مصطفى عمار يكتب: 60 سنة عادل إمام

مقالات الرأي

بوابة الفجر

مع بداية عام 2023 يكون قد مر على رحلة الفنان عادل إمام الكبيرة مع السينما والمسرح والدراما 60 عامًا بالكمال والتمام.. منذ أن ظهر لأول مرة على خشبة المسرح فى صحبة الراحل العظيم الأستاذ فؤاد المهندس فى مسرحية «أنا وهو وهى».. والتى مثلت بداية الانطاق لممثل أصبح فيما بعد ظاهرة فنية خاصة فى الفن المصرى والعربى على مر ستة عقود متتالية.. فما حققه الزعيم - كما يحب أن يلقبه جمهوره - على مدار أكثر من ستين عامًا من مشواره الفنى.. يستحيل أن يحققه أى ممثل آخر.. ذلك الفتى النحيف صاحب الوجه الشاحب والضحكة المميزة وحركات جسمه المنسجمة مع ما ينطقه بلسانه.. لم تنبئنا أبدًا أن صاحب هذه المامح سيكون أسطورة كوميدية تحلق فى سماء الفن لأكثر من 60 عا ًما.. ليس هذا فقط ولكنها أيضًا ستجلس بمفردها على عرش الكوميديا دون أن يزاحمه أحد فى مكانته أو تاريخه لسنوات وسنوات.. وحدها الموهبة والإصرار هما من صنعا أسطورة عادل إمام الملقب بالزعيم.. كما يحب أن يناديه جمهوره وأصدقاؤه.. والافت للنظر ليست نجومية ونجاح عادل إمام.. ولكن قدرته الكبيرة على الاستمرار والتفوق على جميع الأجيال التى دخلت معه فى منافسة كبيرة إما لتحقيق نفس نجاحه أو حتى مجرد الاقتراب منه.. عادل إمام تفوق عليهم جميعًا.. أبناء جيله والأجيال الذى بعده لم يستطع أحد أن يقترب من مكانته أو يضع على الأقل اسمه إلى جواره فى تاريخ الفن المصرى.. ربما يكون عادل إمام ظاهرة تستحق الدراسة والتحليل باعتباره موهبة عابرة للأجيال.. لم تتوقف موهبته عند زمن أو فترة معينة.. موهبة استطاعت أن تذيب فيها كل المواهب والأفكار والمدارس الفنية التى تعاملت معها.. ليبقى أى عمل يقدمه عادل إمام يحمل لونه وطعمه وبريقه فقط.. سواء كان هذا على خشبة المسرح أو على شاشة السينما أو التليفزيون، بالطبع كل مرحلة من تاريخ عادل إمام كانت تحمل أفكارا وأحاما صنعها كتاب ومخرجون، لكنك فى النهاية لن تستطيع سوى أن تتذكر فيها عادل إمام وحده.. ومن بين أفامه العديدة التى تجاوزت المائة فيلم تقريبًا.. أريد أن أتوقف أمام ثاثة من أعماله لم يقدم فيها عادل أدواره الكوميدية ولكنه أراد من خالها أن يؤكد أن الممثل الكوميدى الموهوب، يستطيع أن يجعلك تشعر بالحزن بنفس البراعة التى يضحكك بها.. دور عادل إمام فى فيلم «حتى لا يطير الدخان» الخالى تقريبًا من أى مشاهد كوميدية.. ستكتشف براعته فى تجسيد الدور الرئيسى للفيلم وتعبيره بحرفية كبيرة عن مأساة بطل الفيلم الذى طحن الفقر عظامه ليقرر أن يبنى أسطورته الخاصة ويتنازل فى سبيلها عن كل شىء.. وفى مقدمة الأشياء التى تنازل عنها كان شرفه وضميره معًا.. بنفس حرفية الممثل يجرب عادل إمام مدرسة محمد خان الجديدة على السينما فى فيلم «الحريف» ربما فشل الفيلم جماهيريًا وقتها.. ولكنه معمرورالسنواتأصبحواحًدامنأهم الأفام فى تاريخ عادل وخان وإن كنت آراه بشكل شخصى من أفضل الأفام التى قدمها الزعين خال مسيرته الفنية.. لم يستسلم عادل لفكرة أنه لا يصلح سوى للأدوار الكوميدية، وقدم أفاما منزوعة الضحك ولكن بالتوابل التى يفضلها الجمهور، فصنع «حب فى الزنزانة» و«المشبوه» وأكد خالهما على شىء كان أن يريد أن يثبته لنفسه قبل جمهوره.. إنه ممثل يجيد تقديم أى دور يسند إليه.. ربما يجمع النقاد والجمهور أن ثاثية عادل إمام مع الراحل وحيد حامد والمخرج شريف عرفة من أهم الفترات فى تاريخ الزعيم الفنى.. لأنها أرخت لمرحلة مهمة وكاشفة من تاريخ مصر سواء فى فيلم «اللعب مع الكبار» أو «الإرهاب والكباب» أو «طيور الظام» أو «المنسى».. وأنا على عكس ما تم الترويج له بأن عادل إمام استفاد من هذه التجارب فالحقيقة أن وحيد حامد وشريف عرفة هما من استفادا بالعمل مع عادل إمام وبناء أسطورة خاصة لهما.. لأنه ببساطة إن لم يقدم عادل هذه الأفام لم تكن لتنجح أو تمهد لنجومية وحيد وشريف التالية.. نحن أمام ظاهرة فنية ربما تتكرر كل مائة عام أو أكثر.. أما الآن فليس أمامنا سوى أن نحتفل بعيد الزعيم الـ«82» وندعى الله أن يطيل فى عمره وأعماله الفنية.. منتظرين هدية القدر لمن سيخلفه على عرش الكوميديا خال المائة عام القادمة!
والسؤال الأهم الآن كيف ستحتفل الدولة المصرية بـ60 سنة من فن عادل إمام.. الكرة فى ملعب وزارة الثقافة والدولة المصرية ليسجلوا هدفًا عظيمًا أو يضعوا الكرة خارج المرمى.
[email protected]