منال لاشين يكتب: السيسى فى الهند.. زيارة بين التكريم والوصل

مقالات الرأي

بوابة الفجر

 

مصر ضيف شرف احتفالات عيد الجمهورية بالهند

هناك توازن بين صادراتنا ووارداتنا للهند واستثمار مباشر فى مصر بـ٣.١٥ مليار دولار من خلال ٥٠ شركة  

السياحة ملف فى حاجة إلى عمل مشترك

للمرة الثالثة خلال هذا العقد تلتقى مصر والهند خلال أيام، سحر الشرق يمتزج بتاريخ مشترك من الجهاد قادته مصر فى إفريقيا والهند فى آسيا. الزيارة الثالثة للرئيس السيسى للهند مختلفة هذه المرة. فيها تقدير خاص جدا لمصر، وفيها الرغبة للبناء على أثر تاريخى صنعه عبد الناصر ونهرو وأنديرا.

الرئيس السيسى مدعو ضيف شرف فى احتفالات الهند بعيد الجمهورية والذى يتزامن مع مرور ٧٥ عاما من العلاقات الحميمية والثورية بين القاهرة ونيودلهى.

أول زيارة للرئيس السيسى إلى الهند للمرة الأولى عام ٢٠١٥ كانت ضمن فعاليات القمة الهندية الإفريقية. ورغم أن الرحلة لم تكن زيارة خاصة، فقد لاحظ الجميع ترحيبا خاصا بالرئيس المصرى، ترحيب يتناقض مع الإهمال الشديد الذى منى به الرئيس الإخوانى مرسى عندما أصر على زيارة الهند. فى كل مكان ذهب إليه مرسى كان يصطدم بعبارة (لم ولن ننسى الزعيم جمال عبد الناصر ودوره فى الوطن العربى وإفريقيا ودول عدم الانحياز). رسالة كانت مقصودة. لا مكان للأصولية والإرهاب فى العلاقات المصرية- الهندية.

الزيارة الثانية للرئيس السيسى عام ٢٠١٦ كانت زيارة دولة، وظهر فيها الاتجاه القوى للإرث المصرى الهندى. وعلى مستوى الاقتصاد زادت الاستثمارات الهندية فى مصر.

ولكن الزيارة الثالثة والجديدة تحمل مستوى آخر من التقدير الهندى لمصر..الهند اختارت مصر ضيف شرف بعد رئاستها لمجموعة العشرين.

فى لفتة تكثف الرغبة فى توطيد العلاقات تشارك كتيبة مصرية من ١٥٠ فى الاحتفالات بعيد الجمهورية.

أيام غاندى

علاقات الهند بمصر يختلط فيها الشخصى بالسياسى، النضال بالفخر.. الزيارة الوحيدة التى قامت بها زوجة الزعيم عبد الناصر السيدة الراحلة تحية كانت زيارة خاصة للهند أو بالأحرى أعظم رئيسات الوزراء أنديرا غاندى. كان المهاتما غاندى قد ترك روحه فى نفس عبد الناصر وغيره من شباب هذه الفترة التى شكلت تاريخا جديدا، ثم جاء انطلاق حركة عدم الانحياز والتى شارك فيها الزعيم الهندى نهرو وعبد الناصر والتى أعادت تشكيل العالم بعد الحرب العالمية الثانية.تبادل الشعبان إطلاق أسماء الزعماء فى الشوارع الرئيسية والمواقف الثابتة أو بالأحرى المقاومة لأمريكا والسوفيت. كانت الهند سندا للعرب فى قضيتهم (القضية الفلسطينية).

ولكن وصول الرئيس السادات للسلطة وانقلابه على سياسات عبد الناصر أدى إلى توتر وتذبذب العلاقة بين القاهرة ونيودلهى.

ولكن سرعان ما عوضت بيليود (مدينة السينما الهندية) ما ضاع فى عالم السياسة.عشق المصريون الأفلام الهندية النساء الجميلات والرجال الذين يسابقون الرياح ويهزمون المرض والرصاص. الأغانى الجميلة والرقصات المبهرة والألوان التى تمنح الدفء والتفاؤل معا. ولكن من المؤسف أن الأفلام الهندية الجيدة ذات القيمة الفنية لم تجد طريقها للجمهور المصرى. وباستثناء عشاق السينما لم نعرف الوجه الآخر للسينما الهندية.

صناعات ومناورات

بعيدا عن السياسة والتاريخ بيننا وبين الهند روابط عدة..اهتمام مشترك بالأسلحة والتصنيع العسكرى.البرمجيات والغزل. بالنسبة للهند مصر هى بوابتها لإفريقيا أو بالأحرى للسوق الإفريقية وتمتاز العلاقات التجارية بين مصر والهند بكثير من التوازن. الفارق بين صادراتنا من الهند ووارداتنا لها نحو ٢٠٠ مليون دولار فقط لصالح الهند. وهناك أثر أو رد فعل إيجابى وفورى فى كل زيارة للرئيس للهند، ويظهر ذلك بوضوح فى زيادة حجم التبادل التجارى والصادرات المصرية للهند مرة تلو الأخرى.

بالنسبة للاستثمارات المباشرة للهند فى مصر فتقدر ٣٫١٥ مليار دولار فى ٥٠ شركة هندية توفر ٣٥ ألف فرصة عمل للمصريين بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

رغم العلاقات العميقة إلا أن السياحة الهندية لمصر تحتاج إلى تفعيل وإدارة أكثر ذكاء. أرقام السياحة الهندية لمصر تثير الغضب وتستنفر المسئول عن السياحة. فلا يجب ألا تكون السياحة الهندية على رأس الدول الأجنبية الأولى للسياحة فى مصر.

ويزيد من أهمية السياحة علاقتنا بطائفة البهرة التى ترتبط بعلاقات خاصة مع الأعتاب المقدسة فى مصر.ولذلك كان سلطان البهرة مدعو فى افتتاح مسجد الحسين بعد تجديده.

لدينا فرص حقيقية فى الاستثمار والسياحة. وإرادة سياسية للبناء على تاريخنا المشترك.. وأن نوصل الماضى بالحاضر والمستقبل. لدى كل منا مصريين وهنود قيم وثقافة وتاريخ موغل فى القدم والسحر. ولدينا نحن الشعبين تاريخ فى النضال ليس ضد الاستعمار فقط، بل ضد احتكار الدول الكبرى لحقوق الملكية الفكرية وفرض قيود على اقتصاديات ومستقبل الدول النامية، لدى مصر والهند موقف موحد من اتفاقيات الجات أو التجارة الدولية. لدى الهند موقف مهم فى رفضها لحقوق الملكية الفكرية للشركات عابرة القارات فى صنع الدواء..ولدى مصر موقفها الحاسم مع الدول النامية والإفريقية فى حقوقها فى أزمة المناخ.وقد كثفت مصر دفاعها عن حق الدول النامية على تعويضها على خسائرها من التدهور البيئى فى مؤتمر المناخ (كوب ٢٧) والذى عقد نهاية العام الماضى فى شرم الشيخ. مصر والهند ليسا فقط تاريخ مشترك من النضال، بل حاضر مستمر فى التفاعل يسعى لمستقبل أفضل لكل الدول النامية.