كيفية إحرام المرأة للعمرة

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

اشترط الفقهاءُ شرْطَيْن أساسِيّيْن حتى يكون الإحرام صحيحًا؛ وهما: الإسلام والنيّة، وزاد فقهاء المذهب الحنفيّ شرطًا آخر؛ وهو شرط التّلْبية أو ما يقوم مقامه.

ويرى جمهور الفقهاء أن التلبية ليست شرطًا من شروط صحة الإحرام؛ فالمالكيّة يعتبرون التّلبية واجبةً في أصلها، واقترانها مع الإحرام سنّة، أما فقهاء المذهب الشافعي والمذهب الحنبلي يروْن أن التلبية سنّةٌ مطلقًا،[٢] وتفصيل ذلك فيما يأتي: المذهب الحنفي النية هي قصد القلب في الدخول بعمرةٍ أو حجٍّ، بدليل حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى)،


المذهب المالكي تكمن حقيقة الإحرام في نيّة الدخول بالنسك مع قولٍ أو فعلٍ يتعلّقان به، كالسير على الطريق لأداء النسك أو التلبية.
المذهب الشافعي تعني النيّة قصد القلب في الدخول بالحج أو العمرة أو كليهما معًا، ويجب أن يتم التعيين فيها، فإن كانت نية الإحرام دون تعيينٍ في أشهر الحج؛ صُرف الإحرام إلى الحج أو العمرة أو لهما معًا، فإذا فات وقت الحج يُصرف الإحرام للعمرة، ويكون الصرف بانعقاد النية لا باللفظ، ويجب أن يكون العمل بعدها، فالطواف أو السعي لا يعتدّ به إذا كان قبل النية، ويُستحبّ التلفّظ بالنّية، كقول: "نويت الحج أو العمرة، وأحرمت به لله -تعالى-".



وإن كان النّسك عن الغير يقول: "نويت الحج أو العمرة عن فلان، وأحرمت به لله -تعالى-"، ويصحّ الاقتداء بإحرام الغير، بدليل ما رواه الصحابي أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: (قَدِمْتُ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو مُنِيخٌ بالبَطْحَاءِ، فَقالَ لِي: أَحَجَجْتَ؟ فَقُلتُ: نَعَمْ، فَقالَ: بمَ أَهْلَلْتَ؟ قالَ قُلتُ: لَبَّيْكَ، بإهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: فقَدْ أَحْسَنْتَ).


المذهب الحنبلي لا بد من النية للدّخول في النّسك، ولا يكفي التلبية أو التجرّد من ثياب المخيط دون نية الدخول، كما لا يُشترط معها شيءٌ آخر، وتجدر الإشارة إلى أنه يصحّ الاشتراط بالإحرام عند الحنابلة والشافعية، كأن يقول المُحرِم: "اللهم إنّي أريد نُسُكَ كذا فيسِّره لي، وإن حبَسني حابسٌ فمَحِلِّي حيث حبسْتني". وذلك بدليل ما ثبت عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (دَخَلَ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- علَى ضُبَاعَةَ بنْتِ الزُّبَيْرِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي أُرِيدُ الحَجَّ، وَأَنَا شَاكِيَةٌ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: حُجِّي، وَاشْتَرِطِي أنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي)، وتكمُن فائدة الاشتراط بأن المُحرِم لو منعه مانعٌ عن النّسك بعذر؛ حلَّ من إحرامه، ولا يترتّب عليه عندئذٍ صومٌ، ولا قضاءٌ، ولا كفارة، ولا هدي.



كيفية إحرام المرأة للعمرة 


يجب على المرأة الإحرام من الميقات، وهذا الإحرام يحمل في مضمونه حِكمًا عديدةً؛ فهو أمرٌ تعبّديٌّ أمرنا به رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، والإحرام رسالةٌ للنفس للاستعداد، حيث إنها تتّجه إلى أعظم وأشرف وأطهر البقاع عند الله -عز وجل-،ويكون الإقبال على بيت الله الحرام بتهيئة النفس والبدن للبدء بهذه المناسك العظيمة، والتي تظهر من الميقات قبل الوصول إلى بيت الله الحرام ولا يوجد للمرأة لباسٌ خاصٌّ للإحرام، فتلبس ما شاءت من الملابس الساترة وغير اللّافتة، وعلى المرأة كشف الوجه والكفّين أثناء الإحرام، فقد سأل الصحابة رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- عن لباس المرأة أثناء الإحرام، فقال: (ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ).

ويستحب للمرأة القيام بعدّة عبادات عند الإحرام للعمرة، ومنها ما يأتي: الاغتسال يُستحبّ الاغتسال للمرأة قبل الإحرام، حيث يعدّ اغتسالًا خاصًا بالإحرام، حتى وإن كانت المرأة نفساءً أو حائضًا، بدليل أمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- للصحابيّة أسماء بنت عُميس -رضي الله عنها- بالاغتسال والإحرام مع كوْنها نفساء، وكذلك أمره لأمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بالغسل والإحرام وهي حائض.

وعند جمع الفقهاء بين الاغتسال والنظافة؛ ينحصر التنظيف بحلق العانة والإبط وتقليم الأظافر، أما الاغتسال فهو عام، ويعني تمرير الماء على البدن، والقيام بالتنظيف لا يكون أثناء الإحرام بل قبله، فقصّ وحلق الشعر مثلا من محظورات الإحرام.

ويرى الإمام مالك أن الاغتسال لا بدّ له أن يتّصل بالإحرام حتى تتحقّق السنة، فلا يكون بينهما فاصلٌ طويلٌ؛ كالاغتسال فجرًا والإحرام ظهرًا، فقد تتحقّق هنا سنة الاغتسال، لكن لا تتحقّق سنّة الوصل بين الاغتسال والإحرام، وتجدر الإشارة إلى أنه لا بأس بالوقت الفاصل القصير بينهما؛ كمقدار شدّ الرحال والتجهيز للتحرّك مثلًا. صلاة ركعتين قبل الإحرام إذا لم يُصادف ذلك فريضة واستدلّوا على ما ثبت في صحيح السنة النبوية أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أحرم بعد أن صلّى صلاة الظهر، وبالحديث القدسيّ عن رسول -صلّى الله عليه وسلم- قال: (اللَّيْلَةَ أتانِي آتٍ مِن رَبِّي، وهو بالعَقِيقِ، أنْ صَلِّ في هذا الوادِي المُبارَكِ، وقُلْ: عُمْرَةٌ في حَجَّةٍ).

تعريف الإحرام للعمرة يُعرّف الإحرام: على أنه نيّة الدخول لحجّ بيت الله الحرام، أو للعمرة، أو لِكليْهما معًا، أي الوقت المحدّد الذي ينوي فيه المسلم الدخول بنسك الحجّ أو العمرة، وقد سُمّي بذلك الاسم لأنّه يُحرّم على من دخله بعض الأمور التي كانت حلالًا له؛ كتحريم المخيط وتغطية الرأس للرجل والذي كان مباحًا قبل الإحرام، وغير ذلك من محظورات الإحرام، وأمّا العمرة لغةً: فتعني قصد وزيارة مكانٍ عامرٍ، فيُقال: اعتمر؛ أي أدّى العمرة،.

ويُقال: أعْمره؛ أي ساعده على أداء العمرة، ويُقصد بالعمرة اصطلاحًا: الطواف ببيت الله الحرام، والسعي بين الصفا والمروة بإحرام.