البنك المركزي يغير سياساته للقضاء على السوق السوداء

الاقتصاد

حسن عبدالله محافظ
حسن عبدالله محافظ البنك المركزي

بدأ البنك المركزي المصري، عمليات تضيق الخناق على السوق الموازي تمهيدا للقضاء عليها بعدما تسبب ظهورها في حدوث عمليات مضاربة على الجنيه، وخفض حصيلة القطاع المصرفي من العملة الصعبة، وتسبب في إرباك الأسواق وحركة تسعير السلع.


منذ بداية عام 2023 وبدأت السوق السوداء تتوغل بقوة واستحوذت على النصيب الأكبر من حجم العملات الأجنبية من أمام القطاع المصرفي، بعد أن قدمت أسعار لشراء العملات الأجنبية بفارق تجاوز 50 % عن السعر الرسمي المعلن بالبنوك.

 

 سياسية تخفيض الجنيه لا تجدي نافعا:


حاول البنك المركزي السيطرة عليها عن طريق ساسية خفض قيمة الجنيه محاولة لتشجيع المواطنين  على التنازل عن العملات الأجنبية.

 

وقد خفض الجنيه فعلا ثلاث مرات وتحديدا منذ مارس 2022، حتى وصل سعر الدولار بالبنوك إلى 30.95 جنيها، إلا أن تلك الطريق لم تقضى على السوق السوداء إذ كانت تزداد توغلا في كل مرة يخفض فيها البنك المركزي سعر الجنيه، وتوسع الفارق مع أسعار البنوك حتي بلغ الفارق حاليا أكثر من 50% عن الأسعار الرسمية.

 

 


كما دفعت  سياسية تخفيض الجنيه إلى رفع  مستويات التضخم بالأسواق لتصل إلى 40% خاصة وان البلاد تعتمد على السلع المستوردة بصورة اساسياة،  وأدت ايضا إلى تخلي المواطنين عن الجنيه  وسحب ودائعهم من البنوك والبحث عن وسائل ادخارية بديلة مثل  مثل الذهب الذي قفزة أسعاره إلى 3330 جنيها للجرام عيار 21 أكثر مبيعا محققا عوائد اقتربت من 98% خلال عام 2023. 

 

المركزي يتحول إلى سياسية الدفاع عن الجنيه:

 

بدأ البنك المركزي في الاتجاه إلى سياسية اخري فبدلا من تخفيض قيم الجنيه بدأ في  الدفاع عنه  بتعزيز الفائدة عليه من خلال رفع أسعار العوائد بالبنوك على شهادات الاستثمار؛ ليقلص العائد السلبي على الاوعية الادخارية بالبنوك  الذي ظهر  بعد قفزات مستويات التضخم.


ظهر ذلك من إعلان أكبر بنوك حكومية الأهلي ومصر في رفع العائد على شهادات الاستثمار لتصل إلى 27 %، وهو ما يعطي عائد قويا على الجنيه خاصة مع  توقعات انخفاض التضخم في مصر، والي بدا بالفعل في الانحسار منذ يوليو 2023  بعد أن وصل إلى مستوي 41% في يونيو الماضي ليصل إلى 35.8%.

 

ستمنح ايضا الشهاد الجديدة  ثقة للجنيه  أمام الدولار إذ أن العائد على الجنيه ارتفع إلى 27 % بينما لن يحصل المحتفظ بالدولار سوى على فائدة تصل إلى 5.50 %، ما يتوقع أن يشجع على فك الدولار بالجنيه.

شهادات 27% تحمي  الجنيه من هبوط قوي أمام الدولار :

ولكن بالرغم من العائد المرتفع 27% إلا أن لا يزال سلبي للكثير من المواطنين خاصة حائزي الدولار ليشجعهم على تحويل الدولار أمام الجنيه، إذ أن لا يزال فارق السعر في مصلحة السوق السوداء حتي بعد طرح شهادات جديدة في ظل ثبات السعر عند 30.95 جنيها.


لذلك من المتوقع أن يقوم البنك المركزي خلال الأيام القادمة بتحريك سعر الصرف الدولار مقابل الجنيه حسب العديد من البنوك الاستثمار، من ضمنها بنك إتش إس بي سي الذي توقع أن يتراوح سعر الصرف في الربع الأول من 2024 بين 40 و45 جنيها مقابل، مع صرف شرائح قرض صندوق النقد الدولي التي ستعزز من حصيلة الدولار، والعملات الصعبة لدى البنك المركزي.


وستسمح شهادات 27 % لبنك المركزي مع تحريك  قيمة الجنيه مقابل الدولار في تقريب الفارق مع السوق السوداء واعطاء سعر للدولار افضل منه، وفي الوقت ذاته عدم الهبوط بقيمة الجنيه إلى مستويات متدنية تشعل التضخم مرة اخري مع استهداف البنك المركزي السيطرة عليه في المقام الأول بدلا من سعر الصرف.