أحمد ياسر يكتب: عضوية بريكس: هل ستغير قواعد اللعبة الاقتصاد السعودي؟

مقالات الرأي

أحمد ياسر
أحمد ياسر

بينما تستعد المملكة العربية السعودية للانضمام المحتمل إلى البريكس، هناك الكثير مما يجب مراعاته من حيث التأثير على اقتصاد البلاد، في حين أن البعض قد ينظر إلى هذا على أنه تحرك جيوسياسي بسيط، فقد يكون له آثار اقتصادية كبيرة على المنطقة والعالم ككل.

أولًا وقبل كل شيء، من المهم فهم القوة الاقتصادية لدول البريكس، تمثل البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا مجتمعة 40٪ من سكان العالم و25٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وإذا انضمت المملكة العربية السعودية إلى هذه المجموعة، فلن يؤدي ذلك إلى زيادة حجم الكتلة وتأثيرها بشكل كبير فحسب، بل سيوفر أيضًا للبلاد إمكانية الوصول إلى شبكة قوية من الشركاء الاقتصاديين.

تتمثل إحدى الفوائد المحتملة لانضمام المملكة العربية السعودية إلى بريكس في زيادة الفرص التجارية، بفضل مواردها القوية من النفط والغاز الطبيعي، يمكن أن تصبح المملكة العربية السعودية لاعبًا رئيسيًا في تجارة الطاقة داخل الكتلة، التي تهيمن بالفعل على الاستهلاك العالمي للنفط والغاز بنسبة 30٪ و22٪ من الحصة العالمية على التوالي.

بالإضافة إلى ذلك، بصفتها عضوًا في مجموعة البريكس، ستتاح للمملكة العربية السعودية الفرصة لتنويع علاقاتها التجارية بما يتجاوز شركائها التقليديين في الغرب، مما قد يؤدي إلى أسواق جديدة وزيادة الاستقرار الاقتصادي.

بصفتها أكبر مصدر للنفط في العالم، فإن تحالف المملكة العربية السعودية مع دول البريكس من شأنه أن يعيد تشكيل الجغرافيا السياسية للطاقة ويحتمل أن يتحدى هيمنة أسواق النفط الغربية، مع تمثيل دول البريكس بشكل جماعي لحصة كبيرة من استهلاك النفط العالمي، فإن إضافة المملكة العربية السعودية من شأنه أن يعزز مكانة الكتلة كلاعب رئيسي في سوق الطاقة.

ويمكن أن تؤدي هذه الشراكة الاستراتيجية إلى تعزيز التعاون في مجال الطاقة، والمشاريع المشتركة في التنقيب عن النفط وإنتاجه، وإنشاء آليات تداول الطاقة البديلة، مما يؤدي في النهاية إلى تعزيز قدر أكبر من أمن الطاقة والقدرة على الصمود لجميع الدول الأعضاء.

فائدة اقتصادية أخرى للانضمام إلى البريكس هي زيادة فرص الاستثمار، وأنشأت الكتلة بالفعل "بنك التنمية الجديد" برأسمال 100 مليار دولار لمنافسة صندوق النقد الدولي، وسيضيف ضم المملكة العربية السعودية موارد كبيرة إلى هذا الجهد، كان عائد السندات الأخير من قبل NDB 5.1٪ وهو أعلى بنسبة 100 نقطة أساس من مثيلاتها في البنك الدولي، بالإضافة إلى ذلك، فإن الموقع الاستراتيجي للبلاد والنمو الصناعي يمكن أن يجعلاها وجهة جذابة للاستثمار الأجنبي داخل الكتلة.

إن وصول المملكة العربية السعودية إلى الصين والهند، وهما من أكبر الأسواق في العالم، سيسهل زيادة الصادرات والشراكات الاقتصادية، والاستفادة من الابتكار التكنولوجي وقدرات التصنيع لأعضاء البريكس، ولا سيما الصين، من شأنه تسريع نمو المملكة العربية السعودية في هذه القطاعات.

صناعة السياحة، التي يغذيها التراث الثقافي الثري للمملكة العربية السعودية ومواردها الطبيعية، ستستفيد أيضًا من عضوية البريكس، وجذب المزيد من الزوار وتوليد فرص العمل.

فيما يتعلق بالتوافق الثقافي، فإن المملكة العربية السعودية تتماشى جيدًا مع دول البريكس، وتتقاسم القيم الاجتماعية والثقافية والدينية المحافظة، وهذا يوفر أساسًا لعلاقات وتعاون أقوى داخل الكتلة، بالإضافة إلى ذلك، تعزز العلاقات التجارية التاريخية للبلاد مع الصين والهند علاقاتها مع دول البريكس، مما يعزز التفاعلات بين الأفراد والتبادلات الثقافية.

ومع ذلك، فإن الانضمام إلى البريكس يمثل أيضًا مخاطر وتحديات محتملة، أحد هذه التحديات هو احتمال زيادة المنافسة الجيوسياسية بين الغرب وكتلة القوى الشرقية بقيادة بريكس، ومع تزايد انقسام الاقتصاد العالمي، يمكن أن تلعب المملكة العربية السعودية دورًا محوريًا لتقليل الخلافات بين الكتل كصديق مشترك.
بشكل عام، فإن إدراج المملكة العربية السعودية المحتمل في مجموعة بريكس يمثل فرصة مربحة للمملكة العربية السعودية لأنها ستسرع من التنويع الاقتصادي والتنمية للأمة وتقليل اعتمادها على الكتل الغربية، ويعتبر قرار المملكة العربية السعودية الأخير لتقوية العلاقة مع إيران، بوساطة الصين، علامة على التحولات التكتلية في الشرق الأوسط والتي نأمل أن يتبعها الانضمام إلى مجموعة البريكس التي ستجلب السلام والازدهار في المنطقة وخارجها.