ما إسم ميقات أهل المدينة.. والحِكمة من تعيين المواقيت

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

حَدّد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الميقات المكانيّ لأهل المدينة المُنوَّرة كمَوضعٍ لإحرام المسلمين منه؛ وهو ذو الحليفة؛ والحليفة شجرةٌ معروفةٌ تمّت تسمية المكان باسمها؛ لكثرة انتشار شجر الحلفاء بها، فحليفة تصغير حلفاء، وميقات أهل المدينة هو أبعد المواقيت عن مكّة المكرّمة، كما أنّه قريبٌ من المدينة المُنوَّرة.

 

ميقات أهل المدينة


 


وقد أصبح موصولًا بها بسبب البناء والإعمار حتى أصبح يُجاور المدينة المُنوَّرة، ويرى بعض العلماء أنّ القُرب بين المدينة وميقات أهلها فيه حِكمةٌ؛ ألا وهي التواصُل والتقارُب بين الحَرمَين الشريفَين؛ حيث إنّ المسلم لا يكاد يُودّع المسجد النبويّ حتى يُقابل ما يرتبط بالمسجد الحرام، ومن الجدير بالذِّكر أنّ ذا الحليفة اشتُهِر أيضًا بأسماء أخرى، مثل: الحسا، وآبار علي. وهو اسم يعود إلى بئرٍ منسوبٍ إلى الصحابيّ الجليل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.

وقد بيّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- المواقيت المكانيّة لِمَن أراد الحجّ أو العُمرة -كما ذُكِر سابقًا-، ومنها ميقات أهل المدينة المُنوَّرة؛ بما ثبت في صحيح البخاري: (أن النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وقَّتَ لأهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، ولِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، ولِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ). (ولِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لهنَّ، ولِمَن أتَى عليهنَّ مِن غيرِهِنَّ مِمَّنْ أرَادَ الحَجَّ والعُمْرَةَ، ومَن كانَ دُونَ ذلكَ، فَمِنْ حَيْثُ أنْشَأَ حتَّى أهْلُ مَكَّةَ مِن مَكَّةَ).

 

استحباب الصلاة في ذي الحليفة قبل الإحرام



يرى العديد من العلماء استحباب الصلاة عند المواقيت بشكلٍ عامٍ، وعند ذي الحليفة ميقات أهل المدينة المُنوَّرة بشكلٍ خاصِّ؛ بحيث يُؤدّي مَن أراد حَجّ البيت الحرام أو العمرة الصلاةَ؛ سواء كانت فريضةً -إذا كان وقتها-، أو صلاة ركعتَين من النوافل، أو الوضوء وإتباعه بركعتَي سُنّة الوضوء، ومن ثمّ الإحرام، وقد ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه صلّى فريضة صلاة الظهر في حجّة الوداع ثمّ أحرم، واستدلّ العلماء على استحباب الصلاة عند ميقات ذي الحليفة بفِعْل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، بالإضافة إلى ما نُقِل عنه -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِن رَبِّي، فَقالَ: صَلِّ في هذا الوَادِي المُبَارَكِ، وقُلْ: عُمْرَةً في حَجَّةٍ).

الميقات المكانيّ تعريف الميقات المكانيّ الميقات في اللغة هو: الحدّ، أمّا في الشرع فهو يعني: مكان العبادة، أو زمانها، وعليه فإن المواقيت تُقسَم إلى قسمَين، هما: ميقات الزمانيّ، وميقات المكانيّ؛ والذي يعني: الحدود التي يُمنَع تجاوزها لِمَن أراد الحجّ أو العُمرة إلى بيت الله الحرام، إلّا إذا كان بإحرامٍ، ولا بُدّ على مَن تجاوز الميقات المكانيّ دون إحرامٍ أن يعود إلى الميقات إن أمكنه ذلك، أمّا إن لم يتمكّن من العودة فتكون عليه فِديةٌ تتمثّل بذَبح شاة في مكّة المُكرَّمة، وتوزيعها على مَن يحتاج في الحَرم، أمّا مَن كان يسكن بعد موضع الميقات المكانيّ؛ فإنّه يبدأ إحرامه من حيث يسكن، والمواقيت بذلك أماكن معلومةٌ لِمَن أراد حَجّ البيت الحرام، أو العُمرة، فلا يتجاوزها دون أن يكون قد أحرم؛ فلأهل الشام ومصر ميقاتٌ مكانيٌّ مُحدَّد، ولأهل نجد ميقاتٌ مختلفٌ، كما أنّ هناك مواقيت لأهل اليمن، ولأهل العراق أيضًا، بالإضافة إلى ميقاتٍ لأهل المدينة المُنوَّرة.

 

الحِكمة من تعيين المواقيت 
 


تتمثّل الحِكمة من تعيين المواقيت بتعظيم الله -عزّ وجلّ-، إضافةً إلى تعظيم البيت الحرام؛ فقد جعل الله -تعالى- البيت الحرام بيتًا مُعظَّمًا، ومُشرَّفًا له مكانةً لا تُوازيه مكانةٌ أخرى؛ فهو بيتٌ حرامٌ حَصّنه الله -تعالى-، وحماه بسوارٍ حوله؛ وهي مدينة مكّة المُكرَّمة، وقد جُعِلت له حُرمةٌ وحدود مكانيّةٌ، تتمثّل بالمواقيت التي لا يجوز لِمَن أراد التقرُّب إلى الله -عزّ وجلّ- أن يتجاوزها دون أن يُحرِم.