حامد بدر يكتب: اصطباحة أول ٢٠٢٣

مقالات الرأي

بوابة الفجر

 

صباح جديد، آجواء بدت باردة لكن سُرعان ما حنت الشمس بأشعتها على رؤوس الخلائق، الدفء بدأ يعمّ، ومن ثمَّ حرارة في الأجساد، زحام؛ لتمتزج جميعها في سيمفونية متناغمة مع حركات الناس في البكور.

المشهد الأول


تسحبُ طفلها مسلوب الإرادة الذي لم يكمل عامه الرابع من يده وتسير به على طريق مجاور لسوق،  وفي يدها كيس يحوي (2 ساندويتش فول)، تنادي صوت يغلبه الإنهاك (يا رب). 
يقف الناس والمارّة يشاهدونها، فتمعن قِلَّةُ مثلي النظر إليها لبضع دقائق، ويمر آخرون مرور الكِرَام، فلاتسعفهك الثواني حتى ليلقو عليها نظرة تستعب تفاصيلًا أخرى، يتخذون الطريق المؤدية نحو بُغية كلٍّ منهم.  ثم يقترب أحد الباعة ليعطسها ثمرتين مما يبيع، فاقيلهما وتخبئهما داخل حمولتها المتدلاة من يدها، وتكمل سيرها نحو اتجاه بعيد، حتَّى تبتلعُها المنعطفات.

المشهد الثاني 
 

داخل ميكروباص منطلق من إحدى محافظات الدلتا نحو مدينة أكبر، حيث إحدى الجامعات الحكومية، التي يعاقر فيها طلابنا من الشباب طامحسن لغد أكبر، وإذ بعدد من الشباب المثابر يقبضون على كتبهم كفرسان، يستعدون للحظات ماقبل الاختبارات، قد طووا مصاحفهم وتمتموا بالذكر عسى الله يبشرهم بجميل مع بداية العام الجديد.

المشهد الثالث 


آخر الأخبار وآخر تحديثات صفخات التواصل الاجتماعي التي لم تأت بجديد عن الأسعار، ومسرودات الاقتصاديين المتناقلة والتي يتم مشاركتها بين الهم والهزل، والحالات الدينية التي تسعى للطمأنة والتهدئة. 
ولكن صراعات أخرى عل تهنئة الإخوة الأقباط بالعام الجديد تكسر هذه الحيوية، وبعض المنشورات الطامحة والأخرى الغاضبة.

المشهد الرابع 


رجل مُسن جلس في شرفته ووضع بعضا من الشاي ودقق من خلف عدسات نظارته الغليظة، تجاوره حبيبته التي بلغت ربيع العمر، وبسمة هادئة على شفتيها، كأنها تقول "هييه على الأيام"، وعيونها تترجم أكثر مما كان عِشقا، ينظر كلاهما إلى بعيد وفي عليهما سؤال واحد: "كيف مرَّت هذه الأيام؟".

المشهد الخامس


مكتب مملوء بالموظفين داخل إحدى المصالح الحكومية، وأوراق متناثزة، َرواح وإياب للكثيد، ومظفون منشغلون، ومواطنون في عَجَلَة، وصياح بعضهم، َتبريرات، ومنظمة رقمية لم تأخذ حظها داخل أروقة الغُرَف.

اختلطت كل هذه المشاهد داخل رأسي مع بعض من المشاهد المضحكات المبكيات من فيلم عسل اسود الذي قام ببطولته الفنان أحمد حلمي، والذي وصلت فيه عقدة الكاتب إلى أن استعان بصوت المطربة "ريهام عبد الحكيم" في أغنية "سواد العسل"، واختتمها بحبكة "فيها حاجة حلوة".