"خط الدفاع الأول".. سياسيون يكشفون دلالات مؤتمر رئيس الوزراء في سيناء

الفجر السياسي

رئيس الوزراء
رئيس الوزراء

"نظرًا لأهميتها القصوى عسكريًا وسياسيًا وإستراتيجيًا، وكونها كلمة السر بالنسبة للأمن القومي المصري نظرًا لموقعها الجغرافي والإستراتيجي"، فقد وجه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال زيارته إلى سيناء، برفقة عدد من الوزراء والمسؤولين وبعض رؤساء الأحزاب والإعلاميين والفنانين، بعدد من الرسائل إلى العالم أجمع، وعلى رأسها أن الأمن القومي لمصر خط أحمر لا يمكن المساس به، وأنه لن يُسمح بتصفية أي قضايا إقليمية على حساب الدولة المصرية.

 

زيارة رئيس الوزراء إلى سيناء

 

وفي هذا الصدد، كشف عدد من الخبراء والمحللين السياسيين دلالات مؤتمر رئيس الوزراء في سيناء وزيارته للكتيبة ١٠١ والإعلان عن تنفيذ مشروعات في سيناء خلال الـ ٥ سنوات المقبلة، وحديثه بشأن القضية الفلسطينية وحماية أمن مصر القومي.

 

الدكتورة نادية حلمي
الدكتورة نادية حلمي

 

له العديد من الدلالات


من جانبها أوضحت الدكتورة نادية حلمي، أستاذ العلوم السياسية، في تصريح خاص لـ "الفجر"، أن مؤتمر رئيس الوزراء فى سيناء، اليوم بحضور كافة الأطياف السياسية والفنانين له العديد من الدلالات والتي يمكن تحليلها في عدد من النقاط، قائلة:


أولا: لشبه جزيرة سيناء أهمية إستراتيجية عسكرية وسياسية قصوى بالنسبة للجانب الأمريكى ومعه الإسرائيلى والغرب على إدراك تام لذلك، لذا أتت زيارة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ولقاءاته بأهم الشخصيات هناك للتذكير بأهمية شبه جزيرة سيناء بإعتبارها خط الدفاع الأول عن أمن مصر داخليًا وإقليميًا، ولأهميتها القصوى عسكريًا وسياسيًا وإستراتيجيًا بالنسبة لإسرائيل التى تحاول الضغط للحصول عليها بأى شكل، وهو ما أرخه وأثاره وزير الدفاع الإسرائيلى الأسبق الراحل "موشيه ديان" بحديثه تحديدًا عن (قاعدة شرم الشيخ البحرية)، وهى تلك القاعدة التى أنشأتها إسرائيل فى شبه جزيرة سيناء بعد إحتلالها فى حرب إستنزاف يونيو عام ١٩٦٧، فأكد بأنها كانت دومًا أهم من السلام مع مصر، وهو ما يضع علامات إستفهام عديدة بشأن سر هذا الإصرار الأمريكى والإسرائيلى والغربى للإستحواذ على أرض سيناء، عبر طرح مشروعات توطين وتهجير سكان قطاع غزة من أراضيهم.


ثانيًا: وفقًا للتكتيك العسكرى والإستراتيجى لإسرائيل، فإن شبه الجزيرة الإستراتيجية لسيناء، لم تفارق خيال الإسرائيليين، كما تكشف وثائق بريطانية حديثة، والتى تؤكد بأن الإسرائيليين لن يجدوا العوض عن سيناء التى هى حلم يراودهم، ولم ولن ينسونه يومًا أملًا فى إعادة السيطرة عليها وإحتلالها مرة أخرى، وفي تقرير بمناسبة يوم إسترداد مصر لأرض العريش المصرية، بإعتبارها كبرى مدن سيناء، فى يوم ٢٥ مايو عام ١٩٧٩، جاء نص خطاب السفارة البريطانية فى تل أبيب دقيقًا، بأن "أهمية سيناء لإسرائيل كانت، وتظل، إستراتيجية"، كما أنه وفقًا لتقييم مراكز الفكر العبرية والأمريكية والعبرية، فإن  صحراء النقب المحتلة من قبل إسرائيل "لن تكون أبدًا بالنسبة لإسرائيل بديلًا عن أرض سيناء"، وهو ما يؤكد حقائق أسباب هذا التعنت الإسرائيلى والأمريكى فى مواجهة مصر بعد إندلاع عملية "طوفان الأقصى" من قبل حركة حماس، وأسباب وسر هذا الرفض المصرى والشعبى القاطع لدعوات تهجير الفلسطينيين على أرض سيناء.    
       


وضع خارطة طريق لمستقبل أرض سيناء

 

ثالثًا: تأتى أهمية زيارة رئيس الوزراء لأرض سيناء، إنطلاقًا من إدراك القيادة السياسية للرئيس السيسى لأهمية وضع خارطة طريق لمستقبل أرض سيناء المصرية، يشارك فى وضعها إلى جانب الحكومة، كافة شيوخ القبائل فى شبه جزيرة سيناء، بمشاركة واسعة من كافة الخبراء والمتخصصون ومجتمع رجال الأعمال والأحزاب السياسية، لذا جاء تكليف الرئيس السيسى لرئيس مجلس الوزراء، بضرورة عقد هذا اللقاء الهام والحساس مع بدو ومشايخ وقبائل سيناء، لمناقشة أوضاعهم ومستقبل الدولة المصرية، بإعتبارهم أكبر داعم ونصير لها فى ظل الأزمات والظروف الإقليمية الراهنة، من أجل الخروج بخارطة طريق واضحة يشارك فيها أهل وأبناء سيناء خلال الفترة القادمة.


ونوهت الخبيرة في الشأن السياسي،إلى أن هذه الخارطة السياسية والإقتصادية والأمنية والتنموية والإستراتيجية لشبه جزيرة سيناء، تشمل جزأين، هما: التعافى من الأزمة الإقليمية الراهنة والمساعدة فى العمل كحائط صد الزود والدفاع عن الأراضى المصرية ووحدة أراضيها، والثانى صياغة حلول لبعض المشاكل المزمنة لدى بدو ومشايخ وقبائل سيناء، بما يتطلبه من التحرك على المديين المتوسط وطويل الأجل لحل جميع مشاكلهم العالقة بعد الإستماع والإنصات لهم جيدًا من قبل الدولة المصرية مع الوضع فى الإعتبار، أهمية موقع سيناء كأهم وأخطر مدخل لمصر على الإطلاق، والتى يعدونها فى مراكز الفكر والأبحاث فى الخارج، بمثابة مدخل لقارة بأكملها، مع إدراك الجميع والمجتمع الدولى بأسره والقيادة السياسية فى مصر، لكافة حقائق الإستراتيجية المصرية الصحيحة، والتى كان أولها أن سيناء تعد هى خط الدفاع الأخير عن مصر، لأن من يسيطر عليها يهدد أمن مصر بشكل مباشر، لما لها من أهمية خاصة فى خريطة التوازنات الدولية والإقليمية، كنقطة ربط وتلاقى قارتى آسيا وإفريقيا.  

 

الأهمية الإستراتيجية والعسكرية لسيناء لعمق الأمن القومي 


رابعًا: كما تأتى الأهمية التى تولى القيادة السياسية والدولة المصرية لسيناء كبيرة، بالنظر لأهميتها الإستراتيجية والعسكرية لعمق الأمن القومى لمصر والإقليمى، بالنظر لتشابك حدودها مع الدولة الفلسطينية المحتلة، والتى خضنا معارك عديدة دفاعًا عنها فى حروب عديدة إنتهت بطرد العدو الصهيونى منها بعد توقيع الرئيس الراحل "أنور السادات" لإتفاقية "كامب ديفيد" سنة ١٩٧٩، وهنا جاء حرص الدولة المصرية وفق الإمكانات المتاحة على إحداث تنمية ونهضة شاملة على أرض سيناء، وتحديدًا من خلال عدة مشروعات تنموية جديدة، تمثلت فى: نفق الشهيد أحمد حمدى، وكوبرى السلام، وكوبرى الفردان، والتى حاولت من خلالها الدولة المصرية ربط سيناء ببعضها البعض، حيث هدفت هذه المشروعات التى قامت بها مصر لزيادة الربط بين شبه جزيرة سيناء، وباقي مناطق البلاد، من خلال تلك الأنفاق الثلاثة التى أنشأتها الحكومة، بالإضافة إلى نقاط الربط الثلاث التي كانت تربط سيناء ببقية البلاد وهى كما أشرنا (كوبري السلام، كوبرى الفردان، نفق الشهيد أحمد حمدى).


وتابعت: فضلًا عن إهتمام الدولة والقيادة السياسية بمشروعات إستصلاح الأراضى لتصلح للزراعة والحياة ولإحداث تنمية بها، حتى وإن واجه أهل سيناء العديد من الصعوبات والتحديات، بالنظر لإنتشار البؤر الإرهابية على إمتداد الصحراء الشاسعة فى قلب سيناء نظرًا لتشابك وتداخل حدودها مع الكيان الصهيونى، وما يسببه ذلك من مشاكل وأزمات تطال أهل سيناء، ورغم ذلك إلا أن الدولة حريصة على محاولات تنفيذ بعض الخدمات بسيناء رغم ما تواجهه من صعوبات متمثلة فى انتشار العديد من التنظيمات والحركات الإرهابية المتطرفة، والتى تسعى لإحداث الفوضى والتخريب، وقتل جنودنا البواسل على أرض سيناء.  

 

تنمية شبه جزيرة سيناء


واستطردت الباحثة في الشئون السياسية، قائلة: ونلاحظ الإهتمام الكبير من الرئيس عبدالفتاح السيسى، بتنمية شبه جزيرة سيناء، وحرص الرئيس على إطلاق مشروع قومى يهدف لتنميتها على كافة الأصعدة منذ عام ٢٠١٤، كما جاء حرص الرئيس على تنفيذ عدة محاور لتنمية شمال سيناء تضمنت المحاور الأمنية والعسكرية لتطهير المحافظة من الإرهاب عبر عمليات وجهود أبناء القوات المسلحة، ومن خلال المحور الإقتصادى المتمثل فى (إنشاء المدن الجديدة، تنفيذ مشروعات تنموية متنوعة)، أما المحور الإجتماعى فقد تمثل فى إطلاق عدد من المشروعات الخدمية وبرامج التنمية المجتمعية لدعم وتنمية أهل سيناء، لذا جاء إهتمام الدولة وقيادتها السياسية بتنفيذ عدد كبير من سلاسل المشاريع التنموية والإستراتيجية، متمثلًا فى توسيع طرق قديمة وإنشاء طرق جديدة كطريق شرم الشيخ الجديد وطريق طابا، والتوسع وتنمية عدد من المدن والمجتمعات العمرانية الجديدة كإمتداد لشبه جزيرة سيناء، كمدينة الإسماعيلية الجديدة وبورسعيد الجديدة ورفح الجديدة وبئر العبد الجديدة.

 

سيناء أحد عناصر قوة الدولة المصرية


وأشارت إلى أن مصر تمتلك كنزًا إستراتيجيًا فريدًا فى سيناء، وهو ما يعد أحد أهم عناصر قوة الدولة المصرية على الإطلاق، وهو ما كلل جهود الدولة المصرية بالنجاح فى تنفيذ أكثر من ألف مشروع بشمال سيناء فى مختلف القطاعات منذ تولى الرئيس للحكم فى يونيو ٢٠١٤، خاصةً فى ظل التحديات التى واجهت شمال سيناء بصفة خاصة بعد ثورات الربيع العربى وثورة ٢٥ يناير فى مصر عام ٢٠١١، لذا كان لزامًا على الدولة المصرية التدخل فورًا للقضاء على الإرهاب، وتهيئة المحافظة لتنفيذ خطة التطوير الإستراتيجى الشامل، لإيمان القيادة السياسية بأن التنمية الشاملة والمستدامة لأرض سيناء، لهو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والإستقرار السياسى والقومى والإقليمى بالنسبة لمصر، كما خصصت ميزانية الدولة المصرية لحزمة مساعدات تنموية جديدة لسيناء تقدر بقيمة ١٢ مليار دولار لتنمية شمال سيناء.  


خامسًا: تأتى أهمية زيارة رئيس الوزراء فى هذا التوقيت الدقيق والحساس بعد إندلاع عملية "طوفان الأقصى" من قِبل حركة حماس والرد الإسرائيلى عليها بعملية "السيوف الحديدية"، وهنا نجد تلك المحاولات الأمريكية والصهيونية الخبيثة لعرض "مشروع بديل" لتهجير وتوطين أهالى غزة فى سيناء المصرية، من أجل هدف أبعد بالنسبة لإسرائيل، ألا وهو إستغلال ميناء غزة بعد طرد أهله منه وتوطينهم فى سيناء وفقًا للمخطط الدائر الذى ترفضه مصر حكومةً وقيادةً وشعبًا وإنشاء "ميناء غوريون" كممر ملاحى مائى بديل لقناة السويس وفق التخطيط الإسرائيلى الإستراتيجى بعيد المدى، وهو ما تفطن إليه الدولة المصرية وأجهزة إستخباراتها بشكل تام ودقيق.  

 
  
لقاء رئيس الوزراء بمقر الكتيبة ١٠١


واستكملت، لذا، تأتى الأهمية القصوى التى توليها الدولة لمواطنى وأهل سيناء، لأنهم يعدوا إمتدادًا لجهود الدولة المصرية فى الحفاظ على وحدة التراب الوطنى لأمن مصر القومى والإقليمي، وهو ما أكده رئيس الوزراء خلال لقائه مع مشايخ وعواقل محافظة شمال سيناء الحدودية المجاورة لقطاع غزة، بمقر الكتيبة ١٠١ فى قلب مدينة العريش لإطلاق المرحلة الثانية من مشروع تنمية المحافظة، بتأكيده على أن المصريين وأهل سيناء بالأخص مستعدون لبذل ملايين الأرواح للحفاظ على تراب سيناء ووحدة أراضيها من أى إقتطاع أو تقسيم.

 

سيناء وأمن مصر 

 

وأوضحت قائلة: وبالنظر لأن الخطر الدائم الذى تواجهه الدولة المصرية كان مصدره دومًا من هذه المنطقة، لذا تحمل هذه البقعة مكانة هامة بالنسبة لأمن مصر، لذا جاء تحذير الرئيس عدة مرات أمام المجتمع الدولى بالذات وخلال لقائه مع قادة ورؤساء دول العالم وخلال إستضافة مصر لمؤتمر السلام الدولى فى العاصمة الإدارية الجديدة، من أن استمرار العمليات العسكرية في غزة سيكون له تداعيات خطيرة على أمن مصر وسلامة وإستقرار المنطقة، ويمكن أن يخرج خارج نطاق السيطرة، وينذر بخطورة توسيع رقعة الصراع فى كافة أنحاء المنطقة بما سيثيره من فوضى وإضطراب، لذلك تحاول مصر إقناع المجتمع الدولى كله بدعم جهود الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس لصالح الجميع.

 

الدكتور طارق فهمي
الدكتور طارق فهمي

 

الدولة المصرية حاضرة


وفي السياق ذاته، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن زيارة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي إلى سيناء بعثت برسائل هامة إلى كافة الأطراف العابثة بالملف الفلسطيني، مشيرًا إلى أنه اكد أن الدولة حاضرة في حياة المواطن السيناوي، وأن هناك إجراءات تم اتخاذها وتنمية عمرانية شاملة، واهتمام بشبه جزيرة سيناء ومرحلة ثانية لمشروع العمار تأكيد على ما قامت به الحكومة تجاه سيناء.


وأضاف في تصريح خاص لـ "الفجر"، أن حديث رئيس الوزراء وجه بعد رسائل أكد فيها أن مصر لم تهمل سيناء ولكن على العكس فهي ماضية في تنميتها وإعمارها وهذه هي الرسالة الأولى.


اما الرسالة الثانية، أوضح الدكتور طارق فهمي، أن هناك قوة عابثة بالأمن القومي، وأنها تريد أن تمارس أعمال الترحيل والتمكين، مشيرًا إلى أنها مشروعات أمريكية إسرائيلية، وهذا مرفوض ويجب أن يكون هناك وقفة مباشرة في هذا الإطار.

 

حل الدولتين وإقامة القدس عاصمة فلسطين


وأشار إلى أن الرسالة الثالثة تضمنت التأكيد على أن الدولة المصرية تؤكد على فكرة حل الدولتين، وأن القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، ومِن ثَمَّ الحديث هنا عن الدولة الفلسطينية دولة يجب أن تُنشئ على جزء من الأراضي الفلسطينية.

 


رفض أعمال الترحيل


ولفت إلى أن الرسالة الرابعة أكد فيها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، على الرفض الكامل لأي مشروعات خاصة للترحيل، وأن مصر تقوم باعمال الإغاثة للأشقاء الفلسطينيين وتقديم المساعدات والمعونات لسكان القطاع دون ضغوطات من أي طرف، لكن الحركة بطيئة بسبب التعنت الإسرائيلي وليس الجانب المصري.


واختتم قائلًا: رئيس الوزراء وجه برسالة بالغة للعالم في ختام زيارة للكتية ١٠١ بأن مصر حاضرة في إدارة المشهد وفي سيناء بشكل خاص، والتأكيد على حل الدولتين وإقامة فلسطين دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.