حمام واحد لكل 2 مليون مواطن بعروس البحر

"زنقة الستات".. اختفاء الحمامات العمومية من شوارع الإسكندرية.. سيدة تبولت على ملابسها.. وأخرى تغير "الكافولة" لابنتها على الرصيف

تقارير وحوارات

حمام عمومي
حمام عمومي

رائحة كريهة وبقع قاتمة اللون على الأرض، قد تصاب باختناق إذا ما مررت من أسفل أي كوبري من كباري مدينة الإسكندرية، ولا سيما إن وطأت قدماك الموقف الجديد، بمحرم بك، في الإسكندرية، لاستقلال سيارة أجرة للأقاليم المجاورة للمحافظة، فتشعر وكأنك دخلت دورة مياه مفتوحة.

الإسكندرية عروس البحر المتوسط، وأكثر المدن ازدحاما صيفا، حيث أنها القبلة السياحية المصيفية الأولى في مصر، إذا ما مشيت في شوارعها ليوم كامل قد لا تجد دورة مياه عمومية واحدة، تقضي فيها حاجتك إذا ماكنت من الزوار أو حتى أحد ساكنيها إذا ما سلكت طريقك يوما من العامرية على سبيل المثال إلى المنشية لقضاء حوائج أسرتك فلا يوجد بالمدينة السياحية الكبرى أي دورة مياه عمومية.

مشهد وقوف أحد المارة، في زاوية من زاويات الطريق، يقضي حاجته ويعطي ظهره للشارع بات مسيطرا على الطرقات، خاصة مع قدوم فصل الصيف، وتوافد آلاف المصيفين إلى المدينة.

النساء والرجال متساوون في الحاجة لدورة المياه

قد يكون الأمر سهلا، إذا ما كنت رجلا، فهناك مئات المقاهي، من الممكن أن تقضي فيها حاجتك ـ التبول فقط ـ، أما إذا كنت في صحبة نساء وأطفال، فالأمر سيشكل كابوسا خاصة في المشاوير اليومية التي تستهلك ساعات طويلة من اليوم، وتحتاج النساء فيها الدخول للخلاء وقضاء الحاجة.

بالأرقام والإحصائيات

مدينة الإسكندرية، والتي يبلغ تعداد سكانها، 6 ملايين نسمة، حسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، ويزورها في العطلات والصيف ما يزيد عن 2 مليون مواطن يوميا، يوجد بها 4 حمامات عمومية فقط، إذ أن كل 2 مليون مواطن يتشاركون في دورة مياة واحدة.

دورات مياه مغلقة

تقول هدى جاد إحدى المتطوعات في مبادرة الإسكندرية أجمل، إن عدد من الحمامات العمومية تم إغلاقها منها خلف مطعم شعبان الشهير، ودورة مياه سينما ركس منذ 3 سنوات، وأخرى دورة مياه شارع هارون أغلقتها جميعا محافظة الإسكندرية بأقفال تحت مسمى التطوير، ودورات المياه العمومية الموجودة في المنشية أمام سينما ركس وبحري أمام ميدان العدوي وأمام كوم الناضورة ومحطة مصر في العطارين تعاني الإهمال الشديد، وغير صالحة للتعامل الآدمي معها.

وتضيف "جاد" خلال حديثها لـ "الفجر" أن خط ترام الرمل نحو 32 كيلومتر من محطة الرمل لفيكتوريا لا يوجد به سوى دورتين للمياه الأولى بمحطة الرمل والثانية بمحطة فيكتوريا، وتم إغلاقهما، بعد أن أغلقت الدورات أمام محطة سان ستيفانو، وشارع الإسكندر الأكبر وعمر لطفي من الجانبين لا يوجد بهما سوى دورة مياه واحدة أُغلقت، أما التي كانت موجودة أمام محطة ترام سيدى جابر فقد تم هدمها.

خطورة انحباس البول

في هذه الأجواء الصعبة، وظروف عدم وجود دورات مياه، تلجأ العديد من السيدات والأطفال أيضا إلى حبس البول والبراز وعدم قضاء الحاجة لوقت طويل، مما يشكل خطورة على الصحة، وأيضا هناك أسطورة شعبية واهية علميا، أن الرجال هم الأكثر حاجة لدورات المياه من النساء، الأمر الذي كذبه الدكتور حازم صلاح طبيب أمراض النساء والتوليد.

يقول "صلاح"، إن احتياج الجنسين الذكور والإناث لقضاء الحاجة، متساوٍ، فلا يوجد نوع يحتاج للتبول أكثر من الآخر، إلا في بعض حالات، ووجود بعض العوامل المؤثرة منها السيدات الحوامل، والتي تحتاج لدخول الحمام كل نصف ساعة أو ساعة تقريبا، والأطفال الصغار أيضا لإن مثانة الطفل، سعتها محدودة على تخزين البول.

ويتابع "صلاح" بصفتي طبيب نسا وتوليد، فإن معظم السيدات يشكين من عدم وجود دورات مياه في الشوارع، وتكون نظيفة، فحتى السيدات غير الحوامل، يحتاجن المرحاض بصفة مستمرة، خاصة في وقت الرضاعة، ومثلا تغيير الحفاضات للأطفال الرضع، قد يكون كل ساعتين لأربع ساعات، ففي حال ذهبت سيدة إلى أي وجهة لمدة تزيد عن 3 ساعات فهي في ورطة.

مرضى يعانون من إدرار البول

بينما يقول الدكتور محمود أنس، طبيب الكلى والمسالك البولية، بالإسكندرية، إن مرضى السكر، وبعض حالات ضغط الدم المرتفع، يحتاج لدخول الحمام كل ساعة تقريبا، وأيضا مريض تضخم البروستاتا   بعد سن الخمسين يزيد   احتياجه للتبول بشكل كبير جدا، والمثانة العصبية وحصوات الكلى، كلها من الأمراض التي تجعل المريض في حالة إدرار دائم للبول، ويحتاج باستمرار لتفريغ المثانة.

ويضيف "أنس" اللجوء لحبس البول والبراز طوال مدة التواجد خارج البيت، هو أمر حتمي، ويلجأ له الكثيرون، خاصة أصحاب الأمراض سالفة الذكر، وهذا فيه خطر كبير جدا عليهم، لأن هذه الفضلات بكل ما فيها من سموم خطر جدا، لأنه بمثابة تراكم فضلات إنسان داخل مرحاض، مدة زمنية طويلة، وخطر على الأطفال أيضا، لضعف العضلات المسؤولة عن عمليات الإخراج، فمن الممكن أن يقضوا حاجتهم على أنفسهم، وأيضا تصيب الكبار بالتهاب المثانة، ومجرى البول، وتكوين الحصوات، والإمساك، وتؤدي للبواسير أحيانا.

تغيير الحفاضة على الرصيف

تقول سها احمد، ناشطة نسوية، من مدينة الإسكندرية، إن السيدات في الإسكندرية يعانين من مسألة المراحيض العامة ولا يوجد مكان نظيف ولا حتى غير نظيف لاستعمال من قبل السيدات، ويلجأن لمراحين المطاعم والمقاهي وقد تتعرضن للإحراج والمنع بسبب ذلك، وقد مررت بحالة لسيدة تبلغ من العمر 35 سنة، تبولت على نفسها في الشارع بسبب أن عامل مطعم رفض دخولها دورة الحمام، الأمر أدى لأثر نفسي رهيب لها، ووصل حد تدخل الطب النفسي في هذه الحالة.

وتضيف "سها"، أنا شخصيا في مرة من المرات اضطرت لتغيير الحفاضة لنجلتي في الشارع، جلست بجوار سيارة، وقمت بتغيير الحفاضة لابنتي وتنظيفها، بزجاجة مياه الشرب التي كانت بحوزتي لإني لم أجد مكان أقوم فيه بذلك، الأمر محزن جدا، كيف يتصرف السياح والمصطافون خاصة رحلات اليوم الواحد التي تأتي للإسكندرية، ويقضون ما يزيد عن 18 ساعة في الشارع.

المحافظة تبحث الإنشاء

هذا وأكد مصدر رفض ذكر اسمه، بمحافظة الإسكندرية، إن المحافظة طرحت إيجار دورات مياه عمومية، ولم يتقدم لها أحد، وإيجار دورات المياه الأربع الموجودة في الخدمة، لا يكفي القيمة الشهرية، وهناك خطة لتطويرها، وما يتعلق بمحطات الترام والقطار، فهذا الأمر تابع لوزارة النقل.

وحسب المادة 278 من قانون العقوبات فإن "كل من فعل علانية فعلا فاضحا مخلا بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن 3 آلاف جنيه، ولا تزيد على 5 آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين".