قصص وحكايات من دفتر بطولات المرأة المعيلة 

مقالات الرأي

نجلاء عياد رئيس مبادرة
نجلاء عياد رئيس مبادرة بداية جديدة

في حياة كل امرأة معيلة قصص وحكايات استثنائية.. قصص سطرت اسمى معاني التضحية من أجل اسعاد ابناءها الذين واجهوا ظروفًا قاسية كادت ان تنهي حياتهم وتدمر احلامهم وطموحاتهم.. لكن كانت الأم هي السند والعكاز.. كانت الأم هي الأب والصديق والزميل والطبيب النفسي والعضوي.. كانت هي كل شئ في رحلة الدعم والاصرار على النجاح والتفوق. 

من منى لـ كريمة لـ سونيا.. حكايات من قلب مبادرة تعمل في صمت منذ أعوام.. مبادرة ترعاها أم معيلة.. تحسست خطاها من سيرتها الذاتية.. فصارت نجلاء عياد أم (الأمهات المعيلة) إن جاز التعبير.. وتحولت مبادرة المرأة المعيلة إلى ملاذ آمن لكل المعيلات.. 

كانت بداية ولادة منى طبيعية لكن شاءت الاقدار إنه عند تناولها مصل شلل الاطفال في بداية عامها الأول حدث  لها مضاعفات خطيرة. انتهى هذا الاهمال الطبي بعكازين وجهاز شلل اطفال لمساعدتها في التنقل إلى مدرستها في الصغر. 

لكن تحولت المحنة إلى منحة.. كافحت وثابرت واصبحت من الطالبات المتفوقات المتميزات في المرحلتي الابتدائية والاعدادية وحصلت على مجموع يؤهلها لدخول الثانوية العامة..

بدأت مرحلة الحسم وتحديد المصير..وكان كل من حولها يرى أن اعاقتها سوف تمنعها من اكمال الدراسة  والالتحاق بالجامعة خصوصًا وإنه ا من سكان شبرا وجامعة عين شمس في العباسية..

قضت السيدة منى ثلاث سنوات في عذاب ومعاناة  في الذهاب والاياب للمدرسة ونظرات الناس المؤلمة بما تحملها من نظرات الشفقة وعدم الثقة في إنه ا لن تستطيع استكمال تعليمها وانا ارتدى جهاز شلل اطفال والعكازين 

لكن كل هذا لم يمنع السيدة منى في ان تحقق ما تتمناه. 

وبالفعل التحقت بكلية الآداب في جامعة عين شمس وحصلت على ليسانس اداب قسم الدراسات اليونانية  اللاتينية.. ومن ثم قررت ان تكون شخصية فعالة فى المجتمع لا ينقصها شئ سوى مسيرتها العلمية. 

توجهت للقوى العاملة الخاصة بالمعاقين بمجرد تخرجها  وتم تعينها فى أكاديمية البحث العلمي في مكتب براءات الاختراع بما يتناسب مع مؤهلى الدراسى..
تقول منى ؛ تزوجت من شاب محترم كان بيحبنى جدا وواجه مشاكل كتير من أهله لرفضهم زواجه منى بسبب اعاقتى ومعتقدين انى لا اصلح للزواج ولن اكون زوجة ولن استطيع الانجاب ولا اصلح أن أكون أم ولكنه أصر على الزواج وكان يعمل موظف باحدى الشركات.وربنا اخلف ظنهم ورزقنى بولد وبنت بينهم وبين بعض اربع سنوات.. واتولدوا طبيعى جدا وكانت الولادة طبيعية وكانت دي اول مكافأة من ربنا. 

وكان لازم اثبت لهم انى اصلح اكون زوجة وأم وموظفة ناجحة..

الولد اتولد الأول وعانيت فى تربيته لانى لا استطيع المشى سوى بالعكازين ولا أستطيع أن أحمله علشان اذهب به للحضانة لان مكنش معايا حد يساعدني أو يعنى على تربيته الا الله وإصرارى..

اخذت إجازة رعاية طفل من الشغل..ولما بلغ من العمر عامين واستطاع المشى رجعت شغلى تانى..

وكنت بصحى فى السادسة صباحا اجهز الاكل واخد إبنى للحضانة واذهب للشغل.. وكان شغلى فى شارع القصر العينى وانا كنت ساكنه فى شبرا وكم كنت اعانى من الزحام وركوب المواصلات..ولكنى كنت لا أبالى واتحمل المجهود العضلي والعصبى والنفسى من نظرات الناس ليا باننى لااستطيع اكمال المشوار فى سبيل تحقيق ذاتى.

ودخل المدرسة وكنت اقوم بنفسى بمذاكرته ومتابعته فى المدرسة..وبعد أربعة سنوات رزقت بالبنت وواصلت رحلة الكفاح وكان بيزداد عليا الحمل لأنهم أصبحوا طفلين.. والمجهود مضاعف وبداخلى احساس قوى بأن المسئولية بتزيد ولازم اكون قدها..إلى أن وصل ابنى للشهادة الاعدادية وكان عمره 14عام والبنت فى الشهادة الابتدائية وكان عمرها 10ٱعوام..عاندنى القدر للمرة الثالثة.. الشركة التي كان يعمل بها زوجي تم تخصيصها وقامت بتصفية موظفيها وخرج معاش مبكر وحينها كان عمري 38عام وزوجى 42 عام. ظل يبحث عن شغل دون جدوى.. وبسبب الضغط النفسي والعصبي حدث له نزيف فى الام العنكبوتية بالمخ


ذهبنا للطبيب وحوله للمستشفى ودخل المستشفى وظل بالمستشفى شهر وخرج فى عز امتحانات ابنى وكان وقتها بيمتحن الشهادة الاعدادية..وكنت اذهب لزوجى بالمستشفى وارجع المنزل المغرب اذاكر لى ابنى وأجهزة اكل لزوجى لتانى يوم..واصحة اصلى الفجر واراجع لى ابنى ويروح الامتحان وانا انزل اروح لزوجى بالمستشفى بمدينة نصر..  وفضلت كم سنة اصارع مع الحياة مابين علاج زوجى وشغلى وتربية اولادى  بإصرار بإكمال مسيرتى كاأم  ووقوفى جنب زوجى فى مرضه ونجاحى فى عملى..ومن هنا بدأت قصة كفاحى الحقيقية..كان لازم اقوم بدور الاب والام لأن ظروفة الصحية فى هذا الوقت لاتسمح بأنه يمارس عمل آخر ولا يقوم بدوره كااب لإنه ممنوع من المجهود والانفعالات.

اتجهت لربنا وطلبت منه القوة والصبر وقوة التحمل لانى حسيت أن الحمل تقل عليا اوووى مع ظروفه الصحية.. والظروف المادية وقتها لجأت بأن اساعد بيتى وزوجى بأن اقوم بجوار شغلى بااشغال يدوية بالمنزل حتى استطيع التغلب على هذه الظروف التي نمر بها

ومع كل هذه الظروف كنت اجاهد من اجل تحقيق التوازن النفسى والجسدى لتحقيق هدفى في استكمال مسيرتى معهم كأم للوصول بهم إلى بر الأمان

أكرمني الله بشفاء زوجى بعد عامين مع الالتزام بالعلاج مع توفير الحياة الهادئة البعيدة عن العصبية والانفعالات.. ووجهت كل طاقتى واهتمامى له ولاولادى وأصبحت انا الآم والاب والمدرس والدكتور وكل مسئوليات الحياة إلى أن وصلوا إلى الجامعة..وفى الوقت ده بدأت أشعر بضعف ووهن شديد فى العضلات والمفاصل بس لازم اكمل.استعنت بالله وبكرسى متحرك  وربيتهم تربية يشهد بها الجميع ووقفت جنبهم وعلمتهم وانا على الكرسى المتحرك إلى أن حصلوا على مؤهلات عليا..حصل الولد على بكالوريوس تجارة خارجية ويعمل حاليا مدير حسابات بااحدى الشركات والبنت حصلت على بكالوريوس خدمة اجتماعية وكانت تعمل والان فى هذا المجال ولكنها تركت العمل بناءآ على رغبة زوجها لأن اولادها وبيتها أكثر احتياجآ لها...و ربنا قدرنى واكملت رسالتى وتزوجوا من أسر محترمة جدا.واصبحت جدة لى أربعة احفاد زى القمر الحمدلله...وانا وصلت فى شغلى لكبير اخصائيين بدرجة مدير عام بأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا مكتب براءات الاختراع..وخرجت على المعاش من شهر 12سنة 2021


القصة الثانية.. لكريمة ابو العلا فرج. السيدة التي عانت وضحت من اجل نجلها “ عمر” الذي ولد باصابة خطيرة وهي مياة على المخ وارتفاع في معدل الكهرباء بالمخ.. 

عندما اشتد عود الطفل ووصل إلى سن الثلاث سنوات اقترحت الاطباء على الأم بضرورة اجراء جراحة عاجلة للأبن. وهي عبارة عن توصيل صمام من المخ لشفط المياة الزائدة

تقول الأم “انا طبعا اتخضيت.. ازاي طفل عمره ٣ سنين  يعمل حاجه زي كده لكن الدكاتره قالوا لي اطمني ده اسهل طريقة ممكن نعالج بيها الميه علشان وجودها في المخ مع الكهرباء هتسبب مضاعفات خطيرة. 

فعلا عملت العمليه وهو لغايه دلوقتي عنده 15 سنه عايش بالصمام اللي في المخ لكن مش زى الاولاد الطبيعية.. بيتحرك بقدر ضئيل وبسيط مش بيقدر يعمل مجهود.. مش بيقدر يجري.. بس الحمد لله على كل حال في وسط كل هذه الاجواء تحملت وصبرت. 

تقول الأم ابني عمر لما وصل سن 12 سنه ابتدى يبص لاصحابه وقالى انا عايز العب رياضه.. انا عايز ابقى بطل فمبقاش عارفة اشرحله واقوله انت صعب تجري زيهم وتعمل مجهود.. لكن توكلت على الله ووديته مركز شباب امبابه وفعلا شرحت للكابتن ظروفه وظروف العملية اللي في مخه وان هو مركب صمام في المخ وإنه صعب يجري ويتنطط زي الولاد..

 لكنه امنيته يكون بطل.. فالكابتن تفاهم الموضوع ودخلوه رياضه الكاراتيه..

وهنا كانت المفاجأة.. الحمد لله عمر أصبح  بطل في الكاراتيه وكمان بيلعب كره قدم.. عمر ابني حمول جدا وصبور وشخص اجتماعي وكل اللي بيشوفه بيحبه.

 وانا بحمد ربنا على وجوده في حياتي لان هو سبب سعادتي.. وبتمنى من ربنا يخليه ويحفظه هو واخته.  

 

بطلة قصتي هي ابنتي بنتي الوحيدة.. هي السند والعكاز الذي كنت اتكأ عليه.. ابنتي التي عانت رغم كل الازمات التي مررت بها.. لم اجد سند وامان وتضحية الا من ابنتي صفية التي ضحت من اجلي.. فسخت الخطوبة.. ضحت باجمل ايام عمرها حتى عملها التي استقالت منه لتقف إلي جواري في محنتي التي مررت بها على مدار اكثر من 10 سنوات.. 

بدأت قصتي عندما ظهر لي ورم تحت الابط.. ذهبنا إلى اكثر من طبيب على مدار  ثلاث سنوات.. اجريت على أثر هذا التشخيص جراحه بإنه خراج ولكن للاسف اكتشفنا إنه مرض السرطان.. هنا اخذت ابنتي الصدمه واغمى عليها في الشارع وبعد ذلك ذهبنا للطبيب ودخلنا في دوامه التحاليل والاشاعات والاجراءات اللازمه لعمل استئصال الثدي وازاله 13 غده لمفاويه تحت الابط ثم جاءت اصعب فتره بعد العمليه وهي الكيماوي والالم والالم النفسي والجسدي في نفس الوقت.. تخلى عني زوجي ورحل وطلقني.. وهنا ظهرت تضحيات ابنتي من اجل من اجلي.. استقالت من العمل وباعت ذهبها وكانت السند والعون بعد ربنا.. تقدم لها الكثير ولكنها رفضت وفضلت ان تكون إلى جواري. 


القصة الرابعة للسيدة سونيا عفيفى التي بدأت حياتها مصابة بشلل الأطفال منذ عامها الأول. لم يستطع الأب تحمل هذه الصدمة التي اخبره بها الأطباء. فقرر ان يسافر بها إلي فرنسا لتتلقي العلاج. تقول سونيا لم يصل بي العلاج إلى مرحلة آمنه في الشفاء من هذا المرض المستعصي. فدفعتني الأم إلى الاعتماد على نفسي حتى لا أكون مختلفة عن باقي من حولي.. كنت اقوم بمساعدتها في شغل البيت.. كانت تشجعني في ان افعل كل شئ بمفردي دون ان استعين بها لمساعدتي في الحركة. 

ظلت هذه حياتي لفترة طويلة إلى ان رزقني الله بالزواج وحينها واجهت تحديات في حياتي بعد ٣حالات اجهاض.. كنت على وشك اليأس في أن يكون لدي طفل.. ثم أنجبت وحيدى "مؤمن".. كان منذ مولده طفل جميل ياخد القلب والعين.. هادئ جدا لكن أنا اللى ماكنتش فاهمه.. أنه غير متواصل مع المحيط اللى حواليه.. وده سبب هدوئه.. وعند نهاية العام الثانى من عمره بعد اتقانه المشى.. انطلق فى الحركه فى كل اتجاه دون هدف أو إدراك للمخاطر.. فى وقت انا كنت وصل عمرى ٤٠سنه.. اجلس على كرسى متحرك.. مطلوب مني رعاية طفل عنده فرط حركه.. بدرجه مرتفعه جدا على مقياس فرط الحركه.. الوقت ده كان اخطر مرحله مرت علينا.. لان الكهرباء كانت دائمة الانقطاع فكنت احتفظ بكبريت وشمع فى أحد الإدراج.. كان لايترك شئ الا ويعبث به حتى في مرة اشعل اعواد الكبريت فى  احدى الادرج التي كانت تستحوذ على مجموعة من الاوراق فتحول الأمر إلى حريق قريب جدا من أسلاك الكهرباء.. ولم يكن في البيت غيرنا انا وهو.. غبت عنه لدقائق فى الحمام والهمنى الله أن أطفأ النار فى مبتداها بزجاجة مياه.. وفى يوم اخر سمحت له أن يلعب بعجلة اطفال أمام باب شقتنا وانا اجلس وأتابع صوت العجل وصوت قدميه فى لحظه اختفى الصوت 

خرجت ولم أجده وجدته نزل السلم استعنت بجارتي فانقذته وبعدها اكتشفنا اصابته بالتوحد حينها قررت اكون الأم القوية التي لا بد ان يكون طفلها متميز واستثنائي في هذا المجتمع إلى ان انتظم فى الدراسه بنظام الدمج.. هو الان فى الصف الأول إعدادى وعمره ١٢ سنه.. واكتشفت فيه موهبة الرسم وبنميها على يد رسامه محترفه بتديله كورس رسم احترافي.
كل هذه الحالات تجتمع في احتفالية يوم المرأة المعيلة التى تنظيفها نجلاء أحمد عياد للعام السادس على التوالي.