٥ ملفات شائكة فى قانون العمل.. الفصل التعسفى والإضراب والعلاوة السنوية تفجر الخلاف بين العمال وأصحاب العمل

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر

قرارات الوزراء تحكم صندوق العمالة غير المنتظمة.. والفوائض تذهب للخزانة العامة


مرة أخرى يتعثر إصدار قانون العمل الجديد، الذى حاولت الحكومة والبرلمان الانتهاء منه على مدار ٧ سنوات بشكل يرضى جميع الأطراف، خاصة أنه ينظم علاقات العمل لما يقرب من ٢٥ مليون عامل وموظف.

وفى كل جولة من المناقشات التى تمتد إلى أعوام لتحقيق التوازن بين أصحاب العمل والعاملين، تظهر مجموعة من المشكلات تعيق خروج القانون للنور، لتعارضه مع مواد الدستور أو اتفاقيات العمل الدولية، أو تشريعات أخرى.

هذه المرة أجلت لجنة القوى العاملة بالبرلمان مناقشات مشروع القانون، لإجراء مزيد من الدراسة والتوافق مع الحكومة التى طلبت إرجاء المناقشات لحين عمل تعديلات على صياغة بعض المواد.

وناقشت ورقة نقدية لمشروع القانون صادرة مؤخرا عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، عدة جوانب ركزت على المواد المنظمة للأجور، والعلاوة الدورية، والإضراب عن العمل، وعقود العمل، وأوضاع العمالة غير المنتظمة، وحقوق النساء العاملات، مقترحة تعديلات لضمان استقرار علاقات العمل.

الأجور

تنص تعديلات مشروع القانون الحالى فى المادة ١٢ على استحقاق العاملين لعلاوة سنوية دورية لا تقل عن ٣٪ من أجر الاشتراك التأمينى، والأجر الأساسى هو الأجر المنصوص عليه فى عقد العمل، بينما الأجر التأمينى هو الأجر الذى يتحدد على أساسه اشتراكات التأمين الاجتماعى.

وخلال المناقشات فى مجلس الشيوخ رأى ممثلو الأغلبية أن نسبة ٣٪ من الأجر التأمينى تمثل عمليًا زيادة أكبر فى الأجر مما تمثله الـ ٧٪ من الأجر الأساسى التى كان ينص عليها قانون العمل الحالى، لأنها تحتسب كنسبة من مبلغ أكبر، فالأجر التأمينى أكبر من الأجر الأساسى.

وقالت الورقة: إن هذا المنطق يتغافل عن أن نسبة الزيادة فى الحالتين لا تستند إلى الأجر الشامل، وأن النسبة فى الحالتين لن تكون كافية لتعويض العاملين عن معدلات زيادة أسعار المستهلكين «التضخم» السنوية، لأنها أقل كثيرًا من النسبة الفعلية لمعدلات زيادة الأسعار فى مصر فى معظم السنوات الأربعين الماضية.

وبالتالى يصبح التعديل الأولى بالتطبيق حسب الورقة، هو ربط العلاوة السنوية بالتضخم المعلن من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، كنسبة من الأجر الشامل.

حقوق النساء

من التعديلات الإيجابية التى أدخلها مجلس الشيوخ على مشروع القانون، هو زيادة مدة إجازة الوضع مدفوعة الأجر إلى ٤ أشهر، وأشارت الورقة إلى أن هذه المدة تقل عن الحد الأدنى من المعايير المقبولة من منظمة العمل الدولية، التى تزيد عن الإجازة فى التعديل الجديد بأسبوعين.

وقالت الورقة: إن رفض وزير القوى العاملة استحداث مشروع القانون لإجازة أبوة مدفوعة الأجر ٧ أيام، تم تعديلها بمجلس الشيوخ لتصبح يومًا واحدًا، يعكس عدم إدراك لمفهوم المسئولية المشتركة للوالدين تجاه أطفالهما، والمسئولية الأسرية للآباء.

ولفتت الورقة إلى أن المادة ٥٦ من مشروع القانون تنص على إلزام صاحب العمل الذى يوظف ١٠٠ عاملة فأكثر، بأن ينشئ دارا للحضانة، أو يعهد إلى دار للحضانة برعاية أطفال العاملات، تكرس مسئولية النساء الحصرية عن تربية الأطفال، بما يتعارض مع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

وأضافت أن الأمر تكمن خطورته فى كونه يعد توجيها من المشرع والحكومة، وليس مجرد عرف اجتماعى، خاصة أن قصر المزايا المرتبطة بممارسة الأدوار التقليدية للنساء عن الرجال يسهم فى تجنب القطاع الخاص توظيف النساء، ولذا فيجب أن تشمل هذه المزايا الرجال أيضا، ليلتزم صاحب المنشأة بذلك للعمال الذين يعولون أطفالا.

العمالة غير المنتظمة

تنص المادة رقم ٣٢ من المشروع على إنشاء صندوق لحماية وتشغيل العمالة غير المنتظمة، ويصدر بقرار من رئيس الوزراء تشكيل مجلس إدارته واختصاصاته، والرسوم المقررة ونظام تحصيلها من صاحب العمل، بما لا يقل عن ١٪ ولا يزيد عن ٣٪، مما تمثله الأجور من الأعمال المنفذة.

ويصدر الوزير المختص بالتشاور مع وزير التأمينات الاجتماعية قرارا باللائحة المالية والإدارية للصندوق، متضمنة قواعد تشغيل العمالة، وموارد الصندوق وأوجه إنفاقها، والتصرف فيها.

وذلك على أن يكون للصندوق حساب خاص فى حساب الخزانة الموحد للبنك المركزى، ويئول فائض أمواله إلى الخزانة العامة.

ورأت الورقة أن تلك البنود تحيل مصير العمالة غير المنتظمة للقرارات الإدارية مرة أخرى، دون رقابة من البرلمان.

كما أن تلك المبالغ المحصلة من أصحاب العمل يبدو من غير الواضح كيفية إنفاقها، وذلك على نحو يغرى الجهات الإدارية بالتقتير فى إنفاقها، رغبة فى نقل الفوائض للخزانة العامة، هذا فى الوقت الذى تشير فيه الأرقام الرسمية إلى أن نسبة المشتغلين بالقطاع غير المنتظم تبلغ ٤٤.٧٪ من النساء، و٤٧.٣٪ من الرجال.

ولذا يجب لضمان حقوق العمالة النص على كل تفاصيل اختصاصات الصندوق وكيفية إدارة أمواله، والنص الصريح على حقوق العمالة، دون إحالة لقرارات إدارية خارج نطاق القانون.

عقود العمل

لم تقدم المواد المنظمة لعقود العمل فى المشروع علاجا للمشكلات التى يعانى منها العمال مع أصحاب الأعمال فى ظل القانون الحالى، بل فتحت الباب لتقنين الانتهاكات القائمة لحقوق العمل، فيما يخص عقود العمل المؤقتة. فالأصل فى عقود العمل أنها غير محددة المدة، ما لم تكن مرتبطة بطبيعة النشاط الذى يزاوله صاحب العمل، لكن المشروع أطلق إمكانية إبرام عقود عمل محددة المدة، وهو ما يخل إخلالا جسيما بأمان علاقات العمل، كما أن وصول مدة تجديد العقود المؤقتة إلى ٤ سنوات قبل أن تتم معاملتها كعقود مفتوحة يقنن استغلال العمال، والتعدى على حقوقهم.

بالإضافة إلى ذلك يظل العامل مهددًا بعدم تجديد التعاقد معه لهذه المدة، وهو وضع لا يستطيع معه المطالبة بتحسين ظروفه المهنية والاقتصادية، أو الانخراط فى النقابة العمالية، خشية عدم تجديد تعاقده.

ويسمح المشروع بوجود تناقض واضح بين نصوص مواده التى تقر للمحكمة العمالية اختصاص الفصل من العمل، وتحدد الحالات التى تستوجب الفصل، بينما تقر مواد أخرى بحق صاحب العمل فى إنهاء العقد غير محدد المدة بمجرد الإخطار، دون ارتكاب العامل لأى مخالفة، وهو ما يعتبر تقنينا للفصل التعسفى.

حق الإضراب

أوصت الورقة بتعديل المواد المنظمة لحق الإضراب، بما يضمن تمتع العمال بحقهم بمجرد الإخطار والبدء فيه دون تحديد تاريخ الانتهاء، مع إلغاء المادة التى تجيز حظر الإضراب فى ظروف استثنائية غير محددة، بالإضافة إلى عدم استثناء قطاعات بعينها من ممارسة حقها الدستورى، ما دام لم يترتب عليه تهديد الأرواح أو الممتلكات العامة والخاصة، مع توضيح ضرورة الاستثناء فى نص القانون، ولا تصدر بقرارات إدارية لا يراقبها البرلمان، وتحديد منشآت ووظائف بعينها.