أحمد الشيخ يكتب: صفر المونديال.. والسياحة المصرية

مقالات الرأي

أحمد الشيخ
أحمد الشيخ

رغم بدأ تعافى السياحة وفقًا للمؤشرات المعلنة من القطاع السياحي في مصر،  إلا أنه تعافي بطئ كالسلحفاة، وهوتعافى طبيعي لم تبذل فيه الحكومة وبالأخص وزارة السياحة أى مجهود ولم نلمس أى تغيير في سياسة الوزارة رغم التعديل الوزاري وتولي أحمد عيسى وزير السياحة والأثار الجديد وكنا نأمل أن نرى طفرة في السياحة ولكن للأسف، استسلمت الوزارة  لدعوى بطأ حركة السياحة نتيجة جائحة كورونا تارة، والحرب الروسية الأوكرانية تارة أخرى في وقت تسعى فيه كافة الدول للاستفادة من الأزمة وجذب أكبر عدد من السائحين من كافة أسواق العالم خصوصًا أوروبا.

 

ما يزيد حسرتي يا سادة على وضع السياحة في مصر،  أن تجد دول ليست في حاجة للعملة الصعبة من الأساس، ولا تمتلك مقومات سياحية، وتصنع من أشياء بسيطة، إن مررت عليها في مصر قد لا تلقي لها بالًا كمسجد أو سبيل أو حصن أو حديقة حيوان أو سوق أو حتى معرض أو مؤتمر، فتجعل منها مزارات سياحية جاذبة للسياحة من كل مكان وتستغل كافة أدواتها للترويج لتلك الأشياء البسيطة بينما مصر التى تمتلك ثلث أثار العالم وشواطئ ومناظر طبيعية من جبال وسهول لا مثيل لها في أوروبا، تقف مكتوفة الأيدي منتظرة أن تنتعش السياحة وحدها.

 

صفر المونديال 2

 

وقد أنتظرت بشغف خلال فاعليات مونديال قطر 2022، أن أرى إعلان واحد يدعو لزيارة مصر أو أنشطة أو فاعليات تنظمها الوزارة بالتعاون مع حكومة قطر الشقيقة تبرز فيها عظمة الحضارة المصرية وتدعوا العالم لزيارة مصر، كانت الأفكار كثيرة وكانت ستحقق المصلحة المتبادلة بين حكومتي مصر وقطر إن قامت مصر بعمل معرض لبعض القطع الأثرية النادرة خلال المونديال، أو خصصت تيشيرت خاص للمشجعين والمقيمين المصريين في قطر يرتدونه خلال المونديال مع توعية بأهمية هذا لبلدهم أو رفع لافتات تدعوا لزيارة مصر أو حتى إعلانات طرق أي شئ يلفت نظر العالم لعظمة الحضارة المصرية التي تضرب بجذورها في التاريخ لـ 7 ألاف سنة وتدعو العالم لزيارة مصر للاستمتاع بشمسها الدافئة وجوها العليل، والتعرف على حضارتها الضخمة، لكن للأسف لم يحدث، وهو ما ذكرني بفضيحة صفر المونديال.

 

فعدم الاستعداد لفاعلية مثل تلك هو فضيحة وكارثة بمعنى الكلمة وصفر جديد يضاف إلى مجموعة أصفار حققتها عدد من الوزارات في مصر خلال السنوات الماضية، ولكن هذه المرة يجب أن يحاسب عليها كافة المسئولين بوزارة السياحة بدأ من الوزير وحتى أخر مسئول في قائمة طويلة من الأسماء التى لا ترقى للتواجد في تلك المناصب، فرغم أن التعديل الوزاري أتى بوزير جديد قبل كأس العالم بفترة، إلا أنه و من قبله لم يجهزوا للاستفادة من هذا الحدث العالمي المنعقد في دولة شقيقة للترويج للسياحة المصرية أمام العالم الذي يتابع بكل شغف هذه البطولة ، حتى أن وسائل الإعلام العالمية تناولت قصص المونديال من أول عامل المترو وحتى الموظف الذي رفع لافتة ليشكرمديره على الإجازة التى منحها أياه حتى يستطيع مشاهدة كأس العالم وتشجيع فريق بلاده، وغيرها الكثير فالترويج لمصر في هذه البطولة لم يكن يحتاج لأموال بقدر ما كان يحتاج إلى فكرة مبتكرة ومبدعين حقيقيين وعقول وقلوب حريصة على مصلحة هذا الوطن داخل وزارة السياحة أقلها رفع لافتات في المدرجات تدعوا لزيارة مصر في بعض المباريات الهامة، وغيرها من الأفكار التى قد تكون أكثر ابتكاراً تخرج من عقول نابضة بحب هذا الوطن، فالمشكلة يا سادة ليست مشكلة في المال ولكنها مشكلة العقول التي تدير ملف السياحة في مصر.

 

السعودية تروج لمصر

 

حتى أن أحد أصدقائي المقيميين بالمملكة العربية السعودية، أكد لي أن الخطوط الجوية السعودية تروج للسياحة في مصر أكثر من مصر للطيران نفسها، فكل الشكر لهم، ولكن أين دور شركة مصر للطيران في الترويج للسياحة المصرية أين دور الحكومة في تشجيع الشركات الراعية على الترويج لزيارة مصر بكافة الطرق الممكنة، وأذكر أنه في إحدى السنوات قامت شركة بريد عالمية متخصصة في مجال اللوجيستيات والنقل، بطباعة أهم الأثار المصرية على صناديق الطرود المرسلة من مصر لكافة أنحاء العالم مع دعوة لزيارة مصر وقد كانت تجربة ناجحة ورائدة في ظل أزمات السياحة المتعددة التى مرت وتمر بها على مدار 8 سنوات حتى الأن.

 

90 مليون دولار تدفعها الوزارة لشركة أمريكية للترويج للسياحة

 

وكما ذكرت لم تكن المشكلة في تكلفة الدعاية، بقدرما هي في العقول والإرادة، بدليل أن وزارة السياحة أعلنت في شهر أغسطس الماضي عن توقيعها عقد مع شركة McCann الأمريكية لتولي تنفيذ الحملة الترويجية للسياحة المصرية في الخارج بقيمة تقديرية للحملة بلغت نحو 90 مليون دولار ( نحو 1.6 مليار جنيه) على أن تبدأ في الربع الأخير للعام الجاري، والذي شهد إنطلاق بطولة كأس العالم، ومع ذلك لم نرى تواجد لهذه الحملة في قطر أو اى دولة خلال فترة المونديال، رغم أن جزء من الميزانية مخصص للترويج لمصر في الدول الخليجية لجذب السياحة العربية، فمن يتحمل مسئولية ذلك؟!

ولكي تستوضح معي حجم المشكلة يكفيك أن تعلم أن كل مليون سائح يدخل مصر يعنى مليار دولار تدخل في الاقتصاد، بافتراض أن حجم انفاق السائح الواحد خلال تواجده في مصر 1000 دولار فقط، وهو ما يوضح مدى قوة القطاع السياحي في دعم الناتج المحلي الإجمالي لمصر، وضخ العملات الأجنبية في مفاصل الاقتصاد التي نحن في أمس الحاجة إليها وهي سبب أزمتنا الحالية (الدولار).

 

وأدعوا إلى وقفة هنا ياسادة فلا يجب أن يمر هذا الأمر مرور الكرام فهي فرصة كنا في أمس الحاجة إليها في تلك الفترة العصيبة التي يمر بها الاقتصاد فكل دولار يدخل البلد يحدث فرق كبير نحن في أشد الحاجة إليه، فكيف نسعى لاجتذاب 30 مليون سائح سنويًا ويكون أداء الوزارة بهذا السوء.