أحمد ياسر يكتب: كيف ستنتهي الحرب بين إسرائيل وغزة؟

مقالات الرأي

أحمد ياسر
أحمد ياسر

 

إن الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر، والذي لم يسلم من أرواح المدنيين أو منشآتهم، هو أكثر من مجرد رد على الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر... إذا حكمنا من خلال حجم الرد الإسرائيلي، فإن التغيير في الواقع السياسي على وشك أن يتكشف أمامنا.


وقد تردد صدى هذا الادعاء بصوت عالٍ في العواصم الغربية، التي سارعت إلى إعلان دعمها ودعم الجهود الرامية إلى طرد حماس من غزة....اليوم، نقف أمام أزمة إنسانية مروعة، ومعركة عسكرية دامية، وأمام آفاق مشروع سياسي مختلف.

وقد تحقق إسرائيل طموحها وتقضي على الجماعة المسلحة كما نعرفها، إلا أن القضية والحقوق الفلسطينية باقية، مع وجود حماس في الصورة أو بدونها.... وسوف تظل إسرائيل في خطر، كما يتضح من حجم الهجوم الأخير الذي شنته حماس، على الرغم من سنوات الحصار والمراقبة التي تفرضها إسرائيل.

ولا بد من تقديم ثلاث ملاحظات مهمة هنا

أولًا، قد يكون نتنياهو وحماس عدوين، لكنهما حليفان في الجهود الرامية إلى إفشال مشروع السلام في المنطقة.

ثانيًا، لن يخرج أي منهما منتصرًا في هذه الحرب... فقد تخسر حماس غزة، في حين لا يخاطر نتنياهو بخسارة رئاسة الحكومة الإسرائيلية في أعقاب فشل السابع من أكتوبر، فحسب، بل قد يذهب أيضًا إلى السجن بتهم الفساد الموجهة إليه قبل الحرب.

وأخيرا، وعلى الرغم من كونها مميتة، فإن هذه الحرب سوف تبث الحياة في مشروع السلام.

كان طرد ياسر عرفات ومقاتليه من لبنان بمثابة نهاية لفتح كمنظمة عسكرية، لكن عرفات عرف كيف يلعب بأوراقه السياسية؟.

لقد تمكن من العودة إلى فلسطين كزعيم للسلطة الفلسطينية، لا أقل من ذلك، بعد اتفاقيات أوسلو...واليوم قد يعيد التاريخ نفسه، حتى في ظل أسوأ أزمة إنسانية خلال الخمسين سنة الأخيرة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وبعد أسابيع قليلة ستنتهي الحرب وتصمت الجبهات.... وبعد ذلك، سوف يحين وقت السياسة.

وبينما كانت السماء تمطر بالقنابل فوق غزة، ألقى إسماعيل هنية بنفسه قنبلة مجازية عندما أعلن عن استعداد حماس لقبول السلام في هيئة حل الدولتين.... هنية يدرك جيدًا ما يمكن أن تخبئه الحرب بعد ذلك.

حماس ليست قوية بما يكفي لصد إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة، ناهيك عن عدم وجود أي دعم من حلفائها، ويريد هنية أن تكون لحماس جبهة سياسية يمكنها أن تجني ثمار هجمات 7 أكتوبر.

ولكن يتعين عليه هو وخالد مشعل أن يتغلبا أولًا على عقبة كبيرة: ألا وهي أن زعماء حماس في غزة لا يعترفون بأي دور يلعبه أقرانهم في الخارج... حتى أنه تم تسريب أنه تم إقصاء رجال هنية ومشعل من الأدوار القيادية منذ عام 2017 عندما سيطرت القيادة العسكرية برئاسة يحيى السنوار على الحركة.

واليوم أصبحت حماس محاصرة، وهو ما قد يعني ضمان مقعد لقيادتها في الخارج على أي طاولة مفاوضات محتملة في المستقبل... ومع ذلك، حاولت الحركة من خلال هجومها الأخير القضاء على أي مفاوضات من هذا القبيل في مهدها.

لكن التحدي ينشأ هنا.... لقد أدرجت الولايات المتحدة حماس على قائمتها للإرهاب، وبالتالي فإن أي تعهد أميركي بمشروع سلام من شأنه أن يجبر واشنطن على التراجع عن موقفها.

لقد مُنع عرفات ذات مرة من دخول الولايات المتحدة أو الاجتماع مع مسؤولين أميركيين، وظهر بدلا منه مثل عبد الشافي وعشراوي خلال مؤتمر مدريد.

لكن في نهاية المطاف، اضطر الأميركيون إلى الجلوس مع عرفات لأنه لم يكن من الممكن تحقيق السلام أو المفاوضات بدونه....لا شك أن حركة حماس ليست مثل حركة فتح، ولكن لا يزال من المستحيل تجاهلها، كما أن التنازل عنها من شأنه أن يعزز موقف السلطة الفلسطينية في المفاوضات المحتملة.

وحتى ذلك الحين، الطريق مليء بالفخاخ..... وقد تعهدت إسرائيل بإبادة الحركة التي يبلغ قوامها 35 ألف مقاتل، لكن مثل هذا الهدف مستحيل عسكريا دون أن يتكبد الجانبان خسائر مروعة في صفوف المدنيين وغيرها من الخسائر.

فهل توافق حماس على الخروج من المشهد للحد من الخسائر في الأرواح بين المدنيين ومقاتليها؟

فضلًا عن ذلك، فحتى لو وافقت حماس على نزع سلاحها، فلن تكون أي دولة عربية على استعداد لضم الحركة تحت جناحيها وتحمل المخاطر المحتملة التي تصاحب مثل هذه الخطوة.

وقد يتفق طرفا الصراع أخيرًا، الواقعان بين المطرقة والسندان، على تسوية لا يوجد من هو في وضع أفضل للانخراط فيها من السلطة الفلسطينية.... وهكذا ستشرق الأضواء من جديد في نهاية أنفاق غزة المظلمة.

أما آفاق السلام والتسلح، فهذا موضوع لوقت آخر......