د.حماد عبدالله يكتب: هل فعلًا السفر "كاشف" !!

مقالات الرأي

بوابة الفجر

 


هل حقًا ما قاله المرحوم "عبد الحليم حافظ" عن الصديق الذى لم تسافر معه فإنك لا تعرفه.
نعم للسفر ثقافة، وربما كتُبَ في ذلك كثير من كُتَابَّنا وأشهرهم أستاذنا "أنيس منصور" "رحمه الله رحمة واسعة"، وهو أدب الرحلات، (حول العالم في 200 يوم)، من أشهر ما كتب في هذا الإتجاه، وللسفر فوائد جمة، ويقال قديمًا (للسفر سبع فوائد)، وإن كنت أعَدْتُ تعدادِها فوجدتها أكثر من مائة !! 
ويقال أيضًا أن "عبد الحليم حافظ " سأل صديقًا (هل تعرف فلان؟) قال الصديق (نعم) قال (هل سافرت معه؟) أجاب الصديق (لا) قال "عبد الحليم " (كأنك لا تعرفه !!) ففي السفر تتغير صفات الناس وهذه ثقافة السفر !!. 
حتى عملية الإنتقال من بلد إلى بلد أخر سواء بالطائرات، أو البواخر، أو حتى السيارات إن كانت الحدود مفتوحة بين الدول كما هو الحال في "أوربا"، أو في (أمريكا) بين الولايات) فإن ثقافة السفر تنشأ وتتراكم، وتتطور طبقًا لجدول سفرياتك، أو عدد رحلاتك وتنوعها بين الدول!. 
فلا شك بأن الوصول إلى مطار (فرانكفورت ) لكي تلحق بطائرة أخرى تنقلك إلى (أمريكا)، هذا شئ من "الخيال العلمي" إن لم تتدرب عليه، أو يقودك حظك العثر إلى أن تفقد الطائرة التالية فتمكث في المطار ليلة، وخاصة إن لم يكن في حوزتك فيزا (تشنجن) تسمح لك بالخروج إلى (فرانكفورت) لتقضي فيها يومًا أخر حتى موعد الطائرة التالي!! 
ولا شك أيضًا أن وصولك إلى مطار (هيثرو) فى لندن لكي تستطيع أن تأخذ مسارك عبر نقاط التفتيش وخلعك "لحذئك وحزامك"، وكل ما يشع في (جيبك) من معادن، أو حتى (عملات ورقية) كل هذا يتطلب ثقافة للسفر!!
حتى إبتياعك لإحتياجاتك  وأسرتك  من (السوق الحرة) في المطار أو من الأسواق في تلك المدن، أيضًا تحتاج لثقافة، وفي إحدى رحلاتى إلى الولايات المتحدة الأمريكية (لأطلانطا –جورجيا)، مرورًا بمطار (هيثرو- لندن) وطول ساعات الإنتظار بين الطائرة القادمة من أمريكا، وقيام الطائرة الأخرى إلى مصر، أكثر من (سبع ساعات ) ورغم أن إستراحة ( الفاست تراك) أو الدرجة الأولى، يعمها الراحة و(الدلع) كله، فمن حجرات للنوم (Kapins) إلى مطعم رائع إلى كافيه متعدد الأغراض إلى SPA، متعدد الأنشطة بما فيها (المساج) الذى تتقدم إلى موظفة الخدمة لتحدد لك موعدًا  ،كل ذلك على حساب (تذكرة سفرك) ،فهذا متوفر (مجانًا) إن لم يكن لديك ثقافة السفر !! فسوف تخسر تلك الخدمات!!.
فربما سماعك عن حجرة للراحة ،وحمام خاص، وحجرة (للتدليك) سوف يكلفك الشيىء الفلانى!! 
ولكن بثقافة متراكمة ،ستجد أن هذا (حقك) مجانًا !!على تذكرة سفرك المدفوعة في بلدك، دون أخذ رأيك إن كنت تفضل (المساج) أو في عقيدتك هذا (شِرْكْ) وحرام، ومدعاة للفتنة (أستغفر الله العظيم) !! فلا داع للخطيئة ،وخاصة ونحن على سفر!! كما أن هذه الفترات الطويلة التى نمكثها في مشاهدة الأخرين، حيث كل من يتحرك في تلك المطارات لعشرات ومئات الرحلات، من كل الأجناس، تدعوك للتأمل وحينما "تُكِثْرْ من التأمل تصل إلى حالة من التصور" بأن وراء كل مسافر قصة ،وحدوتة، ومقصد، وتلك الوجوه العابثة أو الضاحكة أو(المِبلَمَةْ)كلها لا تعبر عما ورائهامن أحداث ومشاكل، ولكن يجمع الجميع ثفافة السفر، والجميع يعلم إلى أين ومتى يتحرك، وكيف؟ داخل تلك التجمعات (النملية) فالحركة فى إتجاهات مختلفة، مثل خلية نحل أو أدق وصف (بحركة النمل)!! سبحان الله فى شئون عباده!!