عائشة نصار تكتب: "جوارى داعش" الجنس الحرام فى فراش الخلافة

مقالات الرأي

بوابة الفجر

خمس سنوات كاملة مابين إعلان خلافة داعش فى ٢٩ يونيو ٢٠١٤، وزوالها فى ٢٣ مارس ٢٠١٩، أقام خلالها التنظيم الإرهابى دولته المركزية على ما يقرب من ثلث مساحة سوريا والعراق، وتحول إلى واقع حى شهدته المنطقة والعالم.

كما سجل به ما أطلق على نفسه تنظيم «الدولة الإسلامية» الطفرة، والخطوة الأوسع مابين التنظيمات الإرهابية الإقليمية والعالمية، بقدرته على السيطرة على الأرض، وتحويل وهم «الخلافة» إلى أمر واقع وذلك بإقامة دولة إرهابية فعلية، تصدرت بهجماتها الإرهابية، مشاهد الرعب والدم والفزع، وتحولت إلى العناوين الرئيسية على الشاشات، وفى وسائل الإعلام الدولية.

استعباد جنسى

وبالتوازى مع ذلك اقترنت خلافة داعش، ودولته مع نموذج اجتماعى، قام التنظيم بتأسيسه وتطبيقه فى الأراضى والولايات التى خضعت لسيطرته، ورسخ من خلاله لممارسات وأوضاع كان أكثرها صدمة هى ظاهرة «الاستعباد الجنسى» للنساء من الأقليات من الأيزيديين والمسيحيين والتركمان وغيرهم فى المناطق التى استولى عليها فى العراق وسوريا.

وهى الظاهرة التى تجعل لتجربة داعش آثارها الممتدة حتى اللحظة، اجتماعيًا وعرقيًا فى المنطقة، ويتجاوز بها التنظيم، مجرد النشاط الإرهابى المسلح بشكله التقليدى.

خاصة بعد دخوله إقليم سنجار حيث كان يتم قتل الرجال فى تلك القرى، والاستبقاء على الأطفال الذين كان يتم ضمهم إلى معسكرات التدريب لكتائب «أشبال الخلافة»، فيما يتم استرقاق النساء.

شهادات الناجيات

وتحولت النساء اللواتى نجحن فى الفرار من أسر التنظيم الإرهابى إلى نماذج حية استطاعت نقل وتوثيق أهوال تجربة الاغتصاب و»الرق» تحت قبضة داعش، ووضع تفاصيلها تحت أسماع وأنظار العالم، وفى مقدمتهن الناشطة الأيزيدية نادية مراد الحاصلة على جائزة نوبل فى ٥ أكتوبر ٢٠١٨.

والتى استضافها مؤتمر شباب العالم فى ذات العام، وقبلها كذلك الناشطة الأيزيدية العالمية الآن لمياء حجى بشار، وعرضت كل منهما من خلال المؤتمر تفاصيل مأساتهما وعائلتهما بعد دخول داعش إلى إقليم سنجار.

أسواق النخاسة

أعاد تنظيم داعش تشريع نظام «الرق» وسبى النساء من الأيزيديات وغيرهن من الأقليات، معتبرًا أن هؤلاء الفتيات والنساء من غير المسلمات بمثابة «ملك يمين».

وعلى ذلك فقد أقام التنظيم أسواق السبايا والجوارى فى مدن الخلافة الداعشية، وأشهرها سوق السبايا فى مدينة الرقة السورية عاصمة «الدولة الإسلامية»، حيث كان يتم تسجيل أسماء الفتيات فى البداية ويتم جمعهن فى سجن تحت الأرض..

وعرضت الأسيرات فى هذه الأسواق علنًا، حيث كان يتم بيعهن لعناصر التنظيم، ووفقًا لروايات الناجيات كان هناك عادة رجل أجش الصوت ينادى على مزايا الجارية ومواطن جمالها، حيث كانت الجوارى العذراوات هن الأعلى سعرًا، وفى البداية كان يتم اغتصابهن تحت تأثير حقن التخدير فى كثير من الحالات.

كما كان يتم تحديد أسعار النساء والفتيات وفقًا لأعمارهن وجمال أجسادهن عند بيعهن فى الأسواق.

متعة الأمراء

كان يتم تصنيف السبايا أيضًا بغرض «الاستمتاع الجنسى» منذ اللحظة الأولى لوقوعهن فى الأسر، فكانت الفتيات الأجمل والأصغر سنًا دائمًا من نصيب أمراء التنظيم، الذين كانوا يأتون بشكل يومى لاختيار ما ينول إعجابهم من السبايا، وفقا للشهادات، ثم بعد أن يفرغ الأمير من الجارية يهديها لاحقًا إلى آخرين، كما كانت السبايا يقدمن كمكافآت للمقاتلين ممن حققن انتصارات للتنظيم فى المعارك.

وتوالت الشهادات المرعبة خلال السنوات الماضية من قبل الناجيات من أسر الدواعش، من الفتيات اللواتى كان يتم بيعهن وإهدائهن أكثر من مرة لعناصر التنظيم، ويعبرن الحدود وينتقلن من بلدٍ إلى أخرى قهرًا.

بخلاف ما قمن بتوثيقه أيضًا عن أهوال جرائم الاغتصاب التى كان يتعرضن لها عدة مرات فى اليوم الواحد من عناصر داعش، حتى أن كثيرا منهن كان يفضلن الانتحار على البقاء أحياء فى قبضة التنظيم.

كما كان يتم ابتزاز السبايا الأيزيديات ومساومتهن بقتل أطفالهن الصغار إذا كن أمهات ليستجبن لممارسة الجنس ويخضعن لمسلحى التنظيم، ففى روايتها قالت إحدى الناجيات: «عند الرفض كنا نتعرض للضرب، وكان يتم تقييدنا وإجبارنا على البقاء فى الشمس، وشرب ماء ملوثة تسبح فيها فئران نافقة. كما كان يهددانا بالتعذيب بالكهرباء».

وذلك بخلاف العنف ضد هؤلاء الأسيرات لإجبارهن على تغيير ديانتهن واعتناق الإسلام بالقوة، وكذلك أهوال التعذيب التى كانت تتعرض لها من تحاول الفرار ممن اتخذهن عناصر التنظيم من «جوارى» كانت تصل فى كثير من الأحيان إلى قتلهن من شدة التعذيب.

بتلك الأوضاع تحولت «غزوات» التنظيم فى المناطق الأيزيدية إلى سوق جديدة لمزيد من السبايا، وتجارة الرقيق التى ازدهرت فى أراضى الخلافة الداعشية، كما أنتجت بالتبعية شبكات من التجار والوسطاء والمنتفعين لبيع هؤلاء الفتيات واستبدالهن أيضًا، وفى كثير من الأحيان، كان يتم مقايضة الجاريات بأنواع من الأسلحة.

سبايا »تليجرام« و»واتس آب«

وكما كانت وسائل التواصل الاجتماعى هى الطفرة الكبرى التى حقق بها تنظيم داعش التفوق فى التجنيد والدعاية لنفسه وجذب مزيد من الضحايا، لـ»أراضى الخلافة»، ونجح عبرها فى تصدير الرعب والفزع بهجماته الإرهابية، وفيديوهات القتل والذبح والحرق لأسرى التنظيم، كانت أيضًا وسائل التواصل الاجتماعى سوقًا موازيًا لسبايا التنظيم اللواتى كان يتم الإعلان عن أسعارهن والتفاوض عليها «أون لاين»، عبر السوشيال ميديا فى أكثر من واقعة.

كما كانت إدارة سوق السبايا، وفقًا لما تم الكشف عنه من معلومات تعرض صور الفتيات على تطبيق «تليجرام» الآمن للتنظيم، أومجموعات «واتس آب» لعناصره، وتحديد موعد المزاد العلنى.

وفى مايو ٢٠١٦ نشرت صحيفة «واشطن بوست» الأمريكية أن أحد الدواعش ويدعى أبو أسعد الألمانى بدأ فى نشر صورسبايا للتنظيم وكتب أسفل الصور إعلان «للبيع» مضيفًا: «لكل الإخوة من يفكر بشراء عبدة، هذه واحدة بقيمة ٨٠٠٠ دولار». وبعد ذلك نشر صورة لامرأة ثانية، وكتب «هذه أيضًا بحوالى ٨ آلاف دولار. نعم أم لا؟، ليبدأ بعد ذلك فى التفاوض مع المشترين بعد نشره صور اثنتين من النساء، ويرد على أحد المعترضين الذى اشتكى من المبلغ المرتفع متسائلًا عن مهارات «السبية» بأنه «ليس لديها مهارات استثنائية. العرض والطلب هو ما يحدد السعر.

وفيما قامت إدارة فيس بوك بعد ساعات بحذف الصور بعد نشرها، قالت واشنطن بوست، فى تقريرها حينذاك، أنها لا تعرف إذا كان «الألمانى» المقيم فى الرقة عاصمة داعش، يبيع هؤلاء السبايا لصالحه، أم لصالح عناصر أخرى فى التنظيم.

ووفقًا لتقارير منشورة تستند إلى إحصائية لمكتب إنقاذ المختطفين الأيزيديين والتى اعتمدتها الأمم المتحدة عام ٢٠٢٠، كان عدد الأيزيدين فى العراق نحو ٥٥٠ ألف نسمة، وبلغ عدد النازحين جراء هجوم داعش منذ أغسطس ٢٠١٤، نحو ٣٦٠ ألفًا.

كما وصل عدد المختطفين، وفقًا للإحصائية إلى ٦٤١٧، ووصل عدد القتلى فى الأيام الأولى فقط من الهجوم إلى ١٢٩٣ قتيلًا. كما وصلت عدد المقابر الجماعية المكتشفة فى سنجار حتى ذلك التوقيت إلى ٨١ مقبرة.

كتالوج شرعى للاغتصاب

أما الأكثر صدمة فهو ما قام به التنظيم الإرهابى من محاولة توفير غطاءً شرعى لما يقوم به من جرائم الإغتصاب والاتجار فى البشر باسم الشريعة الإسلامية.

فأصدر التنظيم الإرهابى فى ديسمبر ٢٠١٤ «كتالوج» شرعيا لنكاح الأسيرات بعنوان «سؤال وجواب فى السبى والرقاب»، وكان عبارة عن كتيب يشمل إجابات التنظيم على ٣٢ سؤالًا فقهيًا أعده ديوان «البحوث والإفتاء التابع للتنظيم» مع إجاباتها، فيما يخص مشروعية السبى وكيفية التعامل مع الأسيرات ونكاحهن.

وورد فى هذه الأسئلة وإجاباتها على النحو التالى: ما السبى؟ السبى ما أخذه المسلمون من نساء أهل الحرب، ما مبيح السبى؟ مبيح السبى الكفر، فتباح لنا الكافرات بتقسيم الإمام لهن بعد وضع اليد عليهن وإحضارهن إلى دار الإسلام، هل يجوز سبى جميع الكافرات؟ لا خلاف بين العلماء فى جواز سبى الكافرات كفرًا أصليًا كالكتابيات والوثنيات، لكنهم اختلفوا فى سبى المرتدة، فذهب الجمهور لعدم جوازه وذهب بعض أهل العلم لجواز سبى المرتدة، والراجح عندنا قول الجمهور.

وذلك بخلاف الأسئلة عن كيفية التعامل الجنسى مع الأسيرات اللواتى يغتصبهن عناصر التنظيم، فكانت الأسئلة والإجابات كالتالى: هل يجوز وطء السبية؟ يجوز وطء السبية قال الله تعالى «والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون».

هل توطأ السبية مباشرة بعد الملك؟ إذا كانت بكرًا فله أن يطأها مباشرة بعد الملك، أما إذا كانت ثيبا فلا بد من استبراء رحمها، وذلك كما جاء فى الحديث الذى أخرجه أبوداود عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن النبى «صلى الله عليه وسلم» قال فى سبايا أوطاس «لا تطأ حاملا حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة».

هل يجوز أن يعزل الرجل مع أمته؟ يجوز للرجل أن يعزل فى جماعه لأمته بإذنها ودون إذنها، هل يجوز ضرب الأمة؟ يجوز ضرب الأمة ضرب تأديب، ما حكم الأمة الهاربة من سيدها؟ هروب العبد أو الأمة من كبائر الذنوب، إذا اشترك اثنان أو أكثر فى شراء سبية، فهل تحل لكل واحد منهم؟.

لا يحل وطء السبية إلا لمن تملكها ملكًا تامًا، أما من كان ملكه لها منقوصًا بشراكة فلا يحل له وطؤها حتى يشترى نصيب الآخرين فيها أو يتنازلون له هبة.