدعو إلى الانحراف عن المسار الحالي لـ صفر كوفيد سيعاقب"، وأصبح الخوف من العقاب الآن رسميًا وعميقًا بعد تحذير الرئيس شي، ضد أي شخص أوأي كلمات وأفعال تشوه أو تشكك أو تنكر سياسات الوقاية من الوباء في البلاد، ومع ذلك، فإن مستويات الصلابة في تنفيذ السياسة ليست موحدة، ويعتمد ذلك على مستوى الخوف لدى الحكومة المحلية، وبالتالي، نرى سياسات أكثر تقييدًا في بعض المجالات أكثر من غيرها.