بطريرك الأقباط الكاثوليك يشارك في القداس الختامي للجمعية العامة العادية السادسة عشرة لسينودس الأساقفة

أقباط وكنائس

جانب من اللقاء
جانب من اللقاء

 

شارك غبطة أبينا البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق، بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك، ورئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك بمصر، في القداس الختامي للجمعية العامة العادية السادسة عشرة لسينودس الأساقفة، التي ترأسها قداسة البابا فرنسيس، ببازيليك القديس بطرس، بالفاتيكان.

شارك أيضًا أصحاب الغبطة، بطاركة الشرق الكاثوليك، وعدد من الآباء الكردالة، والبطاركة، والمطارنة والأساقفة، والكهنة، والرهبان والراهبات، والمؤمنين.

وللمناسبة ألقى الاب الأقدس عظة قال فيها بحجة جاء أحد معلمي الشريعة إلى يسوع، فقط لِيُحرِجَهُ. لكن سؤاله مهم وآنيٌّ على الدوام، ويشق طريقه أحيانًا إلى قلوبنا وإلى حياة الكنيسة: "ما هي الوصية الكُبرى؟". نحن أيضًا، المنغمسون في نهر التقليد الحي، نسأل أنفسنا: ما هو الشيء الأكثر أهمية؟ ما هو المحور المُحرِّك؟ ما هو الأهم، لدرجة أن يكون المبدأ المُلهم لكل شيء؟ إنَّ جواب يسوع واضح: " أَحبِبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ بِكُلِّ قَلبِكَ وَكُلِّ نَفسِكَ وَكُلِّ ذِهنِكَ. تِلكَ هِيَ الوَصِيَّةُ الكُبرى وَالأولى. وَالثّانِيَةُ مِثلُها: أَحبِب قَريبَكَ حُبَّكَ لِنَفسِكَ".

تابع البابا فرنسيس يقول أيها الإخوة الكرادلة، الإخوة الأساقفة والكهنة، الرهبان والراهبات، الإخوة والأخوات، في ختام هذه المرحلة من المسيرة التي قطعناها، من المهم أن ننظر إلى "المبدأ والأساس" الذي منه يبدأ كل شيء: محبة الله بكل حياتنا ومحبة القريب محبتنا لأنفسنا. لا استراتيجياتنا، ولا حساباتنا البشرية، ولا موضة العالم، بل محبة الله والآخرين: هذا هو قلب كل شيء. ولكن كيف يمكننا أن نترجم اندفاع المحبة هذا؟ أقترح عليكم فعلين، حركتين للقلب أود أن أتأمل فيهما: العبادة والخدمة.

أضاف الحبر الأعظم يقول الفعل الأول العبادة. الحب هو عبادة. العبادة هي الجواب الأول الذي يمكننا أن نقدمه لمحبة الله المجانية والمدهشة. إن دهشة العبادة هي أمر أساسي في الكنيسة. فالعبادة، في الواقع، تعني الاعتراف بالإيمان بأن الله وحده هو الرب وأن حياتنا، ومسيرة الكنيسة، ومصير التاريخ يعتمدون على حنان محبته. إنه معنى الحياة.

تابع الأب الأقدس يقول نعم، من خلال عبادته نحن نكتشف مجدّدًا أننا أحرارًا. لهذا السبب، غالبًا ما ترتبط محبة الرب في الكتاب المقدس بمحاربة جميع أشكال عبادة الأوثان. إنَّ الذي يعبد الله يرفض الأصنام، لأنه فيما أن الله يحرر، الأصنام تستعبد. هي تخدعنا ولا تحقق أبدًا ما تعد به، لأنها "صنع أيدي البشر". إن الكتاب المقدس صارم ضد عبادة الأوثان لأن الأصنام هي عمل الإنسان وهو يتلاعب بها، في حين أن الله هو الحي على الدوام، "الذي لم يُخلق كما أعتقد، والذي لا يعتمد على ما أتوقعه منه، والذي يمكنه بالتالي أن يقلب توقعاتي، لأنه حي. والدليل على أننا لا نملك دائمًا الفكرة الصحيحة عن الله هو أننا أحيانًا نشعر بخيبة أمل: كنتُ أتوقّع ذلك، كنت أتخيّل أن الله سيتصرف بهذه الطريقة، ولكنني كنت مخطئًا. وبهذه الطريقة نسير مجدّدًا درب عبادة الأوثان، ونريد من الرب أن يتصرف حسب الصورة التي رسمناها له". إنها مخاطرة يمكننا دائمًا أن نخوضها: أن نفكّر بأننا "نسيطر على الله"، ونحبس محبته في مخططاتنا. ولكن تصرّفه هو على الدوام غيرُ متوقَّع، وبالتالي يتطلب الدهشة والعبادة.

أضاف البابا يقول علينا دائمًا أن نحارب ضدَّ عبادة الأصنام؛ تلك الدنيوية، والتي غالبًا ما تنبع من المجد الشخصي، مثل الرغبة في النجاح، وتأكيد الذات بأي ثمن، والجشع من أجل المال، وسحر الوصولية؛ وإنما أيضًا عبادات الأصنام تلك المتخفية في صورة روحانية: أفكاري الدينية، ومهارتي الرعوية... لنسهر لكي لا ينتهي بنا الأمر في أن نضع أنفسنا في المحور بدلًا من الله، ولنعد إلى العبادة. ليكن هذا الأمر محوريًا بالنسبة لنا نحن الرعاة: لنخصص وقتًا يوميًا لعلاقة حميمة مع يسوع الراعي الصالح أمام بيت القربان. لتكن الكنيسة كنيسة تعبد، ولنعبد الرب في كل أبرشية، في كل رعية، في كل جماعة! لأنه بهذه الطريقة فقط سنتوجّه إلى يسوع، وليس إلى أنفسنا؛ لأنه فقط من خلال الصمت المُصلّي ستسكن كلمة الله في كلماتنا؛ لأننا فقط أمامه سنتطهر ونتحوّل ونتجدد بنار روحه. أيها الإخوة والأخوات، لنعبد الرب يسوع!

تابع الحبر الأعظم يقول الفعل الثاني هو الخدمة. الحب هو أن تخدم. في الوصية الكبرى، يربط المسيح الله والقريب، لكي لا ينفصلا أبدًا. لا توجد خبرة دينية حقيقية تصم آذانها عن صرخة العالم. لا توجد محبة لله دون مشاركة في العناية بالقريب، وإلا فهناك خطر الفريسية. ربما لدينا بالفعل الكثير من الأفكار الجميلة لإصلاح الكنيسة، لكن لنتذكر: عبادة الله ومحبة الإخوة بمحبته، هذا هو الإصلاح العظيم والدائم. أن نكون كنيسة تعبد وكنيسة تخدم، تغسل أقدام البشرية الجريحة، وترافق مسيرة الضعفاء والمهمشين، وتخرج بحنان للقاء الفقراء. لقد أوصى الله بذلك كما سمعنا في القراءة الأولى.

أضاف الأب الأقدس يقول أيها الإخوة والأخوات، أفكر بالذين هم ضحايا لفظائع الحرب؛ بآلام المهاجرين، والألم الخفي للذين يجدون أنفسهم وحيدين وفي ظروف الفقر؛ وبالذين تسحقهم أعباء الحياة؛ والذين لم تعد لديهم دموع، والذين لا صوت لهم. وأفكر في عدد المرات التي يتم فيها، خلف كلمات جميلة ووعود مُقنعة، تعزيز أشكال استغلال، أو لا يتم فعل أي شيء لمنعها. إن استغلال الأشخاص الأشدَّ ضعفًا هو خطيئة جسيمة تُفسِد الأخوَّة وتدمر المجتمع. نحن، تلاميذ يسوع، ونريد أن نحمل إلى العالم خميرة أخرى، خميرة الإنجيل: الله في المقام الأول ومعه الذين يحبهم، الفقراء والضعفاء.

تابع الحبر الأعظم يقول هذه هي الكنيسة التي نحن مدعوون لأن نحلم بها: كنيسة تكون خادمة للجميع، وخادمة للأخيرين. كنيسة لا تطلب أبدًا شهادة "حسن سيرة وسلوك"، بل تقبل وتخدم وتحب. كنيسة أبوابها مفتوحة، وتكون ميناء رحمة. وكما قال القديس يوحنا الذهبي الفم: "الرجل الرحيم هو ميناء للمحتاجين: الميناء يستقبل ويحرر جميع الغرقى من الخطر؛ سواء كانوا أشرارًا أو صالحين أو أيًا كانوا الميناء يؤويهم داخل خليجه. لذلك، أنت أيضًا، عندما ترى إنسانًا على الأرض قد غرق في سفينة الفقر، لا تحكم عليه، ولا تسأل عن سلوكه، بل حرره من شقائه".

أضاف الأب الأقدس يقول أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، إن الجمعية السينودسيّة تقترب من نهايتها. في "محادثة الروح" هذه، تمكنا من أن نختبر حضور الرب الحنون وأن نكتشف جمال الأخوَّة. لقد أصغينا لبعضنا البعض، وبشكل خاص، في التنوع الغني لقصصنا وحساسياتنا، وضعنا أنفسنا في إصغاء للروح القدس. اليوم، لا نرى الثمرة الكاملة لهذه العمليّة، ولكن يمكننا أن ننظر ببصيرة إلى الأفق الذي ينفتح أمامنا: إنَّ الرب سيرشدنا وسيساعدنا لنكون كنيسة أكثر سينودسية وإرسالية، تعبد الله وتخدم نساء ورجال زمننا، وتخرج لكي تحمل للجميع فرح الإنجيل المعزّي.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول أيها الأخوات والإخوة: أشكركم على كل ما فعلتموه في السينودس وعلى ما تواصلون القيام به! أشكركم على المسيرة التي قمنا بها معًا وعلى الإصغاء والحوار. وإذ أشكركم، أود أن أتمنى لنا جميعًا: أن نتمكن من أن ننمو في عبادة الله وفي خدمة القريب. ليرافقنا الرب ولنمضِ قدمًا بفرح!.