٥٤٢ فيلمًا فى ١٠ سنوات.. البغاء فى السينما المصرية

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر

الدكتور خالد بهجت المدرس بالمعهد العالى للسينما، قام بدراسة تجربة السينما فيما يخص البغاء، وقدم رسالة بحثية نشرها فى كتاب باسم «البغاء على شاشة السينما المصرية ١٩٧٥ – ١٩٨٥»، حاول فيها العودة إلى الجذور التاريخية لهذه الظاهرة وتاريخ البغاء فى مصر، والدوافع الاقتصادية والاجتماعية والنفسية لها، وكيف تناولت السينما ظاهرة البغاء على مدى تاريخها، وأكد أن شخصية العاهرة ظلت دائما ذات جاذبية خاصة لصناع السينما الذين أسرفوا فى استغلالها لكن دونما الغوص فى أعماقها وأبعادها الحقيقية.

وأشار إلى أنه خلال الفترة من (١٩٧٥_١٩٨٥) قدمت السينما المصرية نحو ٥٤٢ فيلمًا بمعدل ٥٤ فيلمًا فى العام الواحد تقريبًا، منها ٢٩ فيلما ناقش موضوع البغاء، منها فيلم «الهارب» عام ١٩٧٥ إخراج «كمال الشيخ» وهو أول فيلم يقدم فى تلك الحقبة شخصية البغى، وفى نفس العام قدم عاطف سالم فيلم «ومضى قطار العمر»، المقتبس من فيلم «بابا» إخراج «عاطف يالماظ التركى»، والفيلم يقدم انحراف فتاة واحترافها البغاء تحت وطأة الظروف الاجتماعية التى دفعت بها إلى هذا المستنقع، ثم قدم شادى عبد السلام فى «المومياء» شكلًا للبغاء فى القبائل التى تعيش فى الجبال حيث كان مكان البغاء فى جوف الجبل، وفى عام ١٩٧٦ قدم سمير سيف فيلم «دائرة الانتقام» عن قصة «الكونت دى مونت كرستو»، حيث «جابر» الذى يخرج من السجن ويفاجأ أن شقيقته «شوشو» تعمل فى منزل دعارة وقد احترفت المهنة بعد دخوله السجن، بعد أن زادت وطأة الحياة الاقتصادية بسجنه ومرض والدته واحتياجها للدواء.

وأكد أنه كان طبيعيا أن تعالج السينما ظاهرة البغاء وكان الأمل أن تسهم بدور مؤثر فى مواجهة هذا الانحراف لتجيب على أسئلة جديدة ولكن هذا لم يحدث فقط امتلأت معظم الأفلام بحشد من المشاهد الجنسية بقدر ما خاضت بمشاهد الرقص والغناء والاستعراض، وهى العناصر التى استخدمتها السينما لتغيب الوعى وإثارة غرائز المتفرج، إذ ما يهم صناع الفيلم هو شباك التذاكر حينها.

ورأى «بهجت» أن الرؤية السينمائية فى هذا التوقيت ازدادت جرأة والأغرب هو موقف الرقابة والتساهل الذى يعتقد أنه كان نتيجة لواقع فرض على الرقابة قدرا من التسامح حتى يتسلى الشعب فى الجنس وخاصة بعد هزيمة ٦٧ وجاء نموذج العاهرة فى معظم الأفلام السنيمائية أنها «بغى» تحمل مثلا عليا وقيما إنسانية بل شرفا أكثر من غيرها ممن يدعون الشرف من الطبقات الأعلى منهن اجتماعيا واقتصاديا وتعليميا.

وفسر الدكتور خالد بهجت رجوع جميع الأفلام التى تتناول قضية البغاء إلى قبل ثورة يوليو ١٩٥٢ حتى التى تمت صناعتها فى الثمانينيات باستثناء «حمام الملاطيلى» فكان بعد نكسة ١٩٦٧.

وأكد أنه لم تقتصر صورة البغى على تلك الفتاة الفقيرة المسكينة، فظهرت بغايا من طبقات برجوازية أو لهن أحلام من الثراء، ربطت معظم هذه الأفلام بين الجنس والفساد بالحالة العامة التى تعيشها مصر بعد هزيمة ١٩٦٧ وهما تحديدا «ثرثرة فوق النيل»، «وحمام الملاطيلى»، وأظهرت هذه الأفلام أن السقوط ليس خطيئة فرد فحسب بل هو نتاج لمجتمع كله فاسد وساقط.

وقدم «بهجت» بعض الفرضيات فى أخر دراسته منها أن السينما المصرية فى الفترة ١٩٥٧_١٩٨٥ لم تهتم بمشكلة البغاء الاهتمام الواجب رغم معدلات الظاهرة المرتفعة، ويرى المؤلف أن إغفال أفلام تلك الفترة للأسس العلمية للعوامل والاقتصادية والاجتماعية والنفسية لمشكلة البغاء، وتدهور الحركة النقدية باعتبارها ركنًا مهما فى تطور الفيلم المصرى من خلال كشف السلبيات.