بين الاعتقالات والملاحقات.. هل تطوى تونس الصفحة الأخيرة للإخوان؟!

عربي ودولي

اعتقال نور الدين
اعتقال نور الدين البحيري - أرشيفية

شهدت تونس في الآونة الأخيرة حركة اعتقالات لقيادات "النهضة" الإخوانية في قضايا فساد وإرهاب، خاصة بعد العشرية السوداء التي عاشتها البلاد تحت حكم النهضة الذي فشل في النهوض بتونس من الركود الاقتصادي.

فبعد أن كانت تونس الخضراء بلد الإنتاج الأول أصبحت في عهد النهضة تبحث عن رغيف الخبز إلى جانب إفلاس الخزينة التونسية وشح مواردها؛ فحركة الاعتقالات التي تشنها الدولة تخطو نحو حياة سياسية جديدة للتخلص  من جماعات شعارها الأول إراقة الدماء وحشو العقول بما يتنافى مع الحياة الإنسانية.

اعتقال نور الدين البحيري

وفي سياق متصل، اعتقلت الشرطة التونسية نور الدين البحيري القيادي في حزب النهضة الإخواني، ويأتي توقيف البحيري على خلفية استجواب خيام التركي ومكالمات هاتفية جمعتهما ببعض في قضية التآمر على أمن الدولة ومحاولة الانقلاب على الحكم، حسب رويترز البريطانية.

وشغل البحيري  منصب وزير العدل في حكومة حمادي الجبالي بين عامي 2011 و2013، ثم أصبح وزيرً معتمدًا لدى رئيس الحكومة في حكومة علي العريض بين عامي 2013 و2014.

ويلقب نور الدين البحيري القيادي في حزب النهضة، بمهندس الصفقات المشبوهة، باعتباره العقل المدبر لإخوان تونس، ويواجه اتهامات كثيرة تأتي من بينها محاولة إتلاف ملفات تثبت علاقة حركة النهضة بالاغتيالات السياسية.

ودخل البحيري تحت لواء لحركة النهضة الإخوانية منذ سنة 1977، وسجن عدة مرات لانتمائه للحركة عام 1987، وفي وقت سابق، وضعت وزارة الداخلية التونسية البحيري رهن الإقامة الجبرية لمدة شهرين على خلفية شبهات إرهابية أخرى.

أحكام بالسجن

ونفذت الشرطة حمالات اعتقال جرفت بها سياسيين بارزين ورجل أعمال يتمتع بنفوذ قوي بتهمة التآمر على أمن الدولة.

وعلى صعيد آخر، اعتقلت السلطات التونسية، عبد الحميد الجلاصي البرلماني السابق، ورجل الأعمال التونسي الملقب بـ "برجل الظل" كمال لطيف والناشط السياسي التونسي خيام التركي ونور الدين بوطار مدير إذاعة موزاييك إف أم الخاصة،  بشبهة التآمر على أمن الدولة والانقلاب على نظام الحكم

وفي نوفمبر من العام الماضي، فتحت السلطات التونسية تحقيقات لحقت 14 شخصا، كان من بينهم 11 من موظفي  وزارات الداخلية والخارجية والعدل، بتهم مختلفة، وأبرزها بيع الجنسية ومنح جوازات سفر لإرهابيين، وتضمنت التحقيقات قنصلا سابقا لتونس لدى سوريا، ورئيس المكتب القنصلي سابقا، وموظفا بقسم الحالة المدنية بتونس، والمكلف بقسم الحالة المدنية التابع للبعثة الدبلوماسية بسوريا، إلى جانب 4 موظفين تابعين لوزارة الداخلية.

وتورطت هذه الشبكة في تهمة بيع الجنسية التونسية لصالح سوريين، ويعتقد أن من بينهم إرهابيين لتمكينهم من جوازات سفر وبطاقات هوية.

الغنوشي يشن هجوما

وفي السياق ذاته، شن راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية هجوما شديد اللهجة على  الرئيس التونسي قيس سعيد، خاصة بعد حملة الاعتقالات الأخيرة والتي طالت نائب رئيس الحركة، نور الدين البحيري.

وأشار الغنوشي  إلى أن ما جري من اعتقالات ماهو إلا دليل من تخبط وعجز الرئيس التونسي عن مواجهة الأزمات التي خلقها، مضيفًا أن حركة النهضة تجدد صمودها في مواجهة التنكيل الممنهج ضدها.

زوبعة قضائية 

وفي يناير من العام الجاري، أصدر قاضي التحقيق الأول بالمكتب التاسع بالقطب القضائي المالي في تونس، 
بطاقات إيداع بالسجن في حق 3 متهمين، من بينهم القيادي السابق في حركة النهضة وعضو جمعية نماء تونس عبد الكريم سليمان، من أجل تهم تتعلق بتبييض أموال ومخالفة قوانين الصرف في البلاد وخضع 4 متهمين اخرين للتحقيقات في نفس القضية.

ويضاف أن جمعية نماء تونس تلاحقها تهم بتلقي أموال مشبوهة من جهات خارجية وارتباطات بالجهاز السري لحركة النهضة المتورط في قضايا اغتيالات سياسية، وأدرج القطب القضائي المالي نجل رئيس حركة النهضة الغنوشي " معاذ الخريجي " في التفتيش من أجل شبهات تبييض أموال.

تجميد الأموال

وأصدرت قرارت عاجلة بتجميد انتقال ملكية مكتسبات 100 شخص من قيادات ومنتسبين ورجال أعمال مقربين من حرمة النهضة، إلى جانب تجميد ارصدتهم البنكية وحساباتهم المالية.

وكشفت التحقيقات حجم النفاق السياسي الذي مارسته حركة النهضة أثناء العشرية السوداء التي مرت بها تونس، ويبحث القضاء التونسي منذ أشهر في ملف الفساد المالي الشائك الذي يتورط فيه قياديون من حركة النهضة، وفقًا المحلل السياسي نبيل الرابحي.

وبلغ حجم ملف تبييض الأموال الذي تواجهه حركة النهضة بدأ مع جمعية نماء تونس من أموالها المشبوهة إلى  20 مليون دينار وتورط فيها كل من القيادي نور الدين البحيري الذي عرض على التحقيق في 17 من يناير المنصرم ورئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي وواجه التحقيقات في 24 من الشهر نفسه.

وأضاف الرابحي أن القضاء التونسي يحسم قضايا المال السياسي وملف الاغتيالات والجهاز السري لحركة النهضة الموازي للجهاز الأمني في البلاد وملف تسفير الشباب إلى أماكن  التوتر والإرهاب حتى يأخذ كل المتورطين عقابا فرديا يطال كل من أجرم في حق البلاد دون دخول الأحزاب في المعركة، حسب سكاي نيوز عربية.

ومن جانبه قال المحامي والناشط السياسي فتحي الجموسي إن القضاء التونسي بعد مسار 25 يوليو تحرر من قبضة حركة النهضة الإخوانية بالمضي قدما في محاسبة كل من تورط مع النهضة وساهم في العشرية السوداء التي مرت بها تونس زمن حكمها وما خلفته من دمار سياسي واقتصادي ومجتمعي رغم ما يذيعه خصوم الرئيس قيس سعيد.

وذكر الجموسي أنه تم تجميد الرسوم العقارية للمتهمين من طرف إدارة الملكية العقارية وإبطال عمليات نقل الملكية لتفادي تهريب العقارات المقتنية بأموال تم تبييضها.