الأرثوذكسية تحتفل بتذكار نياحة القديس إبيفانيوس أسقف قبرص

أقباط وكنائس

كنيسة
كنيسة

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مثل هذا اليوم، من سنة 119 للشهداء (403م)، بتذكار نياحة الأب القديس إبيفانيوس أسقف قبرص. 

وُلِدَ القديس إبيفانيوس،  نحو 307م من أبوين يهوديين بفلسطين، توفي والده وتركه مع أخت له فقامت أمه بتربيته أحسن تربية، وكان والده قد ترك ثروة كبيرة. وحدث مرة وهو سائر في الطريق أنه أبصر فقيرًا يطلب صدقة فلم يهتم به، بينما أبصر أحد الرهبان يخلع ثوبه ويعطيه للفقير لأنه لم يكن يمتلك غيره. في هذا الوقت رأى إبيفانيوس وكأن حلة بيضاء نزلت من السماء على هذا الراهب عوض الثوب. تعجب من ذلك وانطلق إلى الراهب وسأله عن إيمانه، فأعلمه أنه مسيحي. 

طلب إليه أن يرشده إلى حقائق هذا الدين فأجابه إلى طلبه وأتى به إلى أسقف المنطقة التي كانوا فيها، فعلمه ووعظه ثم عمَّده. اشتاق للرهبنة فأرسله الأسقف إلى دير القديس "لوقيانوس" فتتلمذ على يدي القديس إيلاريون (إيلاريون: أب رهبان فلسطين ومؤسس الرهبنة بها)، الذي تنبأ عنه إنه سيصير أسقفًا. تعلم العبرية والقبطية والسريانية واليونانية واللاتينية، لذا دعاه القديس چيروم: "صاحب الخمسة ألسنة". درس الكتاب المقدس. وإذ كان محبًا لحياة النُسك والتأمل ترك فلسطين إلى مصر نحو سنة 335م، ليلتقي بمجموعة من النساك والرهبان قبل اعتزاله في دير بالإسكندرية. إذ شعر بعض الغنوسيين بقدراته ومواهبه واشتياقاته أرادوا كسبه، فأرسلوا إليه بعض الزانيات ينصبن له فخاخًا، لكنه بنعمة الله لم يسقط في الخطية، ومن هنا ندرك السبب الذي لأجله كرس طاقاته للرد على الهراطقة. أسس ديرًا في فلسطين، وكان حازمًا جدًا مع نفسه حتى إذ سأله أحد تلاميذه كيف يحتمل هذا النُسك الذي يفوق قوته ؟، أجابه: "الله لا يهبنا الملكوت ما لم نجاهد، وكل ما نحتمله لا يتناسب مع الإكليل الذي نجاهد من أجله".

شعر أسقف المدينة بدور القديس إبيفانيوس وسط شعبه الذي التف حوله يطلب إرشاداته وبركته، فرسمه كاهنًا لكي تزداد الاستفادة من مواهبه. في هذه الفترة ترك إيلاريون المنطقة بسبب تجمهر الناس حوله وذهب إلى قبرص، فجاء إليه الأساقفة والكهنة والشعب يطلبون بركته، فتحدث إليهم عن إبيفانيوس ونُسكه وفضائله وعلمه وغيرته، ولما تنيَّح أسقف سلاميس بجزيرة قبرص، انتخبوا إبيفانيوس أسقفًا عليها بغير إرادته عام 367م.

تميز إبيفانيوس بغيرته وحزمه بخصوص الإيمان المستقيم مع حب شديد للفقراء، حتى أنه لم يكن يترك في دار الأسقفية أحيانًا شيئًا قط، ومع ذلك فقد كان الله يرسل له الكثير جدًا ليوزعه، فقد منحته الأرملة القديسة أولمبياس أراضى ومالًا لهذا الغرض. ولعل محبته للفقراء قد نبعت من أن هذه الفضيلة كانت السبب الأساسي لقبوله الإيمان المسيحي كما رأينا. وقيل إن تلميذه طلب منه مرة أن يضع حدًا لهذا العطاء إذ لم يعد معهما شيء، وبعد هذا الحديث تقدم إنسان غريب وقدم كيسًا من الذهب للأسقف واختفي في الحال. وجاء في سيرته أن أحد المخادعين جاء يسأله صدقة ليكفن صديقه فأعطاه ولما ذهب لصديقه وجده قد مات حقًا.

تنيَّح القديس أبيفانيوس عن عمر يناهز ست وتسعين سنة. وله أقوال كثيرة في النُسك والفضيلة منها:

1 – قراءة الكتب المقدسة أمان عظيم ضد الخطية، والجهل بها هاوية عميقة وهوة عظيمة.

2 – لا تحبوا متاع الدنيا فتستريحوا وتفرحوا في الآخرة. تحفظوا من لذات العالم فلا يقوى عليكم وجع الشياطين.

3 – أيقظوا قلوبكم بذكر الله، فتخف قتالات الأعداء عنكم.

4 – الله يبيع البر بثمن بخس للغاية للذين يريدون أن يشتروه: بقطعة خبز صغيرة، بثوب وضيع، بكأس ماء بارد، بفلس واحد.