جدل بسبب تفاقم أزمة انقطاع الكهرباء.. وخبراء يوضحون الأسباب الحقيقية

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

سادت حالة من الجدل بين المواطنين على إثر تفاقم أزمة الانقطاع المتكرر واليومي للتيار الكهربائي، في ظل ارتفاع درجات حرارة الجو، وزيادة الضغط على الاستهلاك.

وفي مثل هذه الظروف عادة ما تلجأ الحكومة إلى اتباع سياسة تخفيف الأحمال الكهربائية، لا سيما في ظل نقص كميات الغاز الطبيعي والمواد البترولية اللازمة لتشغيل بعض الوحدات، وهو ما كشف عنه وزير الكهرباء، محمد شاكر، بأن الشبكة القومية للكهرباء لا تواجه أية مشكلات، بينما الأزمة الحالية تكمن في نقص كميات الوقود اللازمة للتشغيل.

وفي إطار ما سبق، يوضح مستشار المركز العربي للدراسات، الباحث في الاقتصاد السياسي أبو بكر الديب، أن "الشبكة الكهربائية لها طاقة للتحمل، وفي ظل تعرض الدولة المصرية إلى موجة قوية من الطقس الحار، نتج عن ذلك استهلاك زائد للكهرباء بسبب تشغيل الأجهزة الكهربائية على رأسها مكيفات الهواء والمبردات، ما أدى إلى حدوث ضغط على الشبكة وهو ما يستلزم كميات كبيرة من الوقود سواء كانت فيما يخص المحطات التي تعمل بالغاز أو المازوت".

ويضيف لموقع "الفجر" أن مصر تنتج كميات كبيرة من الغاز تكفي احتياج محطات توليد الطاقة، لكن هذا الاكتفاء يكون فقط لأوقات غير الذروة التي تشهد حالة من الضغط على استهلاك الغاز والمازوت، لافتاً إلى أن الحكومة المصرية أمامها حل من اثنين، هما استيراد كميات أكبر من المازوت، وذلك يكلف الدولة فاتورة أكبر من العملة الصعبة، في ظل معاناة مصر من شح العملة الأجنبية، بعد جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، فضلاً عن ارتفاع الفائدة الأميركية وهروب العملات الصعبة من مصر،  وتخفيف الأحمال، وهو ما يعني قطع الكهرباء عن الشبكة العامة بشكل يوفر من الطاقة، وبالتالي الغاز المستهلك.

ويشير الديب إلى أن الحكومة المصرية كانت قد وعدت بإنهاء تلك الأزمة خلال مدة بسيطة، وأنها ستكون عادلة في عملية قطع الكهرباء والتي لا تزيد مدتها عن ساعة واحدة، كما وعدت بعدم تطبيق تخفيف الأحمال على المناطق الصناعية.

وينوه الباحث في الاقتصاد السياسي بأن انقطاع الكهرباء في المناطق الصناعية، من شأنه التأثير على صورة مصر في مرحلة تسعى فيها إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، من خلال إجراءات تعديل قانون الاستثمار والتخارج الحكومي من القطاعات الحكومية لصالح زيادة مشاركة القطاع الخاص وهو ما يعرف بـ"وثيقة ملكية الدولة" ومنح امتيازات للمستثمرين في الإقامة والرخصة الذهبية والشباك الواحد، إضافة لبيع أصول بعض الشركات للمستثمرين.

ويرى أنه حال مس الانقطاع الكهربائي مناطق الصناعة سيتأثر الإنتاج وهو ما يؤدي لتراجع الصادرات مع ضعف الإنتاج، فضلاً عن عدم كفاية المنتجات بالسوق المحلية وحدوث أزمات بالسلع، كما يؤثر أيضاً على صورة مصر الاستثمارية الجديدة في ظل احتياجها لاستقدام استثمارات أجنبية ومعاناتها من شح العملة الصعبة واحتياجها لاستقرار الجنيه أمام الدولار.

أزمة الدولار
من جانبه، يلفت مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، مصطفى أبو زيد، لموقع "الفجر" إلى أن ارتفاع درجات حرارة الجو أدى لاستخدام الكهرباء أكثر من أي وقت،  وزيادة معدلات حرق الغاز والمازوت، ذلك لاستيعاب الكميات المستهلكة من الكهرباء، وبالتالي حدثت فجوة بالأرصدة الموجودة والتي كانت مُقدرة وفقاً لخطة سابقة، ومن ثم فإنه بعد انتهاء الموجة الحارة ودخول فصل الخريف يعود استهلاك الكهرباء لمعدلاته الطبيعية، كما تعود المحطات لكفاءتها.

ويشير إلى أن توفير كميات جديدة وإضافية من الغاز والمازوت خلال وقت سريع لحل أزمة تخفيف الأحمال، هو حل يحتاج إلى وقت كبير، خاصة أن الدولة المصرية تمر بأزمة في توفير العملة الدولارية، لافتاً إلى أن رئيس الوزراء كان قد أشار إلى احتياج مصر ما بين 200 إلى 300 مليون دولار لاستيراد كميات إضافية جديدة لتشغيل الشبكة القومية بكفاءة دون تخفيف أحمال.

كما يلفت أبوزيد إلى عوامل مختلفة تؤكد أن الأزمة ليست مقتصرة على القاهرة، أهمها "تغير المناخ" على المستوى العالمي، وبما يؤدي للاستهلاك المتزايد للغاز مع ارتفاع درجات حرارة الأرض.

ويشير في الوقت نفسه إلى أثر الحرب في أوكرانيا كذلك، قائلاً: "على سبيل المثال في دول عربية والدول الأوروبية هناك مشكلة أساسية في توريدات وإمدادات الغاز على خلفية الحرب.. كلها أمور مترابطة ومتشابكة وتداعيات كبيرة يشهدها العالم كله".

وتجنباً لتكرار أزمة الضغط على أحمال الكهرباء في ظل الظاهرة الحرارية خلال السنوات المقبلة، ينصح مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، بوضع ذلك في الحسبان خلال  برنامج التنبؤ لأي سيناريوهات من الممكن أن تحدث خلال العام المقبل في نفس التوقيت، وأن تزيد الحكومة من الأرصدة المتاحة لديها بحيث يتوفر احتياطي يواجه أية ظاهرة متطرفة لدرجات الحرارة يمكنها من تشغيل الشبكة القومية بدون تخفيف أحمال.