قراءة في كتاب سنوات المحبة.. أكثر من 100 ساعة عمل و300 صفحة عن عشق البابا لتراب مصر

أقباط وكنائس

كتاب البابا تواضروس
كتاب البابا تواضروس

يعتبر نوفمبر هو أكثر الأشهر بهجة في قلوب الأقباط، إذ يرتبط منذ عهد البابا الراحل شنودة الثالث، بشخصية «بابا الكنيسة» فيه تم اختيار الباباوين شنودة وتواضروس وتجلسيهما على السدة البطريركية، وفيه أيضًا ولد الأخير، وفي نوفمبر من العام الجاري صدر عملًا يعتبر من أهم الأعمال التي تحدثت عن بابا الأقباط تاوضروس الثاني، جاء نتيجة تسجيل عمل ثلاث سنوات بصوت البابا – وفق ما قالته شيرين عبد الخالق، محررة الكتاب الذي حمل شعارا «البابا تاوضروس الثاني... سنوات من المحبة لله والوطن».


الكتاب إصدار الدار المصرية اللبنانية 


الكتاب الذي صدر عن الدار المصرية اللبنانية للنشر والتوزيع، وهو ما لفت نظر قداسة البابا اختار الدار لنشر كتابه وهى دار مصرية مسلمة. تجاوزت صفحاته ال300 صفحة، احتضنت داخلها 12 فصلصا، سعت خلالهم «عبد الخالق» لسرد بعض الـ««inside stories، التي لم تنشر قبلًا عن البابا، على مدار 10 سنوات جلس خلالهم على السدة البطريركية.


شيرين عبد الخالق تتحدث عن كواليس صناعة الكتاب 


استهلت شيرين كتابها بتمهيدًا حمل شعار «حكايتي مع البابا» تحدثت خلاله عن كواليس صناعته، ووطنية البابا وكيف بدأ الأمر معها من سعيها لإجراء حوار مع البابا، والذي كاد يقابل بالرفض في أول الأمر، إلا أن هناك من تدخل دون أي سابق معرفة للحصول لها على موعد مع البابا لإجراء الحوار، مكافأة من الهض على اجتهادها وسعيها الدؤوب، في إشارة إلى إنه ا اجرت الحوار وتُرجم للغات عدة، وثم عرضت على البابا فكرة عمل الكتاب الذي احضن مئات الأسرار والصور الخاصة جدًا.


سبق ذلك الاستهلال تقديمًا للكتاب بيد رئيس جمهورية مصر العربية السابق، المستشار عدلي منصور، حيث قال إن الكلام عن شخصية البابا تواضروس الثانى لا ينفذ، ذلك المصرى الجليل المتواضع للغاية، قليل الكلام، كثير التأمل، عف اللسان، الذي يجيد الاستماع والإنصات للاخرين، ذلك البطريرك الذى استسلم لمشيئة الرب عندما أسفرت القرعة الهيكلية عن اختياره لجلس على كرسى البابوية، وذلك ليكون صمام أمان للكنيسة المصرية العريقة التى تؤمن بأن مصر وطن فريد بين كل الأوطان.


مواقف البابا تواضروس 


وتابع اذكر موقفين لقداسته تجاه حدثين جليلين الأول الاعتداء الغاشم الذى تم على الكاتدرائية فى السابع من يناير 2013، وهو ما لم يحدث أبدا فى تاريخ الكنيسة القبطية، والثانى الاعتداءات الممنهجة التى تعرضت لها بعض الكنائس فى سائر أنحاء الوطن الحبيب بعد ثورة الشع بالمصرى ضد حكم المرشد والاخوان المسلمين فى الثلاثين من يونيو سنه 2013، فبرغم جسامة الجرم فى الحالتين، لم تصدر من قداسته اى تصريحات مسيئة، ورغم غضب وثورة الاقباط ومطالبهم لقداسته باتخاذ موقف علنى للرد على هذه الاعتداءات، إلا أنه صبر واحتسب وواجه الامر بحكمة بالغة وقا ل "لو حرقوا الكنائس سنصلى فى المساجد، ولو حرقوا المساجد سنصلى فى الشوارع".


وهو بذلك رفع لواء الوطن لفوق كل شىء حتى الكنائس، فهل بعد ذلك من دليل على ان الكنيسة القبطية المصرية هى مؤسسة وطنية تعرف قيمة الوطن، وان الوطن هو العز والاغلى والابقى.  
عقبه ورقتين كُتبتا بخط يد البابا التي دونته جملتيه الأكثر خلودًا في سماء عشق مصر، وهما «وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن»، و«كل دول العالم في يد الله... ولكن مصر في قلب الله... لذا أنا مطمن على مصر».


الفصل الأول
 

وتطرقت في أول فصول كتابها إلى ناحية هي الأكثر نُدرة، حيث اتجهت في حديثها لحياة وجيه صبحي باقي سليمان، الذي ولد يوم الثلاثاء الموافق 4 نوفمبر سنة 1952 م، والذي تنقل بين ربوع مصر يستقي منها حب الوطن، فيعيش في المنصورة تارة وسوهاج تارة اخرى، ودمنهور والإسكندرية، ودعمت القصص التي سردها البابا في الكتاب بصور لم يتم تداولها قبلًا كان في احدها صبيًا في ال12 من عمره.
وجيه صبحي الذي حصل على 77 % في الشهادات الدراسية جميعًا من الابتدائية حتى الثانوية، وتخرج في كلية الصيدلة، وأصبح بابا للكنيسة القبطية، تحدث في الكتاب كذلك عن كواليس يومه الأول كراهب في دير القديس العظيم الأنبا بيشوي للرهبان في وادي النطرون، ثم فترة طلبه للحياة الرهبانية، إلى أن أصبح راهبًا باسم ثيؤدور الأنبا بيشوي.


الفصل الثانى 
 

ولم يغفل الكتاب في ثاني فصوله، عن فترة مهمة لم يلتفت لها الكثير وهي فترة نيافة الحبر الجليل الأنبا تواضروس الأسقف العام للبحيرة، فتلك المرحلة التي عايش خلالها البابا ثورة الخامس والعشرين من يناير، ورحيل البابا شنودة الثالث، وكذلك مرحلة ترشحه للبابوية واختياره، وهي مراحل غاية في الأهمية وكان ضمن المعلومات التي أدلى بها أنه هو من اختيار ان يكون شكل ملابسه على نفس نهج البابا الراحل شنودة الثالث، والتي تختلف في هيئتها عن الشكل الذي كان يظهر عليه البابا القديس كيرلس السادس.


الفصل الثالث
 

يخرج الكتاب بالقارئ من هذه الحقبة، ليقذف به في حقبة ضبابية حسب ما وصفها الكتاب، وهي فترة حكم الاخوان لمصر، حيث تحدث البابا عن لقاءه الأول بالرئيس المعزول مُحمد مرسي، متعلقًا في حديثه بشعاع الامل الذي تسلل إلى صدره حينها بعد حفل عشاء القرية الأولمبية الذي حضره الفريق أول – آنذاك- عبد الفتاح السيسي، مستكملًا الحديث عن تنفس الحقبة في «عنق الزجاجة»، ثالث فصول الكتاب.


الفصل الرابع
 

وتطرق البابا في هذا الفصل إلى عدة أمور مثل محبة الإخوان المزيفة للكنيسة، أو الود المصطنع ظاهريًا، إذ قال البابا نصًا: تكررت مجموعة من الزيارات للكنسية للسفير محمد رفاعة الطهطاوي رئيس الديوان أنذاك، وبعض الشخصيات التابعه لجماعة الإخوان، وكانوا يريدون التودد الظاهري لنا، وكنت أستشعر أحيانًا أنهم يكتبون عنا تقارير... وفي مطلع هذا العام طلب عدد كبير من المسؤولين بالسفارة الأمريكية زيارتنا، وقد رفضنا في هذا التوقيت أي زيارة من هذا النوع، فالأوضاع كانت متوترة للغاية وكانت الرغبة واضحة لاستغلال الأقباط في الأحداث، والكنيسة المصرية كنيسة وطنية لاتنغمس ابدًا في السياسة.
كما تناول أيضًا البابا في حديثه حالة الهذيان التي وصل إليها مُرسي قبل 30 يونيو- حسب تعبيره، في إشارة إلى ان ذاك الهذيان كان جليًا للعيان خلال اللقاء الذي جمعهما وشيخ الأزهر، واستغرق 60 دقيقة استنتجوا خلالها أن هناك ما يمكن ان يسمى بغياب الوعي الرئاسي لأهمية ما كانت تتجه إليه البلاد يوم 30 يونيو، واستخفاف مرسي بالأمر.

الفصل الخامس

 
حيث أنه رغب كل من البابا والطيب، في نقل حالة الغليان الشعبي للرئيس خلال اللقاء، إلا أنه وجه الحديث حول ضبط أقراص ترامادول وتبخر المياه في ترعة السلام وأمور أخرى، مما تسبب في حالة لم تسر قلبيهما، وقال البابا عن الامر نصًا في الكتاب عدت إلى أرض الوطن الجريح مصر من زيارة رعوية، لأجد أنتشارًا كبيرًا لحملة هدفها جمع توقيعات لعزل الرئيس مرسي وإجراء إنتخابات رئاسية مبكرة كانت تقودها حركة تمرد، وكانت حالة غليان مازالت في الشارع المصري، ووسط كل هذا الغليان نري الرئيس مرسي يقيم مؤتمرًا في إستاد القاهرة  لنصرة سوريا، وكانت المخاوف تزداد لدينا، وكنت أسأل نفسي لماذا ندعم سوريا الأن، والعبارة الشهيرة دعم الشرعية، وكلها كانت شعارات وعبارات جوفاء، وكنت أود أقول وقتها للرئيس مرسي بلدك أولى.

الفصل السادس


ووسط حالة الاستقطاب الشديدة والغليان والتظاهرات التي تملآ الشوارع أتفقت مع الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، على أن نزور الرئيس محمد مرسي للننقل له حالة الغليان الموجوده في الشارع لنستوضح رؤيته، وتواصلنا مع الرئاسة وتم تحديد يوم18  يونيو الساعة الرابعة عصرًا، ولم يكن لدينا أي هدف من الزيارة سوي مصلحة البلد والأطمئنان على سلامة الوطن، ومحاولة تهدئة الأمور، خاصة مع تصاعد حالة الغليان في الشارع المصري.


وجلسنا معه من الرابعة حتي الخامسة عصرَا وعلى مدار ساعة كاملة، كان يهذي بعبارات غريبة مثل« ضبطنا 600 الف قرص ترامادول»، و«ترعة السلام يحدث بها بخر للماء»، وهذا مشروع فاشل، وهذا مشروع ناجح، وأن هناك ترفض العمل معه في الحكومة، وبعد ساعة كاملة وهو يتحدث نظر في الساعة وكانت تشير إلى الخامسة وقال لي أتفضل اكلم فتحدثت بألفاظ هادئة، وقلت له هناك حالة غليان في الشارع وأرجو أن يكون هناك نوع من المساواة في القرارات، فقال لي مثل ماذا، فرويت له حادث بنت قبطية بمدرسة الأقصر أسمها دميانة أتهمت بإزدراء الأديان فحكم عليها بالسجن 3 سنوات وغرامة 100 الف جنيه، وفي الوقت نفسه هناك شخص مسلم أهان الأنجيل في القاهرة فحكم عليه بغرامة 5 الاف جنية، وحينما رويت عليه هذة القصة كنت اتطرق لقيمة العدالة وعدم ترك بذرة لأي فتنه طائفية، وقبل أن أكمل حديثي وجدته يباغتني بقوله « أنا أدفع المائة ألف جنيه»، حين سمعته يرددها استشعرت وقتها أنه لا توجد فائدة، وأنه في وادي أخر، وأن شواغل الشارع وغليانه لا يعنيه في شىء، ثم أذن لفضيلة الأمام بالتحدث، فبدأ حديثه بحالة الغليان في الشارع، ثم تحدث عن التجاوزات في حق الأزهر الشريف، وممارسات ضد أماكن إسلامية، وفتح الطريق أمام الشيعة، واستمر اللقاء ساعة أخرى، وقبل أن نغادر سألناه «ماذا سيحدث سيادة الرئيس يوم30 يونيو»، فكان رده يدل على أنه مغيب وغير مستوعب لما يدور حوله، حيث قال «سيأتي يوم واحد ويوم اثنين عادي»، فخرجنا من هذه المقابلة نتضرع إلى الله أن ينقذ مصر.


ومن الأشياء الغريبة التي أصرت عليها الرئاسة آنذاك، ألا نغادر سويًا أنا وفضيلة الإمام سويًا، وأن يغادر كل مننا في سيارة منفصلة، كنت أشعر بأن العلاقة الطيبة مع فضيلة شيخ الأزهر تقلقهم ولا تأتي على هواهم، وأنطبع لدينا أن هذا الشخص المغيب، وربما عن قصد أو دون قصد، وأنه «ليس لها من دون الله كاشفة».

الفصل السابع


تطرق البابا بعد ذلك للحديث عن دور القوات المسلحة المصرية في دعم الإرادة الشعبية للمصريين،  مرورًا بكواليس اجتماع يوم 3 يوليو الذي انتهى بالإعلان عن خارطة الطريق، مع ذكر الكثير عن ما وصفه بالورم السرطاني في قلب مصر، في إشارة منه إلى اعتصامي رابعة والنهضة، ولم يغفل البابا خلال حديثه دور الرئيس السابق عدلي منصور في بداية الطريق للنور من ذلك المشهد الضبابي، وذلك في الفصل الرابع الذي حمل شعر «بداية الطريق»، وحيث خاض في الحديث عن فترة الاستفتاء على الدستور، وهجوم الإخوان الذي طاله بعد مقالته الشهيرة «نعم تزيد النعم»، وكذلك لقاءه بالكاتب الصحافي الراحل مُحمد حسانين هيكل.

الفصل الثامن 


ثم خص البابا السيسي بالحديث منذ دعوته لزيارة وزارة الدفاع عام 2013، بصحبة وفدًا تكون من 12 فردًا، ثم ذكر خطابات الرئيس منذ مرحلة ما قبل الترشح للرئاسة، والتي كان ينبوعًا للمحبة التي هي خير داعم لحياة المواطنة المنشودة، متجهًا لزياراته الرعوية إلى بلدان المهجر عقب ثورة 30 يونيو والتي كانت منبرًا للحديث عنها كثورة الشعبية الخالصة، محاولًا كذلك من خلالها معالجة بعض الآثار السلبية لزيارات الرئيس الأسبق مرسي إليها، مثل «فضيحة المانيا».


سرعان من انطلق البابا إلى مصر المنطلقة للأمام في «استعادة الكرامة»، وهو خامس فصول الكتاب، حيث أشار إلى انطلق المشروعات وزيارة الرئيس للكاتدرائية في العيد، على مدار 12 دقيقة، مع وصف كامل لقوة مصر في دحر الإرهاب الذي حاول مرارًا إفساد فرحة المصريين بـ«مصر الجديدة»، ولعل أبرز هذه المحاولات هي جريمة قتل العشرين مصريًا في ليبيا، واخذ بالثار فى اليوم التالى، مُتحدثًا أيضًا عن افتتاح قناة السويس الجديدة، كما تطرق في سادس فصول الكتاب إلى عام الإرهاب العالمي، حسب ما حمل الفصل من عنوان، بجانب أمور أخرى مثل قضية ريجيني ومسألة تيران وصنافير، وحادث الطائرة القادمة من باريس، وحادث البطرسية، وفي الفصل السابع، تناول البابا الحديث عن الإعلان عن بُناء أكبر مسجد وكنيسة في الشرق الأوسط، ومبادرة 100 مليون صحة، وحادث أحد الشعانين الذي تفجر في الإسكندرية وطنطا، وكذلك حادث البرث واستشهاد البطل المنسي، وكواليس زيارة البابا فرنسيس للكاتدرائية عام 2017، وأيضًا اهتمامه بإعادة للعلاقات الطيبة مع الفاتيكان بدءً من تكليف وفدًا بحضور تجليس قداسة البابا فرنسيس، والزيارة الأولى لهناك..

الفصل التاسع


كما تناول البابا الحديث عن احتفالات الكنيسة بمرور اليوبيل الذهبي لبناء الكاتدرائية، مع كواليس القداس الأول في كاتدرائية ميلاد المسيح، بالعاصمة الإدارية الجديدة، والعملية الشاملة سيناء 2018، ومشاركته في الانتخابات الرئاسية 2018، وتخصيص ذاك العام لأبناء الكنيسة من ذوي القدرات الخاصة، والصلاة لاجل سلام الشرق الأوسط، مع كواليس فترة اغتيال الأنبا أبيفانيوس، وكذلك الملتقى العالمي لشباب التاسع عن كاتدرائية ميلاد المسيح، وواقعة حريق محطة مصر، وتشويه التعديلات الدستورية، وافتتاح مكتبة لوجوس الباباوية المركزية.

الفصل العاشر


ووجه عاشر فصول الكتاب للحديث عن فترة كورونا، هذه الفترة من أصعب الفترات التى مرت بها الكنيسة، ثم جهود الدولة في القضاء على العشوائيات، ووصفه لقدرات مصر العسكرية، ورؤيته للرئيس مبارك، وأزمة جنوح سفينة قناة السويس، ومشروع حياة كريمة، الذي وصفه بمشروع القرن