هبة عبد العزيز تكتب: ثورة ٢٣ يوليو ستبقى في ذاكرة الطبقات العريضة من الشعب المصري

مقالات الرأي

بوابة الفجر

ان الثورة ليست عمل فرد، وإلا كانت انفعالًا شخصيًا يائسًا ضد مجتمع بأكمله، والثورة ليست عمل فئة واحدة.. فئة واحدة يعنى حزب أو عصابة.. وإلا كانت تصادما مع الأغلبية؛ وإنما قيمة الثورة الحقيقية بمدى شعبيتها، وبمدى ما تعبر به عن الجماهير الواسعة، هذا ما جاء فى الميثاق عن الثورة. فى مصر مثلًا إيه اللى حدث؟ قامت طليعة، ولكن قيمة هذه الطليعة فى تعبيرها عن إرادة وأمانى المجموع، عمل طويل سنة بعد سنة، وشهر بعد شهر، ويوم بعد يوم، الإنجازات والعمل، والمعارك والانتصارات والتجارب ملء الدنيا.

هذا ما قاله الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في المؤتمر الشعبى بالإسكندرية في ذكرى ثورة ٢٣ يوليو الخالدة..

ودعونا نتفق فى البداية على هذه الحقيقة، وهى أننى لا أكتب تلك الكلمات للدفاع عن «عبدالناصر» الإنسان والقائد أو تجربته الثورية، فكل إنسان بتجربته، له ما له وعليه ما عليه، كما أننى لا أرمى كذلك للرد على الأصوات التى تحيل كل مشكلات مصر الحالية إلى السياسات الداخلية أو الخارجية، التى اتبعها «ناصر».

لكن ربما كان هدفى الأساسى هنا هو التذكير، إيمانًا بقول المولى عزّ وجلّ «وذكِّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين»، ومن ثم الإشارة إلى أهمية الوعى بتعظيم مكاسب الماضى، وفى الوقت نفسه دراسة أخطائه، حتى نتجنّبها ولا نُكررها فى الحاضر والمستقبل، حيث ألاحظ دائمًا أن علينا ذلك، لكننا لا نفعله، فقد اعتدنا تجنب الموضوعيّة فى مناقشة الأمور بصفة عامة، وبصفة خاصة تجدنا فى تلك الذكرى تحديدًا منقسمين إلى فريقين: أحدهما يدافع عن رأيه القائل إن تجربة «عبدالناصر» لم تكن إلا تجربة سجون ومعتقلات وطمس للوعى وإهدار لإنسانية الإنسان، والآخر يرى أن تلك التجربة كانت نموذجًا فى الطريق الأمثل للتحرر والتقدم والوحدة القومية، سواء فى العالم العربى أو فى بلدان العالم الثالث، وكلا الرأيين -على تناقضهما- ينتهيان إلى نتيجة واحدة، وهى طمس الوعى الصحيح وإشاعة التصورات الزائفة، فى حين أن تلك تجربة ربما يجدر بى أن أصفها بأنها كانت «غنية فى إيجابياتها وسلبياتها».

إن إختلاف الرؤى حول تسيير سفينة الوطن نحو الإستقرار وقطف الثمار، وترتيب الأولويات نحو المستهدف تحقيقه من أهداف،  لا يبعث على أى خيانة للوطن، ولكنه إن نم على شىء فإنما  ينم على حيوية المجتمع وتطوره، ما دام المختلفون مجتمعون فى خندق الوطنية المصرية، والزود عن الوطن فى وجه المخطط الذى تواجهه الدولة فى الداخل والخارج، وهذا لا يعنى تشريع لعنف ولا تخريب.