د.حماد عبدالله يكتب: أعمدة الرأى وأهميتها !!

مقالات الرأي

بوابة الفجر



أتحدث اليوم عن أعمدة الرأى فى الصحف المصرية بتنوع إتجاهاتها السياسية –والحزبية –والخاصة !!وربما جائت هذه الفكرة حينما كنت أتحدث تليفونيًا مع المرحوم الأستاذ/ جلال دويدار -رئيس تحرير جريدة الأخبار السابق –والكاتب المصرى المحترم وتعرض حديثنا إلى كتاب الرأى –ومدى تأثيرهم بأرائهم فى الحياة العامة فى مصر –وهل فعلًا يجد عمود الرأى من يقرأه ؟ وهل إذا كان هناك فائدة من رأى بعينه فى إتجاه محدد للصالح العام يؤخذ به ؟
وهل لو تم الأخذ به يعود الفضل لصاحبه ؟ وهل هناك من أصيب من كتابة أعمدة الرأى بالملل –والإنسحاب من الإستمرار فى كتابة رأى لا يقرأ –وإن قرىء –لا يؤخذ به –لا إلتفات لصاحبه –كل هذه التساؤلات –كانت الإجابة على معظمها –إجابة سالبة –وكان إقتراحى –ما هو الرأى فى أن يأتى يومًا نجد فيه إعتراض أصحاب أعمدة الرأى فى الصحف جميعها –بترك العمود أبيض !
أى يوم للأعمدة البيضاء ! وهذا ليس إعتراض على مؤسسة أو  على نظام حكم أو على جهاز تنفيذى –ولكن هو إشارة إلى أنه أصبح لا شيىء مهم –فالكتابة –وعدمها متساوى الأثر –فكاتب الرأى يعتقد بأن مسئولًا –سوف يتصل به –وهذا يحدث حينما يكون الرأى يحتوى على هجوم لسياسة هذا المسئول فى بعض الأحيان –فيضطر للرد والتصحيح وهم قليلون جدًا المسئولون من هذه النوعية !
والأغلب الأعم من المسئولين بيعملوا "ودن من طين وودن من عجين" مما جعل أستاذنا أحد رجب يعلق على أن حتى العجين أصبح مشكلة –لعدم توفره فى سوق الخبز البلدى 
ولكن هناك من يرى بأن الإنسحاب من كتابة الرأى غير مؤثر –حيث يتساوى من يسمع ويقرأ مع من لا يسمع ولا يقرأ ولا يرى !!
ولكن أيضًا هناك من يرى بأن كتابة الرأى هام جدًا –حتى لو لم يتوفر لقرائته المطلوب منه الإستماع إليه –أو الأخذ به –أو الرد عليه –فأنا أرى بأن هناك فرق كبير جدًا بين الرأى –والعمل به –فالرأى مسئولية كاتبه والعمل به مسئولية من يقتنع به –أما من ناحية رد الفضل لصاحبه –فهذا شيىء بعيد المنال فى الثقافة المصرية –فكل صاحب فعل جيد من يعترف بمصدر فكرة هذا الفعل –لأن المصرى بطبيعته وخاصة إذا كان مسئول فهو عبقرى أخر زمانه –وهو الذى يفهم فى "الكفت" فتجد مسئول جاء لوظيفته كمكافأة نهاية خدمة –إلا أنه فجأة يجد نفسه بيفهم فى السياسة والإقتصاد والإجتماع والعمران والبيئة –وحتى فى الأمثال الشعبية.
وهذا ليس عيبًا فى مصر –أما فى جميع دول العالم المتحضر –فإن المسئول يتباهى بأن ما نفذه كانت نظرة أدبية أو أكاديمية إستطاع أن يحولها إلى عمل لصالح الوطن –وهناك المسئول الذى يتباهى بعدد مستشاريه ومن صانعى الأفكار حوله فمراكز صنع الأفكار فى بلدنا –معدومة للأسف الشديد.وحينما ظهرت أمانة السياسات فى الحزب الوطنى (المنحل) رغم  كل الملاحظات التى أودت بالبلد إلى فورة الشباب عام 2011، وما إستتبعها من أحداث حتى إختطاف الدولة عام 2012، إلا أنه وللحق كانت تلك الأمانة بمن شاركوا فيها من نخبة مصرية محترمة، كانت مصنع للأفكار والسياسات والتشريعات والأوراق السياسية –إنهالت عليها كل الأقلام -على الورق -وعلى شيىء أخر........ ولكن أصرت هذه اللجنة وهذه الأمانة أن تثبت شيىء ضد ثقافة المجتمع السياسى المصرى –وهو أن الفكرة والرأى أهم بكثير جدًا من تنفيذها أو تطبيقها –والفكرة والرأى باقين مع أصحابها –وأن لم تنفذ اليوم لقصور إدارى 
أو تنفيذى –فإن غدًا لناظره قريب !!