الديون تلتهم الجميع.. ١٢٠ مليون جنيه مديونية سنوية على ٦٦ مستشفى خيريًا

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر

على رأسها «بهية» و«مجدى يعقوب» و«الناس» و«الكبد» و«٢٥ يناير»

مطالب بتدخل التضامن لمنع تكرار الإغلاق وانقطاع التيار الكهربائى


أصبح تقديم الخدمة الصحية فى مصر بمعايير وجودة أفضل، أمرًا فى غاية الصعوبة نتيجة لتراكم العديد من المشكلات بما يتضمنه ذلك من أزمات تتطلب وقتًا طويلًا لحلها، فالكثير من المستشفيات تعانى من تراكم الديون وضعف الإنفاق والمخصصات المالية، بالإضافة لغياب الرقابة على المؤسسات الصحية، والعجز بهيئات التمريض، وارتفاع أسعار الأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية تأثرًا بارتفاع سعر الدولار، وبما أن كثرة المشكلات والديون طالت الجميع فقد طالبت المستشفيات الحكومة بسرعة التدخل وتنفيذ القانون المقترح لإعفائهم بنسبة ٧٥٪ كما حددها القانون من فواتير المرافق خاصة الكهرباء التى تحتل المرتبة الأعلى من الديون التى تصل للملايين سنويًا.

أولى هذه المستشفيات هى مستشفى شربين لأمراض الكبد بالدقهلية، والتى استعانت بمدير مركز الحق فى الدواء لإنقاذ المستشفى من قطع الكهرباء بعد تهديد شركة الكهرباء لها بقطع التيار بعد أسبوعٍ كحدّ أقصى، فى حال التخلّف عن دفع المستحقات المطلوب تحصيلها، واعتبرت أن هذه الإنذار الأخير، حيث بلغت قيمة المديونية وفقًا للمستندات ١٦ مليونًا و١٩٤ ألفًا و٩٤٥ جنيهًا و٢٥ قرشًا، وفى حال عدم الحضور فى موعد أقصاه أسبوع ستضطر الشركة لتطبيق أحكام اللائحة التجارية نحو فصل التيار وفسخ التعاقد دون أدنى مسئولية على الشركة تجاه المرضى الذين يبلغ عددهم أكثر من ٤١ ألف مريض سنويًا وفقًا لإحصائيات عام ٢٠٢٢.

مستشفى شربين لم تكن هى الوحيدة التى تعانى فقط من أزمة ديون المرافق، وأكد مصدر رفض ذكر اسمه من مستشفى بهية، لـ«الفجر» إن المستشفى يعانى بسبب قلة التبرعات مثل باقى المستشفيات الخيرية مما تتسبب فى زيادة مدة الانتظار، مطالبة بإعادة مناقشة قانون إعفاء المستشفيات الخيرية من فواتير المرافق بنسبة ٧٥٪، موضحة أن المستشفى يدفع الفواتير كاملة دون أى إعفاءات، بجانب أن متوسط فاتورة الكهرباء تبلغ ربع مليون جنيه شهريًا على أقل تقدير، ومثلها فاتورة الغاز والمياه، مما يرهق المستشفى لتسديد الفواتير حتى لا يتعرض لأزمات مع شركات المرافق الثلاث، ولكن فى حالة الإعفاء سيتم استغلال تلك المبالغ لصالح المرضى لتعويض فرق الأسعار بعد ارتفاع الدولار وقلة التبرعات، مشيرة إلى أن المستشفى حاليا لا تعاني من أزمة الديون ولكنها ترغب في تخفيف الفواتير.

من جانبها، أوضحت ريم جاد الرب، مسئولة العلاقات العامة بمركز مجدى يعقوب للقلب أن المركز بالرغم من أزمته فى فبراير ٢٠٢١ بسبب فاتورة الكهرباء التى بلغت ٦٥٠ ألف جنيه شهريًا إلى أنه الآن يحاول دفعها بشكل مستمر حتى لا يتسبب التأخير فى أى أزمات بجانب أن هناك مناشدات عدة لتقليل فواتير استهلاك المرافق حتى يتم تغطية أكبر عدد من المرضى وتخفيض أعداد قوائم الانتظار، حيث يقدم المركز الخدمة الطبية على أعلى مستوى مجانًا.

وأكد مصدر من وزارة التضامن -رفض ذكر اسمه- أن هناك ٦٦ مستشفى خيريًا بمصر جميعها بلا استثناء يعانون من نقص التبرعات بنسبة ٦٥٪، وهناك مئات الشكاوى والطلبات لوزارة التضامن للتدخل وحل أزمة فواتير استهلاك الكهرباء والغاز والمياه، وتصل مديونيات تلك المستشفيات إلى ١٢٠ مليون جنيه سنويًا على أقل تقدير مع اعتبار أن هناك ٨ مستشفيات كبرى معروفة ضمن الـ ٦٦ مستشفى خيريًا منها مجدى يعقوب وبهية و٥٧ والناس والكبد وغيرها تصل فواتير كل منها متوسط مليون جنيه شهريًا، لنجد أننا أمام أزمة حقيقية، لكن الوزارة ليست هى السبيل الوحيد لا بد من تدخل رئيس الوزراء وتطبيق القانون الذى حصل على موافقة مبدئية.

وتابع المصدر أنه على سبيل المثال تصل فواتير مرافق مستشفى الناس إلى مليون ونصف المليون شهريًا، ومستشفى ٢٥ يناير تواجه أزمات كبيرة ومعروفة للجميع ولا تستطيع المقاومة لفتحها، وتطلب المزيد من التبرعات للوقوف على قدميها.

وفى نفس السياق، أشار النائب أيمن أبو العلا، وكيل لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية، أنه تقدم بمشروع قانون لتعديل القانون رقم ١٤٩ لسنة ٢٠١٩ بإصدار قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلى، بإعفاء المستشفيات والمراكز والمؤسسات الصحية الأهلية من ٧٥٪ من قيمة مقابل فواتير المرافق من الكهرباء والغاز والمياه والإنترنت، دعمًا لأداء مهمتها الاجتماعية، ووافقت لجنة التضامن الاجتماعى من حيث المبدأ على مشروع القانون، بعد أن تم إدخال تعديلات على المادة المقدمة ليصبح نصها كالآتى: «تعفى الجمعيات والمؤسسات والاتحادات الأهلية المقيدة طبقًا لأحكام هذا القانون والمشروعات التابعة لها من ٧٥٪ من مقابل استهلاك الكهرباء والمياه والغاز الطبيعى، بشرط استصدار شهادة من الوزارة المختصة بعدم ممارسة نشاط تجارى، مؤكدًا أنه منذ دور الانعقاد الأول ولم يتم الموافقة عليه وتطبيقه حتى الآن».

وأوضح «أبو العلا» أن الفواتير تمثل عبئًا كبيرًا فى ظل ضعف التبرعات الذى تعتمد عليها المستشفيات الخيرية بشكل كامل، حيث إنها لا تهدف إلى الربح، وبعضها يواجه إشكاليات فى التطوير والتحديث والبحث العلمى بسبب الالتزامات الخاصة بالمرافق من مياه وكهرباء وغاز وغيرها، قائلًا: «آن الأوان أن يكون للحكومة موقفًا واضحًا فى هذا الشأن، حفاظًا على استمرار هذه المؤسسات فى القيام بدورها على النحو الأمثل»، مطالبًا الحكومة بضرورة التدخل حتى لا يتم إغلاق تلك المستشفيات.

محمود فؤاد مدير المركز المصرى للحق فى الدواء، قال لـ«الفجر» إن ما حدث مع مستشفى شربين الأهلية من قبل وزارة الكهرباء، حدث مثله مع عدد من المستشفيات الأهلية القائمة فى الأساس على التبرع مثل مركز مجدى يعقوب، ومستشفى الدكتور شريف عمر، وبهية وغيرهم، لذلك يتم الآن تنسيق اجتماع عاجل بين مديرى المستشفيات الخيرية ووزيرة التضامن لتقديم مطالبهم فى الإعفاء بنسبة محددة من فواتير المرافق، موضحًا أن جميع المستشفيات بدأت فى إعلان ديونها للمرافق منذ إعلان أزمة ٥٧ وتلاها تتابع الشكاوى وهناك حالة استياء داخل جميع المستشفيات الخيرية وتواصل مع نواب البرلمان لتقديم الطلبات.

وأصر مدير المركز على فكرة أن الحكومة تحاول تكبيل المستشفيات الخيرية بفواتير ضخمة حتى ترضخ تلك المستشفيات لتقديم جزء من خدماتها مقابل الربح، مؤكدًا أن هناك عروضًا للمستشفيات الخيرية للاستثمار على أن يتم إضافة لها أقسام اقتصادية للربح، وهذا ما تقومه تلك المستشفيات لأنه فى حالة تطبيق ذلك سيتم حرمان قطاع كبير من الفقراء من خدمات تلك المستشفيات التى تقدم خدمات أفضل وأعلى جودة من المستشفيات الخاصة التى تربح الملايين، وسيكون الأولوية لمن يدفع أكثر، وتنتهى خدمتها المجانية غير الهادفة للربح.

وأضاف «فؤاد» أن القطاع المدنى وتحديدًا ما يخص قطاع الصحة يشكل علامات استفهام كثيرة فيما يدور حوله، فمنذ عامين هناك أزمات يتم تصديرها لهذا القطاع لم تكن موجودة قبل ذلك، رغم أن القطاع المدنى يرفع عن الحكومة عبئًا كبيرًا جدا فيما يخص قطاع الصحة، مشيرًا إلى أنه حسب المادة ١٧ من قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلى ١٤٩ لسنة ٢٠١٩، فتعامل الجمعيات الأهلية فى شأن استهلاك المياه والكهرباء والغاز الطبيعى معاملة الاستهلاك المنزلى بشرط استصدار شهادة من الوزارة المختصة بعدم ممارسة نشاط تجارى، ولذلك فعلى وزارة التضامن وضع حلول فورية لإنقاذ تلك المستشفيات من الديون وتكرار مسلسل الإغلاق أو انقطاع الكهرباء الذى سيسبب مخاطر فادحة فى أجهزة بملايين الدولارات.

واقترح بأن يتم خصم مبالغ استهلاك المرافق من اللاعبين كما يحدث فى الدول الأوروبية بخصم ٥.٪ على الأقل ومشاركتها فى استثمار آمن ليتم دفع الفواتير وتأمين وجود المرافق لتلك المستشفيات كأقل دعم لها لأنها تحمل عن الحكومة أعباء آلاف المواطنين سنويًا، وإغلاقها سيسبب كارثة حقيقية من حيث الضغط على المستشفيات الحكومية وقلة نسب الشفاء.