أحكام وشروط الحج والعمرة للمرأة

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

تزايد البحث خلال الساعات الماضية حول  أحكام وشروط الحج والعمرة للمرأة، حيث قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}.


فالحج فرض على كل مسلم ومسلمة قادر عليها، أما العمرة فهي سنة مؤكدة، لها ثواب عظيم وفضل كبير تحدثت عنه مئات الأحاديث النبوية.


ويُشترط لسفر المرأة سواء كان للحج أو العمرة إذن زوجها إلا في حج الفريضة فلا يُشترط عند جمهور الفقهاء.
وإن لم تملك المرأة نفقة حج الفريضة من مالها لم يجب عليها، ومن إحسان زوجها إليها تحمل نفقة حجها.
و يجوز حجُّ المرأة وعمرتها عن غيرها؛ رجلًا كان أو امرأةً، بشرط حجِّها عن نفسها أولًا.


وتُحرِم المرأةُ بملابسها المعتادة الساترة لجميع جسدها عدا وجهها وكفيها؛ لقوله ﷺ: «لاَ تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلاَ تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ ». [ أخرجه البخاري].


ويجب على المرأة أن تُحافِظ المُحرِمَةِ على مشيتها المعتدلة أثناء الطواف والسعي، ولا يُسَنُّ في حقها الرَّمَلُ في الطواف، ولا الإسراع بين العلمين الأخضرين في المسعى.
ويجوز للحاجَّة غسل شعرها ونقضه وامتشاطه؛ لما روي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي». [متفق عليه].
ولا يجوز للمرأة حلق شعرها؛ بل الواجب تقصيره قدر أنملة الإصبع لإتمام النسك؛ لحديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ». [أخرجه الدارقطني].
ويجوز للحاجَّة أخذ العقاقير الطبية لمنع الحيض، بشرط ألا تتضرر بذلك.، فإذا فاجأ الحيضُ المحرمةَ: فعليها أن تؤدي كل المناسك، غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر؛ لقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي». [أخرجه مسلم].
و إذا فاجأها الحيض قبل أداء طواف الإفاضة، وخشيت فوات الرفقة؛ فلها أن تتحفظ وتحطاط جيّدًا وتطوف بالبيت.
وإن أدَّت الحاجَّة جميع المناسك وفاجأها الحيض بعد طواف الإفاضة؛ جاز لها السفر متى أرادت؛ وسقط عنها طواف الوداع؛ لما روي عن أمِّ المؤمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام حَاضَتْ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «أَحَابِسَتُنَا هِيَ» قَالُوا: إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ قَالَ: «فَلاَ إِذًا». [ متفق عليه] وَصَلَّىٰ اللَّه وَسَلَّمَ وبارَكَ علىٰ سَيِّدِنَا ومَولَانَا مُحَمَّد، والحَمْدُ للَّه ربِّ العَالَمِينَ.
أحكام العمرة للمرأة
الإحرام
إذا وصلت المرأة المعتمرة إلى المِيقات يُشرع لها ويُستحبّ لها تَقليم الأظافر.
يُستحبّ أن تَغتسل غُسل الإحرام، وهو سنَّة عند الإحرام لكلٍّ من الرِّجال والنِّساء، ويشمل ذلك النَّفساء والحائض؛ لأنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أمر أسماء بنت عميس بعدما ولدت بذي الحليفة أن تغتسل وتُحرم، وأمر عائشة -رضي الله عنها- أيضًا أن تَغتسل وتُحرم بالحجِّ لما حَاضت، وأن تفعل كما يفعل الحاجُّ باستثناء الطَّواف.
ارتداء لباس الإحرام
تُحرِم المرأة بما شاءت من الثِّياب المُباحة لها، مع أخذ الحذر من ارتداء ما فيه تشبُّه بالرِّجال. يجب ألَّا يكون لباس الإحرام مُلفتًا، لقول عائشة -رضي الله عنها-: (المُحرمةُ تلبسُ من الثيابِ ما شاءت إلا ثوبًا مسَّه ورسٌ أو زعفرانٌ ولا تتبرقعُ ولا تتلثَّمُ وتسدلُ الثوبَ على وجهِها إن شاءتْ).
يجوز لها إرتداء الخُفَّين والجَوربين، لحديث عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كان يُرَخِّصُ للنساءِ في الخُفَّيْنِ).
يُستحب للمُعتمرة أن تَختضب بالحِنَّاء عند إحرامها -أي أن تضع الحنّاء-، وأمَّا الرَّجل فمنهيٌّ عن ذلك، ويكون طِيب المرأة بكلّ ما له لونٌ ولا رائحة له، ويكون ذلك قبل قبل أن تَنوي الإحرام عند المَيقات، ويَحرم عليها بعد ذلك.

ويُستحب للمُعتمرة أن تبدأ إحرامها بعد صلاة الفريضة -باستثناء الحَائض والنَّفساء- إن كان في وقت الفريضة. إن لم يَكن في وقت الفريضة تُصلّي ركعتين تنوي بهما سنَّة الوضوء.
بعد الانتهاء من الصَّلاة تنوي بقلبها الدُّخول في النُّسك الذي تريده، سواءً كان عمرةً أو حجّ، لقول النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (الأعْمَالُ بالنِّيَّةِ، ولِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).
إن نوت المرأة الجمع بين أداء العمرة والحج تقول "لبَّيك عُمرةً وحجًا" أو "اللَّهم لبَّيك عمرةً وحجًا".
إن كانت مُعتمرةً أو حاجَّةً عن غيرها، تَنوي ذلك في قلبها ثم تَقول "لبَّيك عن فلان، أو لبَّيك عن أم فلان، أو عن بنت فلان".
والأفضل أن يتمَّ ذلك بعد أن تركب في السَّيارة أو غيرها من وسائل النَّقل، ثمَّ تُلبِّي بعدها بتَلبية النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "لبَّيك اللَّهم لبَّيك، لبَّيك لا شريك لك لبَّيك، إن الحمد والنِّعمة لك والمُلك، لا شريك لك لبَّيك".
يُستحبّ أن تُكثر من التلبية بكلِّ أحوالها؛ قائمةً، وجالسةً، وراكبةً، وماشيةً، وفي كلِّ صعودٍ أو نزول، حتى وإن كانت حائضًا أو نَفساء.
تُستحب التَّلبية في المسجد الحَرام، ومسجد الخيف بمنى، ومسجد إبراهيم بعرفات؛ لأنَّها مواضع نُسُك، ولا تلبّي المعتمرة عند طواف القُدوم ولا في السَّعي؛ لأنَّ لهما أذكارًا خاصَّةً.
لا تَرفع المرأة صَوتها في التَّلبية كالرَّجل بل يُكره لها ذلك، وتَقتصر على إسماع نفسها فقط.
 

شروط الطواف حول الكعبة


يُشترط لصحَّة الطَّواف:
نيَّة الطَّواف؛ ومَحلُّ النيَّة القلب.
الطَّهارة من الحَدث الأكبر؛ ويشمل ذلك الجَنابة. الحَيض. النَّفاس؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها-: (دَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بسَرِفَ وأَنَا أبْكِي، فَقالَ: ما لَكِ أنَفِسْتِ؟ قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: هذا أمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ علَى بَنَاتِ آدَمَ، اقْضِي ما يَقْضِي الحَاجُّ غيرَ أنْ لا تَطُوفي بالبَيْتِ).
سَتر العَورة؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: (لا يَحُجَّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، ولَا يَطُوفَ بالبَيْتِ عُرْيَانٌ).
الطَّواف حول الكعبة كلِّها، فإن كان الطَّواف من داخل الحِجر لم يَصح؛ لأنَّ الحِجر من البيت. جعل البيت عن يَسارها؛ وذلك لفعل النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-. بدء الطَّواف من الحجر الأسود، وتنتهي به أيضًا.
الطَّواف سبعة أشواطٍ كاملة؛ وإن نَقصت لم يصح؛ لأنَّ عدد الأشواط مُحدَّدٌ كعدد الرَّكعات في الصَّلاة، ولا يَصحُّ إلّا إن كان كاملًا.
المُوالاة بين الأشواط؛ بأن لا تُفرِّق بين الشَّوط والآخر إلا لعذر؛ مثل: الاستراحة من التَّعب. أو لقضاء الحاجة. أو للصَّلاة على الجنازة فيَصحُّ عندها، وأمَّا إن تفرَّقت الأشواط بغير عذرٍ بَطل الطَّواف.
سنن الطواف
يُسنُّ للمرأة أثناء الطَّواف عدَّة أمورٍ:
الابتعاد عن الرِّجال ما أمكنها، كما عليها ألَّا تُزاحم الرِّجال سواءً أكان ذلك في الطَّواف، أو عند الحجر الأسود، أوعند الرُّكن اليَماني.
الدعاء بين الرُّكن اليَماني والحَجَر الأسود بالدُّعاء المَأثور عن الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- في هذا المَوضع: (رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
الدعاء أثناء الطَّواف بالأدعية الشَّرعيَّة الواردة في القرآن والسنَّة. الاتجاه إلى مقام إبراهيم بعد الانتهاء من الطَّواف وهي تتلو الآية: (وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى).
تقبيل الحجر الأسود؛ حيث يعد تقبيل الحجر الأسود أثناء الطَّواف سُنَّة مؤكَّدة من سُنن الطَّواف ولكنَّ هذا مَشروطٌ بعدم المُزاحمة أو الإيذاء أثناء فعله؛ فإن أدَّى تقبيل الحجر الأسود للمُزاحمة أو الإيذاء وجب ترك ذلك، والاكتفاء بالإشارة باليَد، ويكون هذا بحقِّ المرأة أولى، فعليها الابتعاد عن المُزاحمة والإشارة للحجر الأسود بيدها إلّا إن تمكَّنت من تقبيله دون مُزاحمة.
بعد أن تُتمَّ المرأة طوافها، تُصلِّي ركعتين خلف مقام إبراهيم، وتقرأ فيهما سورتيِّ الكافرون والإخلاص، ثم بعدها تذهب إلى زَمزَم وتَشرب منها، ثم تعود بعد ذلك إلى الحجر الأسود فتَستلمه إن تيسَّر لها ذلك.
تُخالف المرأة الرَّجل بعدَّة أمور في الطَّواف هي:
الرَّمَلِ -إسراع المشي-، والاضْطِبَاع -كشف المنكب الأيمن-؛ إذ تُخالف الرَّجل بهما، فتمشي دون الإسراع، كما أنَّها تَستر جميع بَدنها بغير نقاب ولا قُفّازان.
كما يُستحبُّ للمرأة أن تطوف ليلًا؛ لما في ذلك من زيادة في السِّتر.
ألاَّ تدنو من الكعبة أثناء الطَّواف في حال تواجد الرِّجال.
السعي بين الصفا والمروة
بعد أن تنتهي المرأة من طَوافها تتَّجه إلى الصَّفا لتبدأ السَّعي بعد أن تَستقبل الكعبة المُشرَّفة وتُوحِّد الله -تعالى- وتُكبِّره، وتقرأ قوله -تعالى- وهي متَّجهة إلى الصَّفا: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّـهِ).[٢٠] وتقول أيضًا: "أبدأ بما بدأ الله به"، فتبدأ بالصَّفا، وعندما ترى الكعبة منها تقول: "لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له المُلك وله الحَمد وهو على كل شيءٍ قدير، أنجَز وعده، ونَصر عبده، وهزم الأحزاب وحده"، وتدعو بعدها بما تَشاء.
ثم تَسير باتِّجاه المَروة ولا تُسرع بين العلمين الأخضرين كما يفعل الرِّجال؛ بل تمشي حسب مَشيتها دون إسراعٍ، وعندما تَصل إلى المَروة تصعد عليها وتُكبِّر وتُهلِّل وتدعو بما تَشاء، وتكون بذلك قد أتمَّت شوطًا واحدًا.
تَعود بعدها إلى الصَّفا مرَّة أخرى ليكون هذا شوطًا ثانيًا، وتُكمِل على هذا الحال سبعةَ أشواطٍ، بحيث تحتسب الذَّهاب شوطًا والعودة شوطًا حتى تُكمل السَّبعة أشواط.
يُستحبّ للمرأة أثناء السَّعي بين الصَّفا والمروة أن تكون مُتطهّرةً من الأحداث والخَبائث، ولكنَّ السَّعي بغير طهارةٍ يَصحُّ أيضًا، حتى لو كانت المرأةُ حائضًا أجزأها ذلك، ولو كانت على طَهارةٍ وطافت بالبيت ثم نَفَسَت أو حَاضت أجزأها ذلك أيضًا؛ وذلك لأنَّ الطَّهارة في السَّعي ليست شرطًا من شروط الصَّحة كالطَّواف، بل هي مُستحبَّةٌ.
التحلل من الإحرام
بعد أن تنتهي المرأة من أشواط السَّعي السَّبعة كاملةً، تَتحلَّل من الإحرام؛ ويكون ذلك من خلال تَقصير شعرها، بخلاف الرَّجل الذي يُخيَّر بين الحَلق والتَّقصير والحَلق له أفضل، ويَحلُّ لها بعد ذلك كلُّ ما كان محرَّمًا عليها بالإحرام من الأمور الآتية:
الجِماع ودواعيه.
والتَّطيُّب. وقصِّ الأظافر وتقليمها. وتغطية الوجه. ولبس القفَّازين وغيرها.