كل ما تريد معرفته حول كيفيّة الإحرام من الميقات

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

يُستحَبّ للحاجّ أو المعتمر أن يُحرِم على الصفة التي أحرم بها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وتتلخّص في ثلاث نقاطٍ، وهي كما يأتي: النية يُستحَبّ للمحرِم أن يذكُر نُسكه، فيقول إن كان مُعتمرًا: "لبّيك عمرةً"، ويقول إن كان مُنفردًا: "لبّيك حجًا"، ويقول إن كان قَارنًا: "لبّيك عمرةً وحجّا"، وإن كان مُتمتّعًا يقول: "لبّيك عمرةً"، ويدعو الحاجّ قائلًا: "اللهمّ هذه حجّةً لا رياء فيها ولا سُمعةً". 

فالاغتسال يُستحَبّ للرجل عند إحرامه للحجّ أو للعُمرة أن يغتسل، ويتنظّف، ويُعطّر بَدنه، ولا يُعطّر ثوبه، وأن يكتسيَ بإزارٍ ورداءٍ أبيضَين نظيفَين، وأن يتجرّد تمامًا من المَخيط، ثمّ يرتدي نعلَيْه. وأمّا للمرأة فإنّه يُستحَبّ لها الاغتسال إن أرادت الإحرام، حتى وإن كانت على حيضٍ أو نفاسٍ، ثمّ ترتدي ما شاءت من الملابس الساترة مُتجنِّبةً لباس الشُّهرة واللباس الضيّق، وتحذرَ من التشبُّه بلباس غير المسلمين، ولا ترتدي النِّقاب، ولا القفّازات.

كما أن  الإحرام بعد الصلاة يُستحَبّ للمُحرِم أن يُحرِم بعد الصلاة المفروضة، وليس للإحرام صلاةٌ خاصّةٌ به، فلا حرج عليه أن يُحرِم بعد ركعتَي سُنّة الوضوء، أو ركعتَي تحيّة المسجد، أو بعد صلاة الضحى، وعليه أن يستحضر النيّة في قلبه للدخول في النُّسك؛ سواء كان حجًّا، أو عمرةً، ويُستحَبّ إحرامه وإهلاله بعد الصلاة في المسجد. الإحرام قبل الميقات اتّفق الفقهاء على جواز الإحرام قبل الميقات، إلّا أنّه تعددت آرائهم في التفضيل بين الإحرام قبل الميقات، أم منه، وتفصيل ذلك كما يأتي، الجمهور ذهب المالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة إلى كراهة الإحرام قبل الميقات، وأنّ الأفضل الإحرام منه؛ واستدلّوا على ذلك بأنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وصحابته -رضوان الله عليهم- كانوا يُحرمون من الميقات، وهم لا يفعلون إلّا الأفضل، وأنّه يُشبه الإحرام بالحجّ قبل دخول أشهره، فهو مكروهٌ مثله. الحنفيّة قالوا إنّ الأفضل الإحرام قبل الميقات، بشرط أن يأمنَ على نفسه مُخالفة أحكام الإحرام؛ واستدلّوا على ذلك بقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن أهلَّ مِن المسجدِ الأقصى بعمرةٍ غُفِر له ما تقدَّم مِن ذنبِه)،] وقالوا إنّ الإحرام قبل الميقات تكون فيه المَشقّة أكبر، والتعظيم أوفر، فيكون بذلك أفضل.


◄الإحرام بعد تجاوُز الميقات

 


اتّفق العلماء على أنّ مَن جاوز الميقات دون إحرامٍ وهو قاصدٌ لنُسك الحجّ أو أداء العُمرة وجبَ عليه الرجوع إلى الميقات، والإحرام منه، وهو يأثم إن أحرم ولم يرجع إلى الميقات دون وجود عُذرٍ، وتترتّب الفِدية عليه إن أحرم بعد ذلك دون أن يعود، ولا تلزمه العودة إلى الميقات حينها، إلّا أنّه تعددت آرائهم في مَن تجاوز الميقات وأحرم بعده، ثمّ رجع إليه مُحرِمًا؛ بلزوم الفِدية عليه، أم لا، وبيان ذلك على النحو التالي: القول الأول لزوم الفِدية عليه، وهو قول الإمام مالك، وزُفَر من الحنفيّة، وأكثر الحنابلة؛ واستدلّوا على ذلك بما ورد عن عبد اللهبن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: (إنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وقَّتَ لأهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، ولِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، ولِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، ولِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لهنَّ، ولِمَن أتَى عليهنَّ مِن غيرِهِنَّ مِمَّنْ أرَادَ الحَجَّ والعُمْرَةَ، ومَن كانَ دُونَ ذلكَ، فَمِنْ حَيْثُ أنْشَأَ حتَّى أهْلُ مَكَّةَ مِن مَكَّةَ)، القول الثاني إن رجع إلى الميقات مُلبِّيًا لم تلزمه الفِدية، وإن رجع دون أن يُلبّي لزمته، وهو قول الإمام أبي حنيفة؛ واحتجّ بقوله على أنّ المتروك بمُجاوزة الميقات هي التلبية؛ فبالتلبية يكون قد أدرك ما فاته. القول الثالث إن رجع قبل أداء عملٍ من أعمال الحجّ أو العُمرة؛ سواء كان رُكنًا، كالوقوف بعرفة، أو سُنّةً، كطواف القدوم، سقطت عنه الفِدية، وإلّا لزمته، وهو قول جمهور الشافعيّة؛ واحتجّوا بلزوم الفِدية عليه بعد تلبُّسه بنُسُكٍ؛ لأنّه عاد بعد انتهاء وقت الإحرام. القول الرابع عدم لزوم الفِدية عليه؛ سواء لبّى، أم لم يُلَبِّ، وهو قول الإمامَين: أبو يوسف القاضي، ومحمّد بن حسن الشيبانيّ من الحنفيّة؛ واحتجّا على ذلك بأنّ حَقّ الميقات في مُجاوزته أن يكون مُحرِمًا، وليس إنشاء الإحرام منه.

 


ماذا يعني لفظ الإحرام؟

 

يدلّ لفظ الإحرام في اللغة على عِدّة معانٍ تختلف باختلاف صورها، إلّا أنّ المعنى الجامع لها من الجذر (حَرَمَ)؛ أي مَنَعَ منعًا شديدًا، والإحرام في صورة الحجّ أو العُمرة هو: أن يدخل المسلم المُحرِم في حُرُماتٍ ينبغي عليه ألّا يهتكها، وهذه الحُرُمات هي الأعمال التي تَحرُم عليه؛ فلا يجترئ عليها وهو حاجٌّ، أو مُعتمِرٌ، أمّا في الاصطلاح الشرعيّ فقد تعددت آراء الفقهاء الأربعة في تعريفه، وهي كما يأتي: جمهور العلماء عرَّفَ المالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة الإحرام بأنّه: نيّة الدخول في حُرُمات الحجّ أو العُمرة دون اشتراط قولٍ، أو فِعلٍ مُعيّنٍ، إلّا أنّ المالكيّة قالوا بِلُزوم الفِدية على المُحرِم إن ترك التلبية، أو ترك التجرُّد من المَخيط حين النيّة. الحنفيّة عرَّف الحنفيّة الإحرام بأنّه: التزام حرُماتٍ مخصوصةٍ، ويتحقّق بأمرَيْن: النيّة، والذِّكر. ويُعرَّف الميقات بأنّه: مكان إحرام الحاجّ أو المُعتمر؛ للدخول في العبادة،.

كما قال عبد الله بن عباس: (وَقَّتَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لأهْلِ المَدِينَةِ ذا الحُلَيْفَةِ، ولِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، ولِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنازِلِ، ولِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، فَهُنَّ لهنَّ، ولِمَن أتَى عليهنَّ مِن غيرِ أهْلِهِنَّ لِمَن كانَ يُرِيدُ الحَجَّ والعُمْرَةَ، فمَن كانَ دُونَهُنَّ، فَمُهَلُّهُ مِن أهْلِهِ، وكَذاكَ حتَّى أهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْها).

وهناك فروقٌ بين الإحرام، والإحرام من الميقات، وبيانها على النحو التالي ويُعَدّ الإحرام رُكنًا من أركان الحجّ والعُمرة، بينما يُعَدُّ الإحرام من الميقات واجبًا من واجباتهما. يُفسِد ترْك الإحرام الحجّ والعُمرة، بينما لا يُفسدهما تجاوُز الميقات دون إحرامٍ؛ فإمّا أن يعود إلى الميقات ويُحرِم، أو أن يُحرِم بعد الميقات دون أن يعود وتلزمه فِديةٌ حينئذٍ.