محمد مهران يكشف موقف القانون الدولي من إسقاط أمريكا للمنطاد الصيني

عربي ودولي

اسقاط المنطاد الصيني
اسقاط المنطاد الصيني - أرشيفية

أوضح الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام، عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، موقف القانون الدولي من ازمة الولايات المتحدة الأمريكية والصين، واحتجاج الأخيرة على استهداف أمريكا، منطاد دون طيار، واسقاطه بواسطة طائرة عسكرية فوق المحيط الأطلسي، بعد تحليقه فوق ساحل ولاية ساوث كارولاينا.

وكانت قد أعلنت بكين عن رفضها لاستخدام القوة ضدها لمهاجمة المنطاد، معتبرة أن تحليقه فوق الأجواء الأمريكية جاء لأسباب قاهرة، وأنه يستخدم للبحوث، وبشكل رئيسي لأغراض الأرصاد الجوية، وفي وقت سابق أعلنت واشنطن عن خرق المنطاد الصيني للمجال الجوي الامريكي مما أثار مخاوفها، واعتبرته تهديدًا لامنها القومي، للاشتباه في كونه أداة للتجسس، داخل الأجواء الأمريكية، وخاصة لتحليقة فوق مناطق استراتيجية، وذلك خلال الساعات الماضية، معلنه تمسكها بقواعد القانون الدولي لوجود تعدي سافر علي سيادتها، مما أدى إلى خلق حالة جديدة من التوتر بين البلدين.

ولفت الدكتور محمد مهران، إلى وجود عدد من  الاتفاقيات الدولية التي تنظم حركة الملاحة الجوية، أبرزها اتفاقية شيكاغو لعام 1944 المتعلقة بتنظيم الطيران المدني الدولي، والتي دخلت حيز التنفيذ في 4 أبريل 1947، موضحًا أن هذه الاتفاقية هي التي أسست منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)، بالإضافة إلى اشارته إلى تنقيحها اكثر من مرة حتي عام 2020، وأنه تم وإضافة ملاحق بها لتواكب التطورات الحديثة.

وشدد أستاذ القانون الدولي، أن لكل دولة سيادة كامله علي إقليمها الجوي والبحري والبري، ووفقًا للمادة الأولى من اتفاقية شيكاغو المشار إليها، تعترف الدول أن لكل دولة على الفضاء الجوي الذي يعلو اقليمها سيادة كاملة ومطلقة، ولا يجوز لأي دولة ان تطير فوق إقليم دولة أخرى، إلا إذا كانت تحمل إذنا خاصا أو ترخيصا من قبل تلك الدولة، حسب ما جاء في المادة الثالثة من ذات الاتفاقية.

كما أشار إلى أن مبدأ السيادة المطلقة للدولة على إقليمها الجوي هو مبدأ نصت عليه أغلب الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية، وهو ما أيده الفقه، وما جري عليه العرف الدولي، ويعني ذلك أن للدولة وحدها الحق في تحديد الوضع القانوني لاستخدام هذا الإقليم، مع مراعاة المبادئ والقواعد المنصوص عليها في المعاهدات والاتفاقيات الدولية وفي القانون الدولي، وبالتالي لا يجوز للطائرات الأجنبية المرور فوق الدولة أو هبوطها على أراضيها دون الحصول على إذن أو ترخيص مسبق بذلك.

واستكمل أستاذ القانون: أن المادة الرابعة من اتفاقية شيكاغو لتنظيم الطيران الدولي، حظرت الاستعمال التعسفي للطيران المدني حيث وافقت كل الدول الأعضاء على عدم استعمال الطيران المدني في أغراض لا تتفق مع أغراض هذه المعاهدة، ويمثل أي مخالفة لذلك خرقًا للاتفاقية.

ووفقًا للمادة الثامنة من ذات الاتفاقية أكد أستاذ القانون، أنه لا يجوز للطائرات دون طيار أن تطير فوق إقليم دولة متعاقدة دون طيار إلا بترخيص خاص من تلك الدولة وطبقا لشروط ذلك الترخيص؛ وتتعهد كل دولة متعاقدة بأن تتخذ اللازم نحو فرض رقابة على طيران الطائرات دون طيار في المناطق المفتوحة للطائرات المدنية يكون من شأنها تجنب كل خطر لهذه الطائرات.

كما تابع أن المادة التاسعة من تلك الاتفاقية تؤكد على حق الدولة أن تمنع الطيران بمجالها الجوي لظروف استثنائية، أو أثناء أزمة أو لأسباب تتعلق بالأمن العام، وذلك بشرط عدم التمييز بين الجنسيات.

وأضاف الدكتور "محمد مهران" أن القانون الدولي يعطي الحق لكل دولة في حماية أمنها واستقلالها والدفاع عن حدودها وإقليمها، ورد أي عدوان قد يقع عليها، بالإضافة إلى ميثاق الأمم المتحدة الفصل السابع، بشأن ما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان، والذي قرر في المادة 51 أنه ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء "الأمم المتحدة" وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي.

وأكد على خلفية هذه الازمة، أحقية الدول في الدفاع عن سيادتها وأمنها حال اخترقت إحدى الطائرات الأجنبية أجوائها الوطنية إذا كان ذلك غير قهري ويمثل الاعتداء عليها، لافتًا إلى أنه لا يحق للدولة مالكة الطائرة أن تحتج على استخدام القوة من قبل الدولة التي خُرقت أجواؤها، وخاصة إذا كان ما تم إسقاطه منطاد دون طيار أيا كان مدني أم عسكري، ولأن الأمر لم يؤدي إلى وجود خسائر في الأرواح، وذلك حفاظًا على الأرواح البشرية.

ونوه بأن ذلك قد يحدث خلافاَ للوقائع التي تتعلق بالطائرات المدنية التي تحتوي على ركاب، والتي لا يمكن بالتأكيد اسقاطها، أما الطائرات الحربية فإنه يجوز استخدام القوة لإسقاطها إذا خرقت الأجواء الوطنية لدولة ثانية دفاعا عن أمنها وسيادتها، ويكون ذلك بعد إثبات اختراق الطائرة بشكل لا لبس فيه لمجالها الجوي.

تابع؛ ذلك لأن القانون الدولي يدين التعرض للطائرات المدنية، وإسقاطها حال اختراقها المجال الجوي لدولة أخرى لاعتبارات إنسانية تتعلق بسلامة الركاب، بينما تتشدّد القواعد الدولية بشأن الطائرات الحربية التي تقوم بمهام عسكرية، مشيرا إلى وجود عدد من السوابق الدولية في هذا الأمر الذي تم من خلالها إسقاط الكثير من الطائرات المدنية والعسكرية التي اخترقت أجواء دول أخرى دون التنسيق معها، خلال السنوات الماضية.