بحلول هذا العام ما توقعات الاقتصاد العالمي ….هل سينتهي التضخم في عام 2023؟

الاقتصاد

التضخم
التضخم

 

 

 

بحلول هذا العام الجديد، والذي ينتظره العالم لتجاوز أزماته الراهنة، رغم أن اقتصاديين ومراكز أبحاث دولية يتوقعون أن يشهد مزيدا من الركود، وسط انكماش عدد من الاقتصادات نتيجة لتكاليف الاقتراض الجديدة التي تم الاتفاق عليها لمواجهة معدلات التضخم.

ويعاني الناس في شتى أنحاء العالم من التضخم بمستويات لم تُسجل منذ عقود مع ارتفاع أسعار سلع وخدمات ضرورية مثل الطعام والتدفئة والنقل والإقامة، وعلى الرغم من أن ذروة التضخم ربما تلوح في الأفق، فإن آثاره قد تزداد سوءًا.

 

حيث تجاوز الناتج المحلي الإجمالي العالمي 100 تريليون دولار لأول مرة في عام 2022، وفقا للتقرير السنوي الذي أصدره مركز بحوث الاقتصاد والأعمال للاستشارات في بريطانيا، لكنه سيتوقف عن النمو في العام الجديد، مع استمرار صناع السياسات في معركتهم ضد ارتفاع الأسعار.

أسعار الفائدة

انتهت فترة طويلة ومريحة من التضخم المحدود وأسعار الفائدة المنخفضة فجأة بعد أن عصفت جائحة فيروس كورونا بالعالم، إذ استمرت الحكومات والبنوك المركزية في دعم الشركات التي أغلقت أبوابها والأسر بتريليونات الدولارات ومنع «شريان الحياة» هذا العمال من الانضمام إلى طوابير الإعانات والشركات من الانهيار وأسعار المنازل من التراجع الشديد، لكنه أدى أيضًا إلى توقف العرض والطلب على نحو لم يسبق له مثيل.

 

السبب كلمتان: جائحة وحرب.

وبحلول عام 2021، مع انتهاء عمليات الإغلاق ونمو الاقتصاد العالمي بأسرع وتيرة بعد ركود منذ 80 عامًا، ألقت أموال حزم التحفيز الضخمة هذه بظلالها على نظام التجارة العالمي فلم تستطع المصانع التي كانت متوقفة أن تعمل بالسرعة الكافية لتلبية الطلب، وتسببت القواعد الآمنة لكوفيد-19 في نقص العمالة في قطاعات البيع بالتجزئة والنقل والرعاية الصحية، وأطلقت طفرة الانتعاش شرارة ارتفاع أسعار الطاقة.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث بدأت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في فبراير، وأدت العقوبات الغربية على أكبر مصدر للنفط والغاز إلى ارتفاع أسعار الوقود.

لماذا الاهتمام بالتضخم؟

يُعرف التضخم بأنه «ضريبة على الفقراء» لأنه يؤثر على ذوي الدخل المنخفض، وقد أدى التضخم في خانة العشرات إلى زيادة التفاوت وعدم المساواة في أنحاء العالم، ففي حين يمكن للمستهلكين الأكثر ثراء الاعتماد على المدخرات التي تراكمت خلال عمليات الإغلاق إبان الجائحة، يجد آخرون صعوبة في تغطية نفقاتهم، ويعتمد عدد متزايد على بنوك الطعام.

ومع حلول الشتاء في نصف الكرة الشمالي، يزداد الضغط على تكاليف المعيشة مع ارتفاع فواتير الوقود، ونظم العمال إضرابات في قطاعات من الرعاية الصحية إلى الطيران للمطالبة بأن تواكب الأجور التضخم، وفي معظم الحالات، اضطروا للقبول بأقل مما يطلبون وتهيمن مخاوف تكاليف المعيشة على سياسات الدول الغنية، وفي بعض الحالات يُغض الطرف عن أولويات أخرى مثل إجراءات مكافحة تغير المناخ.

أسعار البنزين 

وفي حين أن الانخفاض الذي تشهده أسعار البنزين في الآونة الأخيرة قد خفف بعض الضغط، فإن التضخم لا يزال محور تركيز إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ويوسع نظيراه الفرنسي إيمانويل ماكرون والألماني أولاف شولتس ميزانيتهما لتوجيه مليارات من اليورو إلى برامج الدعم.

ولكن إذا كانت الأمور صعبة في الاقتصادات الصناعية، فإن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يزيد من حدة الفقر والمعاناة في البلدان الفقيرة، من هايتي إلى السودان ولبنان إلى سريلانكا ويقدر برنامج الأغذية العالمي أن 70 مليونًا آخرين في جميع أنحاء العالم باتوا على شفا المجاعة منذ بداية حرب أوكرانيا فيما يسميه «تسونامي الجوع».

 

 

ماذا يعني ذلك لعام 2023؟

شرعت البنوك المركزية في أنحاء العالم في رفع أسعار الفائدة رفعًا حادًا لتهدئة الطلب وترويض التضخم، وبحلول نهاية 2023، يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض التضخم العالمي إلى 4.7%، فيما يقل قليلًا عن نصف مستواه الحالي.

والهدف من ذلك هو «هبوط ناعم» في دورة الأعمال تتراجع فيه الأسعار دون انهيار سوق الإسكان أو إفلاس شركات أو ارتفاع معدلات البطالة، لكن مثل هذا السيناريو الأفضل أثبت أنه بعيد المنال في المواجهات السابقة مع ارتفاع معدلات التضخم.

ومن رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) جيروم باول إلى كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي، هناك حديث متزايد عن أن دواء رفع أسعار الفائدة قد يكون مر المذاق، وعلاوة على ذلك، فإن المخاطر المحيطة بأمور يكتنفها قدر كبير من عدم اليقين، مثل حرب أوكرانيا والتوتر بين الصين والغرب، تميل لأن تجعل الأوضاع تسير في الاتجاه النزولي.

وللتدليل على ذلك، كانت التوقعات الدورية لصندوق النقد الدولي في أكتوبر من أكثرها قتامة منذ سنوات، وقال الصندوق فيها «باختصار، الأسوأ لم يأتِ بعد، وفي 2023 سيشعر كثيرون بالركود».

وتجاوز الناتج المحلي الإجمالي العالمي 100 تريليون دولار لأول مرة في عام 2022، وفقا للتقرير السنوي الذي أصدره مركز بحوث الاقتصاد والأعمال للاستشارات في بريطانيا، لكنه سيتوقف عن النمو في العام الجديد، مع استمرار صناع السياسات في معركتهم ضد ارتفاع الأسعار.

 

4 مؤشرات للاقتصاد العالمي

وحدد مراقبون 4 عوامل مباشرة ألقت بتداعياتها على الوضع الاقتصادي العالمي، تشمل:

  • التأثيرات المستمرة منذ جائحة كوفيد-19 واضطرار الكثير من دول العالم لاتخاذ قرارات "الإغلاق الاقتصادي"، مما أدى لتراجع نمو العديد من القطاعات.
  • الحرب الروسية الأوكرانية والانقسام العالمي الراهن، مما دفع الغرب لإقرار حزمة من العقوبات الاقتصادية على موسكو لشل آلتها العسكرية تجاه كييف.
  • استمرار أزمة سلاسل الإمداد العالمية نتيجة الأوضاع الجيوسياسية الراهنة.
  • الصراع الممتد اقتصاديًا وسياسيًا بين الولايات المتحدة وغريمتها الصين.

 

 

مخاطر كبيرة

على الرغم من توقع مجلة "هارفارد بزنس ريفيو"، بوجود فرصة لتراجع التضخم العالمي، إلا أن هناك مخاطر كبيرة، حيث سيستغرق الأمر وقتًا طويلًا قبل أن ينخفض التضخم إلى المستويات المستهدفة للبنوك المركزية، خلافا لمخاطر أخرى تتعلق بالتخلف عن سداد الديون السيادية لبعض الدول.

ورجح رئيس قسم التنبؤ في مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال، كاي دانيال نيوفيلد، أن يواجه الاقتصاد العالمي ركودا العام المقبل نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة استجابة لارتفاع التضخم بالنسبة لمستوى التضخم المتوقع في 2023، يقول أستاذ المالية في كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد ميهير ديساي: "لقد مررنا بتغير زلزالي في معدلات ما زلنا نستوعبها... وفي حين أن معدلات التضخم الجامحة قد تحسنت بعض الشيء، فإننا أقل بكثير من معدل التضخم المستدام".

 معدل التضخم 

وأوضح أن توقعات الوصول إلى معدل تضخم يتراوح بين 4 و5 بالمئة قد يحدث بحلول مايو 2023، لكن العودة إلى التضخم في حدود 2 إلى 3 بالمئة يستغرق وقتًا أطول ويكون أكثر إيلامًا هذا ويرى صندوق النقد الدولي، أن الاحتمال بأن يتراجع النمو العالمي إلى أقل من 2 بالمئة العام المقبل يتزايد، بسبب استمرار آثار الحرب في أوكرانيا والتباطؤ المتزامن في أوروبا والصين والولايات المتحدة وخفض الصندوق في أكتوبر توقعاته للنمو العالمي لعام 2023 إلى 2.7 بالمئة، مقارنة بتوقعات في يوليو بنمو 2.9 بالمئة، وسط ضغوط من الحرب وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء وزيادة التضخم والزيادات الحادة في معدلات الفائدة.

 

ماذا نتوقع في 2023؟

يرى المحلل الاقتصادي البارز، الزميل غير المقيم في مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي، بول سوليفان، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن عام 2023 سيكون به الكثير من الشكوك حول الاقتصاد العالمي، بما يرتبط بذلك من الحرب في أوكرانيا، والضغوط الاجتماعية في العديد من الدول، والافتقار إلى قيادة اقتصادية حقيقية، والاضطراب الناجم عن التغييرات بين الشرق والغرب.

وتشمل توقعاته:

  • يجري تفكيك العديد من أدوات التجارة والاستثمارات وسلاسل التوريد التي كانت مهمة في السابق وتغييرها، وعلى سبيل المثال "الرقائق"، إذ تحاول الولايات المتحدة فصل سلاسل التوريد الخاصة بها عن الصين، في الوقت الذي يحاول الاتحاد الأوروبي فك ارتباطه في مجال الطاقة بروسيا.
  • سيستمر الدين العالمي في النمو، وستتجاوز بعض الديون الوطنية بعض نقاط الخطر كما حدث في سريلانكا وأماكن أخرى.
  • سيستمر التضخم في العديد من الأماكن، رغم نجاح جهود البنوك المركزية الرئيسية بعدد من الدول للسيطرة على التضخم جزئيًا، لكن بعض هذه السياسات تجعل الحياة صعبة للغاية بالنسبة لبعض البلدان الأصغر التي ترتبط اقتصاداتها بالاقتصادات الأكبر.
  • سينمو التفاوت في الدخل والثروة في عام 2023، وسيؤدي هذا إلى زيادة الضغوط الاجتماعية وغيرها في العديد من البلدان.
  • ستزداد أهمية الاقتصاد في التغيرات السياسية والضغوط السياسية في عام 2023.
  • سيستمر عدم اليقين في أسواق النفط والغاز، خاصة بالنسبة للاتحاد الأوروبي واليابان والصين وكوريا الجنوبية والمستوردين الجدد الرئيسيين الآخرين بالإضافة إلى العديد من البلدان المستوردة الأكثر فقرًا التي تتعرض لصدمات اقتصادية في كل مرة تتحول فيها أسواق الطاقة بقوة.
  • ستستمر الاضطرابات بأسواق الأسهم نظرًا لاستمرار حالة عدم اليقين العالمية والمحلية التي يمكن أن تؤثر عليها.
  • قد نشهد المزيد من حالات التخلف عن سداد القروض في البلدان الفقيرة، ويبدو أننا أمام طلبات قروض متزايدة من البلدان الفقيرة إلى صندوق النقد الدولي، وهو الملاذ الأخير لهم.
  • ستشهد البلدان الأكثر فقرًا والمعرضة للتضخم انخفاضًا أكبر في الأجور والمداخيل الحقيقية لشعوبها.
  • سيُنظر إلى برامج التحفيز الضخمة والبرامج الأخرى الهادفة إلى تحقيق الاستقرار في بعض أكبر الاقتصادات على أنها أكثر تكلفة مما هو مقدم