مى سمير تكتب: سقوط حرية الإعلام الغربى فى ٢٠٢٢

مقالات الرأي

بوابة الفجر

 تجاهل سرقة بيانات المستخدمين فى السوشيال ميديا  

غض البصر عن دور المخابرات الأمريكية فى محاولة اغتيال أسانج  

رشاوى بيل جيتس لمراكز وصحف إخبارية

منذ تأسيسها فى عام ١٩٧٦، ركزت مؤسسة Project Censored على موضوع «قمع المعلومات»، سواء كان مقصودًا أم لا، وبأى طريقة، بما فى ذلك التحيز أو الحذف أو نقص الإبلاغ أو الرقابة الذاتية.

وفى تقريرها السنوى الذى تصدره فى نهاية كل عام، تكشف المؤسسة كيف منعت وسائل الإعلام الغربية الجمهور من معرفة ما يحدث فى المجتمع بشكل كامل.

وحسب المؤسسة لا تتمتع وسائل الإعلام الغربية بالكثير من الحرية عند تناول عدد كبير من القضايا التى كثيرا ما يتم استبعادها من التغطية.

ويركز التقرير على الموضوعات الصحفية التى تم تجاهلها أو تناولها بشكل عابر دون اهتمام حقيقى من وسائل الإعلام العالمية الكبرى.

صناعة الوقود الأحفوري 

كشفت دراسة شاملة لـ ١٩١ دولة، نشرها صندوق النقد الدولى فى سبتمبر ٢٠٢١، أن صناعة الوقود الأحفورى على مستوى العالم تتلقى إعانات قدرها ١١ مليون دولار فى الدقيقة.

وتلقت شركات الوقود الأحفورى ٥.٩ تريليون دولار فى شكل دعم فى ٢٠٢٠، مع توقع ارتفاع الدعم إلى ٦.٤ تريليون دولار بحلول عام ٢٠٢٥، وفقا لتقرير صندوق النقد الدولى.

بعض هذه الإعانات مباشرة، بما فى ذلك السياسات الحكومية التى تخفض الأسعار وتوفر إعفاءات ضريبية.

لكن أكبر الفوائد التى تحصل عليها شركات الوقود الأحفورى تشمل ما حسبه تقرير صندوق النقد الدولى على أنه إعانات غير مباشرة، بما فى ذلك عدم تحمل المسئولية عن التكاليف الصحية لتلوث الهواء المميت (٤٢ فى المائة من حجم الدعم المالى المقدم لها)، والأضرار الناجمة عن الظواهر الجوية المتطرفة المرتبطة بالاحترار العالمى (٢٩ فى المائة)، والتكاليف الناتجة عن حوادث التصادم والازدحام المرورى (١٥ بالمائة).

وفى الواقع، لا تغطى شركات الوقود الأحفورى الأضرار التى تسببها منتجاتها، وبالتالى تقلل بشكل مصطنع من تكاليف الوقود وتترك الحكومات ودافعى الضرائب يدفعون التكاليف غير المباشرة.

وعندما تنتج الضرائب الحكومية على الوقود الأحفورى إيرادات غير كافية، فإن العواقب تشمل مزيجًا من الضرائب المرتفعة فى مناطق أخرى، وزيادة العجز الحكومى، وانخفاض الإنفاق على السلع العامة.

ويؤدى تسعير الوقود الأحفورى لتغطية إمداداته وتكاليفه البيئية إلى ما أطلقت عليه دراسة صندوق النقد الدولى «السعر الفعال» للوقود الأحفورى، ومع ذلك، وكما وجد صندوق النقد الدولى، فإنه لا توجد حكومة وطنية واحدة تقوم حاليًا بتسعير الوقود الأحفورى بسعره الفعال.

فى سبتمبر ٢٠٢١، أعلنت منظمة تغيير النفط الدولية أن أكثر من ٢٠٠ منظمة مجتمع مدنى من أكثر من أربعين دولة، دعت القادة الدوليين إلى إنهاء التمويل العام للفحم والنفط والغاز.

وقال لورى فان دير بورج، من شركة «أويل تشينج إنترناشيونال»، إنه لأمر مخز أن الدول الغنية لا تزال تنفق أموالا عامة على الوقود الأحفورى أكثر مما تنفقه على تمويل حماية المناخ».

سرقة الأجور 

أفاد مركز النزاهة العامة فى مايو ٢٠٢١ أن آلاف الشركات الأمريكية تدفع أجورًا أقل للعمال بشكل غير قانونى، ومع ذلك نادرًا ما يتم معاقبتهم.

حسب التقرير، فإن هذه الممارسة المنتشرة على نطاق واسع، تعمل على إدامة عدم المساواة فى الدخل، وتؤثر بشدة على العمال ذوى الأجور الأقل.

وتتضمن سرقة الأجور مجموعة من الممارسات غير القانونية، مثل دفع أجر أقل من الحد الأدنى للأجور، أو حجب الحوافز، أو عدم دفع أجر إضافى، أو مطالبة العمال بالعمل خلال فترات الراحة أو بعد ساعات العمل.

وتستهدف هذه المعاملات بشكل خاص عمال الخدمة والعاملين ذوى الدخل المنخفض والعمال المهاجرين وأصحاب البشرة السمراء أكثر من غيرهم، وفقًا لدراسة «الغش فى العمل» الصادرة عن مركز النزاهة العامة، والتى نُشرت فى عام ٢٠٢٢.

واستنادا إلى التحليل المستقل للتقارير الواردة من قسم الأجور والساعات بوزارة العمل الأمريكية على مدار ١٥ عاما، فإن الشركات المتورطة فى سرقة الأجور «ليس لديها حافز يذكر لاتباع القانون».

وتضمنت التغطية الصحفية الغربية لهذه القضية شكل من أشكال التعميم، دون الدخول فى تفاصيل هذه الممارسة الممنهجة فى الولايات المتحدة الأمريكية.

الأموال المظلمة 

فى سياسة الولايات المتحدة، تشير الأموال المظلمة إلى الإنفاق للتأثير على الانتخابات، بينما لا يتم الكشف مصدر الأموال للناخبين.

فى الولايات المتحدة، قد تنفق بعض المنظمات غير الربحية (مثل منظمات الرعاية الاجتماعية) الأموال على الحملات دون الكشف الجهات المانحة لها.

ويمثل تأثير الأموال المظلمة تحديًا كبيرًا لنزاهة أداء حكومة الولايات المتحدة ككل. وعلى عكس المساهمات المباشرة من قبل رجال الأعمال والمنظمات المختلفة، والتى يجب الكشف عنها للجمهور، فإن المساهمات المالية المظلمة تخفى عن قصد أسماء المتبرعين عن الرأى العام.

ونتيجة لذلك، تؤثر الأموال المظلمة بشدة على القرارات السياسية لصالح أجندات أفراد أو مجموعات محددة بدلا من دعم المصالح الجمهور.

فى عام ٢٠٢٢، سلط موقع بيزنس انسايدر الضوء على الزيادة الكبيرة فى التبرعات المالية المظلمة من مجموعات سياسية متنوعة. كما غطت المقالات الافتتاحية التى ظهرت فى كل من وول ستريت جورنال وواشنطن بوست مناقشة الأموال المظلمة فى قضايا منفردة مثل جلسات استماع تأكيد القاضى ترشيح القاضية كيتانجى براون جاكسون للمحكمة العليا. ومع ذلك، لم تتناول أى من المقالات المنشورة فى الصحف الكبرى الأموال المظلمة التى تدعم التوجهات السياسية المختلفة، أو تأثير هذا التمويل على الترويج للأيديولوجية المناهضة للديمقراطية وتعزيزها، أو تداعيات كيف يؤدى إنفاق الأموال المظلمة إلى تآكل ثقة الجمهور فى الحكومة والانتخابات.

تورط الدول الغنية 

تطلق الدول الأكثر ثراء، مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، ما يقرب من ١٠٠ ضعف انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى للفرد الواحد، مقارنة بالعديد من البلدان الأفريقية، ومع ذلك فإن مسئولية مواجهة هذا الضرر تقع منذ فترة طويلة على عاتق ضحايا تغير المناخ الأكثر ضعفا.

وتضمنت اتفاقيات المناخ بباريس لعام ٢٠١٥ وعدًا من جانب الولايات المتحدة لتلبية احتياجات البلدان منخفضة الدخل التى تعانى من الآثار الكارثية لتغير المناخ. وضمنت الولايات المتحدة أن الدول الصناعية ستساهم بمبلغ ١٠٠ مليار دولار سنويا لمواجهة تغير المناخ، بدءا من عام ٢٠٢٠، ومع ذلك لم تنفذ الدول المتقدمة هذا الوعد حتى الآن.

الحقيقة المؤلمة التى لا يتم الحديث عنها هى أن حتى ١٠٠ مليار دولار، فى حال تحقق ذلك، لن تكون كافية لمعالجة التأثير الكارثى لتغير المناخ فى جنوب الكرة الأرضية.

على سبيل المثال، احتاجت زيمبابوى إلى ١.١ مليار دولار لإعادة بناء البنية التحتية التى تدمرت بفعل إعصار واحد فقط فى عام ٢٠١٩.

وتعانى موزمبيق من خسائر سنوية فى المتوسط بنحو ٤٤٠ مليون دولار من الفيضانات المرتبطة بالأعاصير.

وبدأت وسائل الإعلام الكبرى مثل مجلة التايم ونيويورك تايمز فى الإبلاغ عن العنصرية البيئية فى الولايات المتحدة. ومع ذلك، لا تتحدث وسائل الإعلام الغربية عن دور الولايات المتحدة فى تسريع آثار تغير المناخ فى جنوب الكرة الأرضية. إن وسائل الإعلام الكبرى لا تزال تمتنع عن تقديم تقارير عن الوضع بالكامل، فهم لا يغطون بشكل كاف الدور الفظيع الذى لعبته الولايات المتحدة فى تغير المناخ.

استغالل بيانات المستخدمين 

تجمع تطبيقات ومنصات الوسائط الاجتماعية الأكثر شهرة فى العالم بيانات المستخدمين وتوظفها لاستهدافهم بإعلانات مخصصة. وأصبح هذا النوع من «إعلانات المراقبة» ممارسة منتشرة ومربحة للغاية.

وعارض مكتب الإعلان التفاعلى، وهو مجموعة تجارية تمثل المنافذ الإعلامية التى تستخدم الإعلانات الرقمية، بشدة جهود لجنة التجارة الفيدرالية لتقييد جمع بيانات وتحقيق أرباح منها.

يمثل هذا المكتب العشرات من الشركات الإعلامية الكبرى مثل واشنطن بوست وفوكس نيوز، نيويورك تايمز، وغيرهم من المنافذ الكبرى.

هذا يعنى باختصار أن وسائل الإعلام الأمريكية لا تمانع من استغلال بيانات المواطنين واختراق خصوصيتهم لتحقيق مكاسب خاصة.

قتل جوليان أسانج 

فى أواخر عام ٢٠١٧، نظرت وكالة المخابرات المركزية، التى كانت تحت إشراف مايك بومبيو، بجدية فى خطط خطف أو اغتيال مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج، وفقا لتحقيق أجرته ياهو نيوز فى سبتمبر ٢٠٢١، تضمن تقرير ياهو نيوز مقابلات مع أكثر من ثلاثين مسئولا أمريكيا سابقا، ثمانية منهم تحدثوا عن الخطط الأمريكية لاختطاف أسانج، وثلاثة منهم وصفوا وضع خطط لقتله. ووفقا لمسئول سابق، جرت مناقشات اختطاف أو قتل أسانج «على أعلى المستويات» فى إدارة ترامب.

ووصفت ياهو نيوز الخطط بأنها «جزء من حملة غير مسبوقة لوكالة المخابرات المركزية ضد أسانج وويكيليكس.. «يبدو أنه لا توجد حدود»، وفقا لمسئول مكافحة التجسس السابق.

وتضمنت السيناريوهات المحتملة التى اقترحها مسئولو وكالة المخابرات المركزية وإدارة ترامب الاصطدام بمركبة روسية تقل أسانج من أجل الإمساك به، وإطلاق النار على إطارات طائرة تقل أسانج من أجل منع إقلاعها، والانخراط فى معركة بالأسلحة النارية فى شوارع لندن.

وطلب المسئولون الأمريكيون من «نظرائهم البريطانيين القيام بإطلاق النار إذا لزم إطلاق النار، ووافق البريطانيون»، وفقا لما ذكرته ياهو نيوز، وبناء على شهادة أحد كبار المسئولين السابقين فى الإدارة، ذهب كبار مسئولى وكالة المخابرات المركزية إلى حد رسم «اسكتشات» أو وضع «خيارات متنوعة» حول أساليب قتل أسانج.

ورفض بعض المسئولين السابقين الذين قابلتهم ياهو نيوز الحديث عن مثل هذا التخطيط باعتباره غير محتمل أو مضحك.

ولم تتلق خطط الولايات المتحدة لاختطاف أو اغتيال جوليان أسانج سوى القليل من التغطية الإخبارية فى الولايات المتحدة مع استثناءات لا تذكر.

رشوة وسائل الإعلام الغربية 

تبرعت مؤسسة بيل وميليندا جيتس بأكثر من ٣١٩ مليون دولار لتمويل منافذ إخبارية ومراكز صحفية وبرامج تدريبية وجمعيات صحفية وحملات إعلامية محددة، مما يثير تساؤلات حول تضارب المصالح والاستقلال الصحفى.

اليوم، من الممكن للصحفى أن يتدرب كمراسل بفضل منحة مؤسسة جيتس، والعثور على عمل فى منفذ يموله جيتس، والانتماء إلى جمعية صحفية يمولها جيتس.

وتوفر مؤسسة جيتس التمويل «للعديد من أهم منافذ الأخبار الأمريكية» بما فى ذلك منصة إن بى آر التى تلقت ٢٤.٦ مليون دولار من تمويل محطة إن بى سى التى تلقت ٤.٣ مليون دولار، ومحطة سى إن إن التى تلقت ٣.٦ مليون دولار، وغيرهم من المنظمات الإعلامية.

وعلى الرغم من الإشادة بمؤسسة جيتس فى كثير من الأحيان لعملها الخيرى، إلا أن النقاد حذروا من قدرة بيل جيتس والمليارديرات الآخرين على استخدام ثرواتهم غير العادية للتأثير على الأخبار، ووضع أجندة وسائل الإعلام الغربية.

ويشكل هذا التمويل تضاربًا صارخًا فى المصالح، حيث إن المؤسسات التى نعتمد عليها فى محاسبة أحد أغنى وأقوى الرجال فى العالم، يتم تمويلها من قبل نفس الرجل.