الرجال يطلبون «الجنس وأشياء أخرى»

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر

قضى المنطق أن تكون الاستعانة بفتيات الليل، لتقديم خدمات جنسية مقابل المال، لكن فى السطور التالية سنكتشف، أن ثمة أشخاصا، لا يطلبون الخدمات الجنسية، بينما يطلبون الدعم النفسى والاحتياجات الإنسانية.

بدأ كل شيء عندما طرحت إحدى المشاركات على موقع رديت الشهير سؤالا على فتيات الليل: «ما أتعس طلب أو قصة لديك مع عميل؟»

القصة الأولى كانت لرجل كل ما أراده من الفتاة أن تمسكه وتهزه بينما كان يبكى فى حالة أشبه بالانهيار، كتبت الفتاة: «وكأنه لم يكن لديه مكان آمن آخر لإظهار المشاعر». وأضافت: إنها فى النهاية لم تكن قادرة عن منع نفسها من البكاء مثله. لم يعترف لها لماذا يبكى ولماذا طلب منها مشاركته هذه اللحظة من الضعف الإنسانى؟ ولكنها أدركت أن بداخله قدرا كبيرا من الحزن.

كما كشفت فتاة عن قيام امرأة فى منتصف العمر بطلبها حيث أرادت فقط رفيقة تشاركها تناول العشاء فى المساء. بعد تناول العشاء ذهبت معها إلى السينما ثم عادت معها فى منزلها. وعندما دخلت منزلها اكتشفت أن هذه السيدة فقدت زوجها وابنها الوحيد منذ أربع سنوات. كانت تحب التظاهر عندما تمر بيوم سيئ بأنها على موعد مع شخص يذكرها بزوجها وابنها.

من أكثر القصص إثارة للدهشة هى قصة فتاة يدفع لها العميل من أجل الذهاب لرؤية والدته، ولا يطلب منها على الإطلاق أى طلب غير لائق أو غير أخلاقى. فى بعض الأحيان يتناول معها العشاء ويدردش معها قليلا، ولكن طلبه الأساسى هو أن تذهب لمجالسة والدته السيدة العجوز المريضة. المثير أن والدته كانت تعيش بصحبة طاقم طبى متكامل يتولى الإشراف على حالتها الصحية. المشكلة أن والدته كانت تشعر بالوحدة وتريد لقاء أشخاص غير الأطباء والممرضين ولهذا كان يدفع لها العميل من أجل مجالسة والدته. كتبت الفتاة: «بصراحة، إذا توقف عن إعطاء الأموال، فربما لن أتوقف عن زيارتها». وأضافت أنها كانت تشعر بالحزن الشديد على هذه السيدة، فابنها لديه استعداد لخسارة الأموال ولكنه لا يمكن تحمل خسارة يوم عمل لرؤية والدته».

كشفت فتاة عن زبائن من نوع مختلف وهم هؤلاء الذين يطلبون منها مشاركتهم الاحتفال بأعياد ميلادهم. هؤلاء الزبائن يعانون من الوحدة إلى درجة احتياجهم لتأجير فتاة ليل من أجل مشاركته الاحتفال فقط بعيد الميلاد. كتبت الفتاة: «إنه لأمر محزن بالنسبة لى عندما تضطر إلى إنفاق المال على شخص ما ليقضى عيد ميلادك معك».

تحدثت فتاة أخرى عن علاقتها برجل مسن كان لا يطلب منها أى شيء فقط صحبتها. كتبت فتاة: «كان الرجل المسن يأتى كلما ادخر ما يكفى من المال لساعة أو ساعتين. لم يكن يتحدث كثيرا ولكن كان دائما لديه أجمل ابتسامة بالنسبة لى. كل ما أراد فعله هو أن يرقص معى على أنغام موسيقى هادئة. لا شىء آخر. بعد شهرين، أخبرنى أنه كان يفعل ذلك مع زوجته قبل وفاتها وأنه يفتقد العلاقة التى كانت تجمعهما معا».

كتبت فتاة أخرى عن علاقتها بشاب وسيم كان يطلب لقاءها بشكل مستمر ولكنه كان فقط يريد الحديث معها. كشف الشاب لها عن تفاصيل حياته الحزينة التى دفعته للبحث عن صديق فى بيت دعارة. كان والداه يعيشان فى مزرعة، وكان يعيش فى الطرف الآخر من المزرعة فى منزل أصغر بمفرده. مثل معظم المزارعين، كان يعمل من الفجر حتى الغسق معظم الأيام. ونادرا ما تحدث إلى البشر الآخرين، ولم يكن لديه الوقت للخروج للتعرف على النساء. شعرت الفتاة بالحزن عليه لأنه عاش حياة منعزلة، وبمرور الوقت فقد مهاراته الاجتماعية إلى حد كبير.

وتعد الوحدة أحد الأسباب الرئيسية التى تدفع الكثير من الرجال للبحث عن رفيقة. كما كشفت فتاة فقد تعرفت على رجل مسن كان يطلب منها مرافقته من أجل شراء البقالة، تناول الطعام، ومشاهدة الأفلام. كان يروى لها قصصا عن عائلته وأخرى عن طفولته. بمرور الوقت نشأت صداقة بينهما وحرصت على حضور جنازته عندما مات. كتبت الفتاة: «لن أنسى أبدا مثل هذا الرجل اللطيف والوحيد الذى أراد الرفقة البشرية فقط».

كشفت فتاة عن عميل طلب لقاءها فى ساعات الصباح الباكر وكان شابا فى أواخر العشرينات من عمره فقد والده للتو وكان فى حالة انهيار. أراد الشاب أن يعبر مشاعره فى تلك اللحظة التى تتأرجح ما بين الانهيار، الحزن، الغضب، واليأس. كتبت الفتاة أنه أخذ يصرخ بسبب وفاة أبيه وشعرت أنه كان يريد أن يعبر عما بداخله من مشاعر أمام شخص ما لا يعرفه ولن يخجل من التعبير أمامه عن كل المشاعر المتناقضة التى تسيطر عليه تجاه والده، ويبدو أن العلاقة بينهما كانت مضطربة وتجمع ما بين الحب والكراهية.

فتاة أخرى كشفت عن قصتها مع عميل شاب ثرى للغاية طلب منها الاستماع معه إلى أغانى بروس سبرينجستين. كتبت الفتاة: «لقد جلس فقط وأغمض عينيه وغنى مع كل كلمة. أخبرنى أنه نشأ مع أبوين متسلطين حيث تمت السخرية من اهتماماته وتجاهلها تماما». أضافت الفتاة: «لقد استمع إلى بروس، وأعطته كلماته الأمل والقوة للهرب فى نهاية المطاف عندما كان مراهقا. ومنذ ذلك الحين، حقق الكثير من النجاح لكنه أراد فقط مشاركة قصته والموسيقى التى أحبها مع شخص ما فى تلك الليلة».

حكت فتاة أخرى عن قصتها مع عميل كان فى البداية مترددا من الاقتراب منها وفى النهاية انهار فى البكاء كاشفا لها أن أصدقاءه هم الذين اتصلوا بها فى محاولة لمساعدته على تجاوز أزمة طلاقه. كتبت الفتاة أن العميل اكتفى بكشف التفاصيل المؤلمة لطلاقه من زوجته التى لم تكتف بخيانته ولكنها جعلت أبناءه يعتقدون أنه هو السبب وراء الطلاق بسبب علاقته المتعددة مما جعلهم يكرهونه. بعد أن كشف لها عن تفاصيل حياته وهو فى حالة انهيار لم تملك سوى أن تتعاطف معه وتحاول مواساته وهى مدركة أن من الصعب عليه تجاوز هذه الأزمة.

فى النهاية كتبت فتاة: «أنا أعمل فى مجال عبر الإنترنت، وأعتقد، بالنسبة لى، أن الجزء الأكثر حزنا هو عدد الأشخاص المعزولين تماما والذين يبحثون عن أى نوع من التواصل مع إنسان آخر». وأضافت: «لقد كان لوباء فيروس كورونا أثر عاطفى واجتماعى حقيقى على الناس، ومن الصعب عدم ملاحظته».

الكثير من الحكايات التى تضمنها الموقع، والتى تبرعت فتيات الليل بتقديمها فى محاولة لإلقاء نظرة خاطفة عن النفس البشرية فى لحظات ضعفها.  وكشفت هذه القصص أن فى كواليس هذا العالم السرى هناك الكثير من الحكايات والروايات التى لا تلعب بطولتها فتاة الليل ولكنها تكون مجرد شاهدة عليها.