بعد رفع الفائدة 7 مرات.. تعرف على معركة الفيدرالي الأمريكي مع التضخم

الاقتصاد

الفيدرالي الأمريكي
الفيدرالي الأمريكي

 

رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الامريكي اليوم الأربعاء أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، للمرة الخامسة على التوالي وتأتي الزيادة الأخيرة في إطار جهوده المستمرة لمحاربة أسوأ ارتفاع للتضخم منذ 40 عاما. ورفع المركزي الأمريكي أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، الأربعاء، إلى نطاق من 4.25 إلى 4.50%، وهو أعلى مستوى منذ عام 2008 ومع ذلك لمح المجلس إلى أن الزيادات المستقبلية في تكاليف الاقتراض قد تكون أقل لمراعاة تبعات "التشديد التراكمي للسياسة النقدية" الذي انتهجه حتى الآن.

 

 

رفع أسعارالفائدة ….سابع زيادة خلال العام الجاري

 

رفع الفيدرالي الأمريكي مساء الأربعاء أسعار الفائدة بـ ٠.50% في زيادة خامسة على التوالي بنسبة أقل، وسابع زيادة خلال العام الجاري ويأتي ذلك، بينما تتزايد مخاطر الركود الاقتصاد في السوق الأمريكية، لكن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يتمسك باستمرار الزيادة في أسعار الفائدة في الوقت الحالي، في أحدث علامة على مدى قوة معارك المسؤولين لإبطاء الاقتصاد، حتى مع ارتفاع مخاطر الركود العام المقبل.

 

 

 

بيان الفيدرالي الامريكي

 

وقال الاحتياطي في بيان عقب اجتماعه إن نسبة الفائدة الأساسية باتت تراوح بين 4،25 إلى 4،50 بالمئة، وهذا أعلى مستوى لها منذ عام 2007. كما أفاد أن التضخم سيتباطأ إلى 3،1 بالمئة فقط عام 2023، فيما خفّض بشكل كبير توقعات النمو لعام 2023 من 1،2 إلى 0،5 بالمئة.

رفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نسبة الفائدة الرئيسية بمقدار نصف نقطة مئوية الأربعاء، لكنه حذر من أن الوقت لم يحن بعد لوقف هذه الزيادات، مقدرا أن الفائدة ستتجاوز الخمسة بالمئة.

لم يُظهر مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أية علامات على التراجع، وقد أوضحوا أن خفض أسعار المستهلكين من أعلى معدلات التضخم في 40 عاما سيتطلب ألمًا للأسر والشركات.

لكن ما هو غير واضح، هو متى أو كيف سيقرر محافظو البنوك المركزية التخفيف -وما إذا كانوا سيتراجعون فقط بمجرد فوات الأوان بالفعل لتجنب الانكماش ومن المتوقع أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة مرة أخرى في الاجتماعات القادمة في فبراير/شباط المقبل.

 

 

ماذا يحدث عندما يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة؟

سيؤثر ارتفاع سعر الفائدة على أي شخص لديه رهن عقاري أو قرض سيارة أو حساب توفير أو أموال في سوق الأوراق المالية ويتحرك البنك بمستوى من الشدة لم يشهده منذ عقود؛ ومع ذلك، فإن تلك المعركة تثير انتقادات متزايدة من الاقتصاديين والمشرعين، بأن الاحتياطي الفيدرالي يبالغ في التصحيح.

 

وتستغرق رفع أسعار الفائدة شهورا لتنصهر بالكامل في الاقتصاد، والخوف المتزايد هو أن الاحتياطي الفيدرالي سيفوق قدرته على قياس ما إذا كانت سياساته تعمل أم لا حتى إذا توقف البنك عن رفع أسعار الفائدة، فإن القرارات التي اتخذها قادته بالفعل قد تصل بحدوث ركود العام المقبل وتعكر النظام المالي العالمي على طول الطريق.

 

 

 

 بيانات التضخم

 

وأظهرت بيانات التضخم في الولايات المتحدة عن تباطأ إلى مستوى 7.1% بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مقارنة بالشهر السابق له.

 

وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة 0.1 بالمئة الشهر الماضي، وهو أبطأ 0.2 بالمئة مما توقعه الاقتصاديون. وعلى مدار 12 شهرا حتى نوفمبر/تشرين الثاني، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الرئيسي 7.1 بالمئة في أبطأ وتيرة له منذ نحو عام.

 

وتشير بيانات التضخم الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني إلى ارتفاع طفيف أقل من المتوقع، ولكنها في الوقت نفسه مؤشر على أن معدلات التضخم في الولايات المتحدة لا تزال في المنطقة الحمراء، وبعيدة تمامًا عن هدف 2% الذي يسعى له رئيس الفيدرالي وفريق عمله.

 

وبالرغم من هذا الدليل على تباطئ التضخم، إلا أن محافظو البنوك المركزية يرون بأنهم بحاجة إلى رؤية دليل أوضح على أن التضخم ينخفض بشكل أكبر ​​ويصبح أقل ترسخا في حياة الأمريكيين قبل أن يغيروا مسارهم.

 

 

 

الدول عالميا.. كيف تتأثر الدول بقرار الفيدرالي والفائدة ؟

تستخدم دول العالم عملة الدولار في المقام الأول، كعملة مدفوعات رئيسية لتجارة السلع والخدمات. وإحدى أكثر الضرائب كلفة على تبني الدولار الأمريكي كعملة عالمية من جانب الاقتصادات، ويتحكم بها بنك مركزي لدولة واحدة، هو ارتفاع التكاليف الناجمة عن قوة الدولار.

 

مع زيادة أسعار الفائدة يكون، يكون الفيدرالي قد نفذ 7 زيادات متتالية على أسعار الفائدة، ليصل إلى نطاق 4.25% - 4.5%، هذه الزيادة قادت الدولار للارتفاع من جهة، وزيادة كلفة الحصول عليه من جهة أخرى.

 يعني ذلك الدولار الأمريكي ليس متوفرا في كافة دول العالم، بعضها يجهد لتوفير حاجته من النقد الأجنبي، والبعض الآخر يقترض للحصول عليه، وآخرون لديهم فوائض مرتفعة من الدولار وتستخدم دول العالم عملة الدولار في المقام الأول، كعملة مدفوعات رئيسة لتجارة السلع والخدمات، وكلما كان الدولار قويا، كانت كلفته على الاقتصادات أعلى، لأنها تقوم بشراء السلع بالدولار، وتبيعها بعملاتها المحلية.

 

في هذه الحالة، يتحمل المستهلك النهائي، أية فروقات إضافية في سعر الصرف، كما يتحمل المستهلك أسعار الفائدة التي تدفعها الدولة مقابل اقتراض الدولار لشراء السلع المباعة في الأسواق المحلية وهذه الدوامة، تقود بشكل أو بآخر إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات، خاصة في الاقتصادات الناشئة والنامية والفقيرة، ذات الدخل المحدود، ووفرة النقد الأجنبي المتذبذبة من شهر لآخر.

 

 

بيانات منظمة التجارة العالمية

وفق بيانات منظمة التجارة العالمية، فإن 86% من التجارة حول العالم تتم بعملة الدولار الأمريكي، بينما 55% من إجمالي احتياطات الدول حول العالم بعملة الدولار، وهنا يظهر وزن الدولار في المعاملات بين الدول.

 

ولتجنب التكاليف الباهظة للدولار القوي ذو أسعار الفائدة المرتفعة، تبحث اقتصادات مثل الصين والهند وتركيا وروسيا، عن تبادل تجاري بعملات محلية بعيدا عن الدولار، لتجنب تكلفته المرتفعة، ولتجنب إرهاق احتياطات النقد الأجنبي.

 

في المقابل، لا تستطيع دول العالم حاليا، الانفكاك عن الدولار الأمريكي كعملة أولى أو ثانية، بسبب الاعتماد الكبير عليه في مختلف المعاملات التجارية  أمام هذا النظام المالي العالمي، فإن الاقتصادات بحاجة إلى درجة كبيرة من الاكتفاء الذاتي لتجنب أية مدفوعات بعملة الدولار، وهي حالة لا تتوفر اليوم حتى في الصين، التي تعتمد على الدولار في 60% من تجارتها الخارجية.

 

 

 

الأوضاع الاقتصادية وتأثيرها على قرارات الفيدرالي الأمريكي

منذ اجتماع الفيدرالي الأمريكي خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ظهرت العديد من البيانات الاقتصادية المهمة والتي أثرت بكل قوة بتحركات الدولار أمام العملات وتدعم استمرار قيام الفيدرالي الأمريكي بالاستمرار برفع الفائدة، ولكن بوتيرة أقل وعلى رأسها بيانات التضخم.

 

وفي هذا الإطار، نجد أن مؤشر التضخم الأمريكي قد تباطأ إلى مستوى 7.1% بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بأقل من توقعات الأسواق بأن يسجل المؤشر نحو 7.3%. كما أنه أقل من القراءة السابقة والتي سجلت نحو 7.7% خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

 

وعلى الجانب الاَخر، شهدت بيانات سوق العمل الأمريكي تحسنا قويا، حيث ارتفع مؤشر التغير في التوظيف بالقطاع الزراعي بواقع 263 ألف وظيفة خلال نوفمبر/تشرين الثاني، بأفضل من توقعات الأسواق التي أشارت إلى ارتفاع المؤشر بنحو 200 ألف وظيفة. وفي الوقت ذاته، استقرت معدلات البطالة الأمريكية عند مستوى 3.7%. كما سجلت الأجور نموا بنسبة 0.6% خلال نفس الفترة.

 

ومن ثم، يمكن القول بأن تباطؤ وتيرة التضخم خلال الفترة الماضية قد يدفع الفيدرالي الأمريكي نحو إبطاء وتيرة رفع الفائدة خلال الفترة المقبلة، وبخاصة وأن ثمار تشديد السياسة النقدية بدأت في الظهور، وهو ما سيجعل الفيدرالي الأمريكي الأكثر حرصا عند اتخاذ قرارات السياسة النقدية المقبلة.