وسط تصاعد أزمة التأشيرات.. فرنسا تزحف على قدميها لتحسين العلاقات مع المغرب

عربي ودولي

فرنسا والمغرب - أرشيفية
فرنسا والمغرب - أرشيفية

فتحت حرب التأشيرات باب الأزمة بين المغرب وفرنسا على مصراعيه، وبدأت تنتشر رائحتها بقوة، لا سيما بعد زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر، ولم تلقى هذه الأزمة الصامتة الرأي العام في المغرب العربي فقط، بل امتدت ليصل الاهتمام إلى تونس.

وبعد سلسلة الاستفزازات الفرنسية للمملكة المغربية، وتسمم العلاقات بين البلدين تزحف فرنسا اليوم، وتراقب الأبواب بحذر من أجل تحسين العلاقات بينهما.

زيارة فرنسية للمملكة المغربية

وفي سياق متصل، تحاول فرنسا تهدئة الوضع مع المغرب، شريكها التاريخي في منطقة المغرب العربي والحد من الأزمة القائمة بين الدولتين، وذلك دون أن ينعكس سلبًا في علاقاتها مع الجزائر، حسب فرانس 24 الفرنسية.

وتشير بعض المصادر الدبلوماسية إلى أن وزير الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، سوف تتوجه إلى الرباط منتصف ديسمبر الجاري، من أجل تحضير زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون المقررة في يناير المقبل، مضيفة أنه لا شيء ثابت حتى الآن ويمكن تأجيل الزيارة بشكل ودي.

وجاءت زيارة ماكرون المقررة منذ أشهر، في سياق لم يسمح بتحضيرها بيسر، وذلك بسبب تسمم العلاقات بين البلدين.

وتأتي على رأسها " أزمة التأشيرات" التي صدرت بقرار من الرئيس الفرنسي في 2021 والذي يتضمن بخفض تأشيرات الدخول الممنوحة للمغربيين إلى النصف، مستندًا على إحجام المملكة عن إعادة استقبال رعاياها المقيمين في فرنسا بصورة غير قانونية، ووصفت الرباط هذا القرار بغير المبرر والمنظمات الإنسانية غير الحكومية "بالمهين"

قضية الصحراء الغربية

وأثارت قضية الصحراء الغربية استياء المغرب، حيث تعتبر باريس متردده بهذا الشأن، وذلك بسبب علاقاتها مع الجزائر، الخصم الإقليمي، أما الجانب الفرنسي فلم يرق له.

ونشرت معلومات محتواها أن المغرب تستخدم برنامج التجسس الاسرائيلي بيغاسوس، من أجل التصنت على هواتف ايمانويل ماكرون، ووزراء آخرين في عام 2019، حسب فوربيدن ستوريزالفرنسية.

وبعد أن دامت هذه الأزمة لأشهر عديدة، تبادلا الرئيس الفرنسي والملك محمد السادس الاتصالات في الأول من نوفمبر المنصرم، وذلك على ضوء الزيارة القادمة لماكرون.

وذكر رئيس معهد المستقبل والأمن في أوروبا إيمانويل دوبوي أن هذه الزيارة مليئة بالمخاطر، مشيرًا  إلى أن هذه الزيارة تهدف إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، شريطة عدم ذكر مسألة الصحراء الغربية".

وفي السياق ذاته، اعترفت واشنطن في ديسمبر في عام 2020 بسيادة المغرب على المستعمرة الإسبانية السابقة، وذلك كان في مقابل استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل، وكان ذلك في إطار اتفاق تفاضي.

ولازالت الرباط تحث فرنسا التي لطالما دعمت المغرب في هذه الأزمة، بالاعتراف هي أيضا بسيادة المغرب العربي على الصحراء الغربية، كما فعلت إسبانيا، فقًا لـ فرانس 24.

وأشارت خديجة محسن الخبيرة في الشؤون السياسية، إلى أن فرنسا لا تريد أن تملى عليها سياستها حول الصحراء الغربية، وأن فرنسا تنوي اظهار أنه يمكنها إقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية تجارية، لكنها تقرر وحدها سياستها بشأن الصحراء الغربية.

وتابعت أن زيارة ماكرون لا تجدي نفعًا بهذا الملف، مضيفة أن إيمانويل ماكرون يريد إخراج العلاقات بين فرنسا والمغرب العربي من هذا الإرث التاريخي الثقيل


تنازلات حول التأشيرات

أما فيما يتعلق بمشكلة التأشيرات، تصطدم الرغبة في معاملة كل من المغرب وتونس والجزائر بالطريقة نفسها بأزمة الطاقة والسبب في ذلك الحرب في أوكرانيا، حيث أنها دفعت فرنسا للتقرب من الجزائر، وهي أيضا شريك في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، وذلك منذ انسحاب القوات الفرنسية من مالي

وتقوم المغرب منذ ذلك الحين تأمين منفذ إلى افريقيا جنوب الصحراء، حيث أنها تمارس "القوة الناعمة اقتصاديا منذ عام 2010، باعتبارها أول شريك تجاري لفرنسا في افريقيا.

وتجاهد باريس، لتحسين العلاقات الثنائية، ليس هذا فقط وانما تلجأ إلى تليين سياساتها الخاصة بالتأشيرات التي أثارت غضب المغرب لا سيما الطبقة الوسطى.

وأوضح بيان أنهم وضعوا شروط للحصول على تأشيرات قد يتم الرجوع عنها، لا سيما بعد أن أشار ماكرون أن هذه السياسة بدأت تظهر ثمارها.

أدلة على تحسن العلاقات

أما فيما يتعلق بتحسن العلاقات، فبعد إجازة لعدة أشهر بات السفير الفرنسي الجديد ينتظر موافقة الرباط لتولي منصبه، وينظر رئيس معهد المستقبل والأمن في أوروبا دوبوي، أن اختيار كريستوف لوكورتييه مدير عام شركة بيزنس فرانس، أكثر الدلائل واقعية على تحسن العلاقات وهو مؤشر بحد ذاته.

وذكر المحللون أن زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون لا تركز على قضية الصحراء الغربية، بالرغم من أن فرنسا أول شريك اقتصادي للمغرب وهي على بعد ليس ببعيد من المستثمر الأجنبي.

استفزاز فرنسي

وفي وقت سابق، أصدر المتحدث باسم الحكومة الفرنسية غابريال أتال أن بلاده قررت وضع شروط شديدة على تأشيرات الدخول إلى مواطني المغرب والجزائر وتونس، والسبب في ذلك رفض هذه الدول اصدار أي تصاريح قنصلية لإستعادة مواطنيها الموجودين بها، معتبره أن  هذا الوجود غير قانوني.

وقال أن مواقف الدول الثلاث  تشاهد تبطىء في عملية التنفيذ، وهو الترحيل من الأراضي الفرنسية عند صدور قرارات في هذا الشأن موضحًا أنه حصل حوار ثم وجهت تهديدات، مشيرًا إلى أنه هذا القرار جذري لكنه ضروريا لأن هذه الدول لا تقبل باستعادة رعايا الذين لا نريد بقائهم في فرنسا، وذلك وفقًا لما ذكرته فرانس 24.