خبراء لـ "الفجر" عن جريمة "طبيب الساحل": المتهم سيكوباتي والانحرافات الشخصية لا تعرف مهنة

تقارير وحوارات

الدكتور أسامة صبور
الدكتور أسامة صبور

 

من المعروف عن مهنة الطب أنها مهنة إنسانية تتسم بالصبر والتعب والرحمة قبل كل شئ، فهي مهنة القلوب الرحيمة التي تعمل على تخفيف آلام وأوجاع المرضى، ملائكة الرحمة اللذين يسهرون لراحة المريض والتخفيف عنه، ولكن في قضية مقتل الدكتور أسامة صبور، والمعروفة إعلاميًا "طبيب الساحل"، انقلب الوضع كليًا، فتحول الطبيب المتهم من معالج إلى سفاح وقاتل.

حيث تعود البداية عندما تلقى قسم شرطة الساحل بلاغًا من الأهالى بانبعاث رائحة كريهة من داخل عيادة طبيب، فانتقلت على الفور الأجهزة الأمنية لمكان البلاغ.

وبالفحص عُثر على جثة طبيبًا بمعهد ناصر، يدعى أسامة توفيق صبور، وتم تشكيل فريق بحث لسرعة كشف غموض البلاغ وملابساته، وتم تعيين حراسة أمنية على العيادة محل الجريمة، وحُرر محضر بالحادث، وتولت النيابة التحقيق.

وبتفريغ كاميرات المراقبة تبين دخول الطبيب المقتول إلى عيادته الخاصة، ولم يخرج منها، ورصدت الكاميرات خروج طبيب آخر بطريقة مسرعة، ولكن نجحت قوات الأمن فى تحديد مكان إختباء المتهم بإحدى محافظات الصعيد، وتوجهت قوة أمنية وتمكنت من القبض عليه.

وقال الطبيب المتهم: إنه يعمل طبيب عظام بمعهد ناصر، وصديق المجنى عليه الدكتور أسامة صبور، وإنه على علم أن الضحية يمتلك مال، كما كشفت التحقيقات عن وجود علاقة آثمة جمعت بين الطبيب المتهم الأول والمحامية المتهمة الثانية، وادعاء بالزواج العرفي دون أوراق رسمية تثبت ذلك، مع وعد المتهم للمحامية بالزواج منها رسميا في الوقت المناسب، والطبيب المتهم أحمد.ش، 32 سنة، يمتلك 4 عيادات بالقاهرة الكبرى، منها العيادة محل العثور على جثة طبيب الساحل المقتول أسامة توفيق، واتفق مع المحامية إيمان.م 28 سنة، على استدراج المجني عليه للعيادة، وبالفعل نفذت له ما أراد، وتمكنا بمعاونة ثالث ممرض يدعى أحمد.ف، 24 سنة، من تخدير الطبيب ليتمكنوا من احتجازه وطلب فدية من أسرته التي تقيم بمحافظة الشرقية على مبلغ مالي وقدره 200 ألف دولار أمريكي.

وتابع المتهم: أنه عقب دخول طبيب الساحل الشقة غافله، وقام بالتعدى عليه بالضرب بقطعة حديدية على رأسه فسقط على الأرض فاقدًا للوعي، ثم قام بمساعدة الممرض بنقله إلى أحدى الغرف، وتم تحضير حقنة بنج وحقن الدكتور المقتول ببنج كلي، ونقله إلى عيادته الخاصة على كرسي متحرك بمنطقة الساحل، وأثناء جلوسه داخل العيادة، ولكن بعد مرور ساعة اكتشف أنه فارق الحياة، واتفق مع الممرض على التخلص من الجثة حتى لا يكتشف جريمتهما أحد، فقررا دفن جثته أسفل بلاط إحدى غرف العيادة ووضع عليها مشمع ثم سجادة لإخفاء معالم الجثة، ثم فرا هاربين.

الإستشاري القانوني الأستاذ علي صبري عسكر 

قتل مقترن بجناية

فمن الناحية القانونية، قال الأستاذ علي صبري عسكر، أن هذه الواقعة حسب اعترافات المتهمين، لا تعد قتل عمد، ولكنها جريمة أدت إلى القتل، بجانب اقتران جنايه أخرى لها وهي الخطف.

وتابع الإستشاري القانوني علي صبري عسكر في تصريحات خاصة "للفجر"، والجناية في هذه الواقعة هي إعطاء المجني عليه مواد ضارة أودت إلى وفاته بالإضافة إلى الإصرار والترصد لخطفه، وإخفاء جثته، فهذا تجهيز واضح للجريمة، واستدرجوا المجني عليه لإقامة الجريمة.

واختتم عسكر، ستكون الجريمة هنا السجن المؤبد للطبيب المتهم ومعاونيه، وحسب تقدير القاضي الإضافة في الحكم أو التقليل.

الإستشاري النفسي الدكتور وليد هندي 


الانحرافات الشخصية والنفسية لا تعرف مهنة

"ونفسً وما سواها فألهمها فجورها وتقواها" بهذه الآية الكريمة افتتح الدكتور وليد هندي حديثه، اي أن التقوى والفجور موجودين داخل النفس البشرية ولكن يظهرهم أنماط التنشئة الإجتماعية والجزء الوراثي، حيث ثبت أن الإنسان يورث من جيل إلى جيل.

وتابع إستشاري الصحة النفسية الدكتور وليد هندي، في تصريحات خاصة "للفجر"، كثيرًا من الأشخاص السيكوباتية تعيش وسطنا، وهو مجرم اجتماعي ويحتل مكانه مرموقة وحديثه رائع حسن الكلمات والمظهر، ولكنها مجرم لأنه داهس للأعراف ومستغل للإنسانية ومدنس للحرمات ومخترق منظومة القيم ومتلف حول القوانين، وحقود وحاسد وفاسد ومتهور ونرجسي، ومهما كان لديه ليس لديه قناعة كافية.

وأكمل هندي، أن هذا الشخص لا يستطيع أن يأجل اي لذه عاجلة في سبيل تحقيق منفعة أجلة، ولايسطيع أن يكبد جماح نزواته ورغباته حتى لو تطلب الأمر عليه ارتكاب جريمة معينة، فهو شخص مخادع يظهر ما لا يبطن، وحب الذات رقم واحد لديه.

وتابع الدكتور هندي، اعتقد أن هذه هي شخصية المتهم فهو كان لديه استعداد على التحالف مع الشيطان وليس فقط المحامية في سبيل تحقيق أهدافه وأطماعه، فهذا ناقوس خطر لأنه يجب أن نحذر من كل من حولنا.

واختتم الدكتور وليد هندي، وجود الشخص السيكوباتي في حياة أي شخص منا هي مفسدة وشرً لو تعلمون عظيم.

الإستشارية الاجتماعية الدكتورة هالة منصور 

العنف الغير مبرر

وقالت الدكتورة هالة منصور، أن هذه حالة من حالات العنف الغير مبرر المنتشر نتيجة لأسباب عنف عالمي من حوادث وحروب أو عنف ممنهج من خلال المسلسلات وضغوط وجشع بعض الشخصيات ورغبتها في الحصول على المال في وقت سريع، أو مشاكل نفسية واجتماعية.

وتابعت الاستشارية الاجتماعية الدكتورة هالة منصور، في تصريحات خاصة "للفجر"، أن هذه الواقعة لا يمكن أن نعتبرها ظاهرة ولكن المرعب بها هو اقتران المهنة بالعنف، فمهمة الطب من المفترض أم تكون إنسانية ومن لديهم مستوى أخلاقي واجتماعي متميز، ولديهم ضمير مهني ضد العنف.

واختتمت الدكتورة هالة، أن دوافع هذه الجريمة بعيدة كثيرًا مما طرح من دوافع، وان هناك أسباب قد تكون خفيه حتى الآن، لأن طريقة ارتكاب والتخطيط للجريمة والتخلص من الجثة تضع علامات استفهام كثيرة حول القضية، ستكشفها التحقيقات الجارية.

الإستشاري النفسي الدكتور جمال فرويز 

شخصية سيكوباتي

قال الدكتور جمال فرويز، أن مرتكب هذه الجريمة بهذا الشكل هو أحد الأشخاص إما شخص لديه اضطراب شديد في الشخصية، ويسمى اضطراب الشخصية السيكوباتيه المضادة للمجتمع وهي تتميز أنها شخصية سلبية ولها طبع اللامبالاة ولا يمتلك أي مشاعر ولا يفرق مع أن كان ضحيته صديقه أو زميل له أو أخيه.

وتابع الإستشاري النفسي الدكتور جمال فرويز، في تصريحات خاصة "للفجر"، أنه يقوم بعمل أي تصرف دون الاهتمام بنتيجته، ولكن كل غرضه الوحيد هو الحصول على المال، ومن الممكن أن يظهر هذا الشخص بشكل مهذب ولائق ومحترم، وفي وقت أخر يظهر بشكل بشع وغير لائق تمامًا…

د. محمد السعيد

 

دم المسلم حرام وماله حرام وعرضه حرام
قال الدكتور محمد السعيد، القصة تجسد لوناً صارخاً من ألوان الخيانة و تجاهل حق الصداقة، ثم تصل الخيانة إلى قتل نفس بريئة، فمن المعلوم أن الإسلام قد حافظ على الكليات الخمس الضرورية، وهي: حفظ الدين والنفس والنسل، والعقل والمال، ووضع الحدود والقيود التي تحافظ على هذه الضروريات الخمسة.

وتابع الإستشاري الديني الدكتور محمد السعيد، في تصريح خاص"للفجر"، ففي سبيل حفظ الدين تزهق الأنفس المسلمة في الجهاد في سبيل الله؛ لأن حفظ الدين مقدَّم على حفظ النفس والنسل والعقل والمال، ولأجل الحفاظ على النفس حرم قتل النفس المسلمة بغير حق، وأمر بالقصاص في القتل فقال تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).

وأكمل السعيد، قد روى عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  قال: لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله إلا بإحدى ثلاث؛ الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة، متفق عليه، فدم المسلم حرام وماله حرام وعرضه حرام، وقد صان الإسلام الدماء والأموال والفروج، ولا يجوز استحلالها إلا فيما أحله الله فيه، وأباحه، وقتل المسلم بغير حق من كبائر الذنوب، والقاتل معرَّض للوعيد، وقد نهى الله -سبحانه وتعالى- عن قتل النفس بغير حق؛ فقال -تعالى-:   (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ).

واستطرد الدكتور محمد السعيد، حفاظًا على النفس المسلمة البريئة من إزهاقها وقتلها بغير حق؛ نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الإشارة إلى مسلم بسلاح، ولو كان مزاحًا؛ سدًّا للذريعة، وحسمًا لمادة الشر التي قد تُفْضِي إلى القتل؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح؛ فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار"(متفق عليه).

واختتم الدكتور محمد السعيد، فإذا كان مجرد الإشارة إلى مسلم بالسلاح نهى عنه رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، وحذَّر منه ولو كان المشير بالسلاح مازحًا، ولو كان يمازح أخاه من أبيه وأمه؛ لأنه قد يقع المحظور، ولات حين مندم؛
فكيف بمن يقتل نفسا بريئة ، ويخون الصديق، و يلهث واء المال الحرام ، ويستهدف أرواح الأبرياء، فيقتل مسلما بغير حق؛ فيا لها من جريمة نكراء!، ويا لها من بشاعة تقشعر منها الأبدان!.