حامد بدر يكتب: خِصال الخير.. حِصن الأمم

مقالات الرأي

بوابة الفجر

 

بات البعض يعتقد انَّ الحياة تمتلئ بالأزمات والمشاكل، دون وجود حلول لها. فافترض البعض فرضية باطلة أن الخير لن يعود أو أن أزمان البركة لن ترجع.

 فلعلنا نرى بعض تلك المنشورات المحبطة والتي تتسلل إلينا عبر وسائل النواصل الاجتماعي، لصالح صفحات ومجموعات افتراضية، لا تأتي بجديد.
لكنَّ خاطرة لو أتت على بال المرء منا، أضاءت بريق الأمل في الظلماء، وعادت به إلى طريق النور والسعادة والخير، فانقلب كأن لم يضرُّه شيئًا.

الخِضر بطلًا


علَّنا نستمع في إذاعة القرءان الكريم كل جمعة، سورة الكهف التي تسرد في آيات الذكر الحكيم قصة الخصر، ذلك الرجل الصالح الذي قابله سيدنا الموسى الكليم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام؛ لنتعلَّم الدرس العظيم الذي يرسِّخُ لمفهوم الخير في الحياة المجتمعية، التي تملئ بالكثير من المعضلات، ونفشّي ظواهرُ قد لا يحتملها الكتيرون.. ولكنَّها الحياة.
يقول الله تعالى في محكم آيات سورة الكهف في الآيات من 79 حتى 82، عن حوار الخضر الأخير مع سيدنا موسى: " أمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتۡ لِمَسَٰكِينَ يَعۡمَلُونَ فِي ٱلۡبَحۡرِ فَأَرَدتُّ أَنۡ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٞ يَأۡخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصۡبٗا ۝ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۝ فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا۝ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا۝"

الخير معجزة


المعجزة هنا الخير، الخير الذي ما بات في قوم أو مجتمع إلا قلب موازين الشرور، وضرَبَ بحساباتها عرض الحائط، فلو تأمَّلنا قليلًا ما فعله الخضر لوجدنا أنَّها معجزة، ولكن المعجزة الأكبر كانت في إرداة الخير التي سعى نحوها، فمكَّن له الله في الأرض، ليكمل إصلاحًا.
فالمَلِكُ الذي كان يأخذ كل سفينة عُنوَة، كان يمارس ما نراه في مجتعنا اليوم نوعًا من أنواع الإرهاب، وهي القرصنة والسطو على الممتلكات، دون وجه حق، وهي جريمة من الجرائم التي يحاسب عليها القانون الدولي، فانظر كيف كانت إرادة الخير أن تنقذَ فئةً لا تندرج أساسًا ضمن الشرائح المجتمعية المتعارف عليها، فهم مساكين، اشدُّ الفئات احتياجًا، فلا هم فقراء لهم حد أدنى من الأجور، ولا هم من فئة الصيَّدين، فقط يعملون في البحر، فئةُ مستباحة من كل ظالم.
وأمَّا الغلام كان رمزا لفساد، فما رأينا في تلك الرمزية غير أن نتخلص من كل سيء، ليس هذا نصًّ طبعًا، ولكنَّ خصال الفساد والفُرقة والاكاذيب التي ما إن تخلصنا منها كان للخير محِلًَّا بيننا، وأما الغلامان اليتيمان، فكانا في بيئة لا تراعي أدنى الذوقيات، فليست فيها خِصلة الإحسان أو استقبال الغريب، فكان أدنى  البناء والتشييد، حلًَّا رائعا، يضمن لهم مستقبلًا سعيدًا.

الخير حيلة من لا حيلة له


الخير حيلة من لا حيلة له، فمن بادر بالخير أضاءت له شموع الحياة، وصار يرى الأمور بنور الله، فما أن يُقبِلَ على الخير، حتى يجد الأمور سَلِسَة حَدَّ الرَّاحة والأريحية.
الخير سبيل قد نجده في كل مناحي الحياة، سواء من الفرد، أو المنظمات المجتمعية، أو الحكومات، أو حتى الهيئات الدولية الكُبرى، ففعلُ الخير هو أسمى الأفعال التي لا تُدرج أحدًا وفق المعايير، فالفاعل لن يسأل من يساعده، حيئذ، عن دين أو عِرق أو أصل، فقط يفعلُ الخير، فيغيِّرُ العالم.

مبادئ الخير في الفلسفة 


يقول الفلاسفة، وبالأخص أنصار الفلسفة الحديثة أنَّ الخير هي تلك القيمة العليا التي تعود إليها كلّ القيم.
أفرد الفلاسفة لمبادئ الخير من سعادة وعدالة فصولًا يقوم عليها كِتَاب الحياة، الذي مهما كثُرت صفحات البواطل والخذلان فيه تنهزم أمامها.
فالخير الخير بارككم الله.. ودمتم،،