اختيار شعب وقرار زعيم في ذكرى تأميم قناة السويس..

جمال عبد الناصر.. الزعيم الذي هزم الاستعمار وأمم قناة السويس

أخبار مصر

جمال عبد الناصر
جمال عبد الناصر

كان الزعيم الراحل جمال عبد الناصر قد اتخذ قراره التاريخى بتأميم قناة السويس ظهيرة يوم السبت الموافق 21 يوليو عام 1965  ثالث أيام عيد الأضحى المبارك وقتها، ثم أعلنه للجماهير فى يوم 26 يوليو في ذلك اليوم من العام 1956 كان الرئيس المصري جمال عبدالناصر يحتفل مع المصريين بالذكرى الرابعة لثورة يوليو. 

وفي خطابه بمناسبة تلك الذكرى، توقف قليلا بعد أن سرد مؤامرات الاستعمار ومحاولاته لمص دماء الشعوب ونهب مقدراتها، ثم فاجأ العالم كله والمصريين خاصة بقراره التاريخي.

وكان إعلان التأميم قرره جمال عبد الناصر من ميدان المنشية بالإسكندرية وكان هذا الإعلان سببًا فى العدوان الثلاثى على مصر.

وقرار التأميم جاء بعد أن رفض البنك الدولي تمويل بناء السد العالي، وتسبب هذا القرار في العدوان الثلاثي على مصر في العام ذاته تأميم قناة السويس، يعتبر  القرار الذي أحدث ضجة ودويا هائلا في العالم كله، وكان علامة فارقة ومفصلية في تاريخ مصر الحديث.

بدأت أعمال حفر قناة السويس في عام 1856 بإشراف فرنسي، بالاستعانة بعمال مصريين، بلغ عددهم أكثر من مليون عامل وبطريقة السخرة، وسط ظروف صعبة، ما أدى لوفاة أكثر من 100 ألف عامل انتهت أعمال القناة في عام 1869.

وسرد الدكتور عبد الواحد النبوي في كتاب "يوميات تأميم شركة قناة السويس" إن التاريخ لم يشهد أن دخلت مصر معركة سياسية واقتصادية وعسكرية ضد عدد من الدول الكبرى فى وقت واحد وخرجت منها منتصرة إلا تلك المعركة، حيث كان الإقدام على هذه المعركة يعتبر شيئًا من الجنون لأنه يسقط أقوى الإمبراطوريات، فقد كان هناك تحد ومخاطرة كبيرة فى هذا القرار.

الشعوب العربية التى لم تتخلف عن تأييد مصر ودعمها دعمًا كاملًا فخرجت إلى الشوارع فرحة بخطوة التأميم وخرجت الصحف فى العواصم العربية تحمل العناوين التى تؤيد تلك الخطوة وكرهًا للقوى الاستعمارية وأيضًا من الدول العربية ما أعلن فى الظاهر التأييد وأضمر معاونة بريطانيا مثل ليبيا وعلى ذلك كان هناك وجه الصحافة فى الصحف البريطانية الصادرة منذ اليوم التالى للإعلان بقرار التأميم حيث كانت أكثر عنصرية وهجومًا على مصر وشبهت رئيسها عبدالناصر بهتلر وعدّدت خسائر بريطانيا من التأميم والأغراض التى يهدف عبدالناصر تحقيقها من وراء هذه الخطوة واستمر الهجوم على مصر بالعناوين المثيرة.

الرجل الذي نفذ قرار عبد الناصر بالتأميم في التو واللحظة هو المهندس محمود يونس الضابط السابق في الجيش المصري، وأحد الضباط الأحرار وكان القدر يخبئ ليونس أهم مهمة في حياته، ومن الأهم في تاريخ مصر، وهي مهمة التأميم. وكانت الخطة أن ينطق الرئيس عبد الناصر كلمة ديليسبس. 

وكان له دور وطني كبير قبل التحاقه بالجيش المصري، فقد كان أحد المناضلين ضد الاحتلال الإنجليزي، كما كان ضمن أول دفعة مهندسين مصريين في الجيش المصري. وفي العام 1943 عمل في إدارة العمليات الحربية بالجيش برفقة أنور السادات، وفي حرب 1948 تعرف على جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر.

 وسارع يونس فور سماع كلمة "ديليسبس" في خطاب عبد الناصر مع 3 مجموعات من الضباط بتنفيذ القرار بالفعل وبعدها تتحرك ثلاث مجموعات الأولى والرئيسية في الإسماعيلية، والثانية في السويس، والثالثة في بورسعيد وكان يونس هو رئيس المجموعة الرئيسية.

تم تقسيم عناصر التأميم إلى ثلاث مجموعات تنفيذية أما المجموعة الأولى فستتولى أمر الإدارة الرئيسية للقناة بالإسماعيلية كان على رأسها المهندس محمود يونس وضمت كل من عزت عادل وعبد الحميد أبو بكر وسعيد الرفاعي وفؤاد الطودي ومشهور أحمد مشهور وإبراهيم زكي ونبيه يونس وحسن إسماعيل ومحمد حسان وأحمد فؤاد عيد الحميد وقاسم سلطان ومصطفى نيازي وعبدالله شديد.

فيما اتجهت المجموعة الثانية إلى محافظة بورسعيد وكان على رأسها توفيق الديب وضمت كل من شوقي خلاف ويوسف محمد يوسف وحسني مسعود وحسن جلال حمدي وعصام العسلي وعبد السلام بهلول وعبد الحميد بهجت.

واتجهت المجموعة الأخيرة إلى السويس وكان على رأسها الشافعي عبد الهادي وضمت محمد الزفتاوي وجلال ثابت وحسام هاشم وعمرعزت وعباس أبو العز وسيد خليفة ومحمد بهجت، وذلك بخلاف المجموعة التي تركت في القاهرة لتأميم مكتب الشركة في القاهرة ومحطات الإرشاد المنتشرة على طول القناة وعددها 11 محطة تولى تأميمها سلاح الإشارة بالقوات المسلحة.

وفي الساعة الثامنة والنصف مساءً كان الجميع على أهبة الاستعداد يستمعون بإنصات إلى خطاب الرئيس عبد الناصر وينتظرون كلمة السر "ديليسبس" للتحرك إلى مواقعهم وهى الكلمة التي تكررت في خطاب الرئيس الراحل سبع عشرة مرة خوفًا من أن تفلت كلمة السر من أسماع فريق عملية التأميم.

 وقبل الساعة العاشرة والربع مساءً كانت جميع المقار الرئيسية للهيئة تحت سيطرة فريق التـأميم الذي أعطى "التمام" إلى المهندس محمود يونس عبر هواتف الشركة الداخلية إيذانًا بنجاح عملية تأميم القناة

تحرك يونس بمجموعته إلى مبنى شركة قناة السويس واستدعى المسؤولين وأبلغهم القرار وبعد الصدمة والانهيار طلبوا منه تأمين حياتهم، فقام بذلك، ولولاه لكانت الدماء ستسيل أنهارا بين وحدات الجيش المصري في الإسماعيلية وبين المسؤولين عن القناة وطاقم حراستهم.

وتحركت عناصر التأميم في مجموعات كل مجموعة تتكون من خمسة أو ستة أفراد على رأسهم قائد من العسكريين يحمل مجموعة من الخطابات التي تحمل كل منها اسم الجهة التي سيقصدها وبكل منها التعليمات المطلوب تنفيذها.