حوار خاص مع الفنان عمرو عبد العزيز

عمرو عبد العزيز لـ الفجر الفني: "أحرص على عدم إيذاء الشخصيات التي أقلدها وسمير غانم أيقونة بالنسبة لي"

الفجر الفني

عمرو عبد العزيز
عمرو عبد العزيز

دائمًا هناك أسماء في العالم الفن تترك بصمة لا تُنسى في قلوب المشاهدين ومن بين هؤلاء النجوم المتألقين، نجد في المقدمة الفنان المبدع عمرو عبد العزيز الذي يجمع بين الموهبة الفنية والتميز في تقديم الكوميديا بأسلوبه الخاص والمميز.

عمرو عبد العزيز ليس مجرد فنان كوميدي، بل هو أيضًا موهوب يتمتع بقدرات فنية متعددة، فهو يتقن التمثيل بمختلف أشكاله ويمتلك قدرة فائقة على استخدام لغة الجسد والتعبير الصوتي لإضفاء الحيوية والفكاهة على أدواره وبسبب تميزه وموهبته وكان لـ الفجر الفني حوار خاص معه لمناقشة مجموعة من القضايا الفنية مؤخرًا مثل مشاركته في الجزء الثالث من مسلسل "رمضان كريم"، وسنستمع إلى وجهة نظره حول أهمية تجاوز العمل الفني لأكثر من جزء، ومدى تأثير ذلك على نجاحه كما سنستعرض معه بداياته في عالم الفن وموهبته في تقليد الفنانين، بالإضافة إلى رؤيته لظاهرة انضمام البلوجرز وصانعي المحتوى للأعمال الفنية  وسيختم الحوار بمناقشة أعماله القادمة ومشاركته المحتملة في الماراثون الرمضاني لعام 2024 وإليكم نص الحوار:


في البداية، ما هي آخر المستجدات بخصوص مسلسل "رمضان كريم 3" ؟

في الحقيقة حاليًا لا يوجد أنباء عن وجود جزء ثالث من سلسلة "رمضان كريم" في هذا العام ولن يشارك موسم السباق الرمضاني لـ عام 2024، ومن الممكن أن يشارك في العام القادم إن شاء الله. 


من وجهه نظرك الخاصة هل وجود أكثر من جزء في أي عمل فني يساعد في نجاحه أم في هبوطه؟

بناءً على رأيي الشخصي، يعتمد جواب هذا السؤال على طبيعة العمل وكيفية تنفيذه على سبيل المثال مسلسل مثل "ليالي الحلمية" تم إنتاج أكثر من جزء له وجميعهم حققوا النجاح المطلوب، ومثل مسلسل "ونيس"، "أبو العروسة"، "سنبل"، و"راجل وست ستات"، فالعوامل المحددة لإنتاج أجزاء إضافية تتوقف على الحاجة والقيمة الفنية ونجاح العمل الأصلي وإمكانية تحمله لـ أجزاء إضافية لإن هناك أعمال يمكن أن تتحمل إنتاج أجزاء إضافية وهناك أعمال يبدو أنها قد وصلت إلى نهايتها بالفعل حيث قرأت مؤخرًا أن هناك نية لإنتاج جزء ثاني من مسلسل "عائلة الحاج متولي"، فأنا أرى إنه من الصعب جدًا تحقيق نفس النجاح السابق دون مشاركة الفنان الكبير نور الشريف، الذي كان له دور بارز في المسلسل الأصلي وباقي فريق العمل حتى إذا تم العمل على تجميع الفريق مرة أخرى، فإن نجاح الجزء الأول يعتمد بشكل كبير على وجوده وإسهامه في العمل.

يعتبر الفنان عمرو عبد العزيز أيقونة من أيقونات التقليد، حدثنا عن بداية هذا الأمر بالتفصيل ؟

تعدّدت المصادر والأشخاص الذين ألهموني في رحلتي مع فن التقليد، فقد بدأت هذه الرحلة في طفولتي عندما كنت أقلد معلمي في المدرسة، واستمرت معي في الجامعة حيث بدأت أقلد أساتذة الكلية ومن بين تلك الذكريات يبرز لقاء مصادف ألهمني وهو فيديو للفنان الكبير عبد الراحل أحمد زكي، وهو في أوج مجده وشهرته، وكان يؤدي دور ممثلين ببراعة لافتة في إحدى الحفلات، بالمناسبة فن التقليد ليس بالأمر السهل كما يبدو، فهو يتطلب مهارة وإتقانًا عاليين ومع ذلك، استمتعت بممارسته كهواية، خاصة خلال البروفات وأوقات الفراغ مع أصدقائي، ومع المايسترو محمد عثمان الذي كان دائمًا ملهمًا وصديقًا مخلصًا، حيث شاركني اهتمامه بفن التقليد وكانت لحظة مميزة عندما قررنا نشر فيديو لإحدى تجاربنا على الإنترنت، ولكن لم نتوقع الانتشار الواسع الذي حققه الفيديو في وقت قياسي، حيث أصبح محط أنظار الجمهور وتصدّر قوائم الترند لأكثر من ثلاثة أسابيع ولم يكتفِ الأمر بذلك، بل نال اعجاب الكثير من الشخصيات البارزة في الوسط الفني مثل تامر حسني، الذي عبّر عن إعجابه به وبموهبتنا في التقليد رغم هذا الانتشار والإعجاب، فإنني دائمًا ما حرصت على عدم إيذاء الشخصيات المقلدة، وأن أكون وفيًا لطابعها دون تشويه ومن بين الشخصيات التي قلدتها بتقدير واحترام هم الفنانون الراحلون عبد الله مشرف ولطفي لبيب، وأستاذي الغالي سمير غانم الذي لا يمكنني نسيان ذكريات الفيديو الرائعة التي جمعتنا بمحادثتي مع سمير غانم، أكد لي مدى انبهاره بقدرتي على التقليد بدقة، ورغبته في توثيق هذه اللحظات المميزة كانت تلك الكلمات دافعًا لي لمواصلة الابتكار والتطور في عالم التقليد الذي أصبح له مكانة خاصة في قلبي. 

 

وبسبب هذا الأمر هل فكرت في تقديم سيرة ذاتية لأحد الفنانين من قبل ؟


بالطبع، كتبت منذ فترة عبر منشور أن حلمي في الحياة هو إنتاج مسلسل يتكون من 45 حلقة، يروي ثلاث قصص لثلاث شخصيات حياتية مختلفة، وأطلقت عليه اسم "الضحكة الحلوة"، أتمنى أن أقوم بتجسيد ثلاثة فنانين أعتز بهم بشدة، الفنان الأول هو الأستاذ سمير غانم، والفنان الثاني هو علاء ولي الدين، والفنان الثالث هو المرحوم فؤاد المهندس أما إذا تاحت لي الفرصة، فأرغب في تخصيص 15 حلقة لسيرة الساحر الكبير الأستاذ محمود عبد العزيز، ومع ذلك، يعتبر إعداد السير الذاتية أمرًا معقدًا حيث يتطلب موافقة الورثة وتدقيقهم في الأمور، مما يجعل هذة العملية غير سهلة ومع ذلك، فإن هذا الحلم يظل شغفي، وآمل أن يتحقق يومًا ما في المستقبل.

ما هو الخط الرفيع الذي من  الممكن أن يفرق بين الكوميديا و"الاستظراف" من وجهه نظرك ؟

يوجد خطوط وليس خط واحد، الكوميديا تتأرجح بين الفكاهة والعرض الجريء "الاستظراف" هو التحايل على الضحك بينما الكوميديا الحقيقية تنبع من القلب وتصل إلى القلوب، سواء كانت كوميديا الحالة أو الكوميديا اللفظية. إذا كان الممثل لا يقدم النكتة بطريقة طبيعية وصادقة، فإنها لن تصل للجمهور بشكل فعّال، يمكننا قياس نجاح الكوميديا من خلال عظماء هذا المجال، مثل استاذ فؤاد المهندس وسام المدبولي، وأجيال تلتهم، مثل استاذ عادل إمام واستاذ محمد صبحي. كل جيل لديه منهجه وأساليبه الفريدة في الضحك، ولكن الجميع يتفق على أن الضحك هو موهبة فريدة وهامة في عالم التمثيل ورغم أن الله يمكن أن يمنح هذه الموهبة لمن يشاء، إلا أنه يتطلب من الشخص تطويرها وتنميتها ولا يمكن للإنسان أن يبحث عن الموهبة، بل يجب أن يكون مستعدًا لاكتشافها وتطويرها هناك فارق كبير بين الشخص الموهوب والشخص الذي يمتلك الموهبة ويعمل على تنميتها. 


في رأيك، هل تعريب الأفلام والمسلسلات الأجنبية يصب في مصلحة الفن ؟

عند تحويل الأعمال الأجنبية إلى نسخة عربية، أحيانًا ينجح الأمر وأحيانًا يفشل، لأنه يجب أن نأخذ في الاعتبار أن الفيلم الذي يتم تقديمه يجب أن يتناسب مع ثقافة المجتمع الذي يُعرض فيه، فقصص الدراما متعددة ومتنوعة حسب رؤى مختلفة وهناك أعمال تم تحويله بالفعل ونالت نجاح هائل كـ فيلم "آه من حواء" الذي في الأساس يعتبر مستوحى من أعمال شكسبير، وفيلم "إشاعة حب" الذي يعتمد على قصة أجنبية تم تحويلها بمهارة إلى قصة تعبّر عن الحياة في مصر، وقد حقق نجاحًا كبيرًا فهو ليس أمر مشروط.


دائمًا تتحدث عن الفنان الراحل سمير غانم في كل لقاءتك ومتعلق به بشكل كبير، حدثنا عن السر؟


استاذ سمير بالنسبة لي شخصية مهمة جدًا وملهمة، لقد عملت معه في المسرح والتلفزيون، حيث قمنا بتسجيل 90 حلقة من برنامج "فوازير فطوطة" على مدار ثلاث سنوات، كنا نجلس معًا طوال الوقت، حيث كان يؤدي شخصية "سمورة" و"فطوطة"، بينما كنت أقوم بدور المدير أعمال "فطوطة"، فـ كانت العلاقة بيني وبين استاذ سمير مميزة، وكنت أحبه كثيرًا وكان يحبني أيضًا لإنه دائمًا كان يحب الممثل الذي يكون يقظًا، فلو حدثت أي مشكلة على المسرح لم يكسر الأداء ولم يخجل الممثلين الآخرين، لأنه كان متزنًا نفسيًا ويدرك قيمة نفسه جيدًا وكان يحب أن تكون المسرحيات متقنة، لا يحب أن يكون الانتباه فقط على شخصيته، ولا يحب أن يظهر ويسيطر على الجميع من خلال انضباطه وحبه للعمل، كان يكون متساهلًا في بعض الأحيان، فمرة عندما نسيت أداء جزء معين من المسرحية، اعتذرت له وخشيت من غضبه، ولكنه أخبرني أن الأمور أبسط من ذلك، وأنه إذا لم يتم ذلك اليوم يمكن أن يتم ذلك في اليوم التالي، ومازال الموقف حتى الآن في ذهني ومنبهر به، كمان إني أعتبر نفسي محظوظًا لأنني عملت مع هذه الشخصيات الفنية الكبيرة، مع الزعيم والساحر والاستاذ سمير، والاستاذة رجاء الجداوي رحمة الله عليهم جميعًا.

انتشرت مؤخرًا ظاهرة انضمام البلوجرز وصانعين المحتوى للأعمال الفنية، ما رأيك في ذلك الأمر؟

المدوّنون وصنّاع المحتوى إذا كانوا يمتلكون الموهبة، فأنا أقدرهم وأستقبلهم بكل حفاوة وترحيب، ولكن إذا كان إدماج البعض لـ المدوّنين في أعمالهم بسبب وجودهم لديهم عدد كبير من المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي أو بسبب شهرتهم الكبيرة فأنا ارفض ذلك بشكل قاطع، التمثيل هو مهارة، والظهور أمام الكاميرا ومحاولة إعطاء الاراء حول شئ ما هو شيء آخر تمامًا، ولكن على النقيض فهناك أمثلة ناجحة على سبيل المثال طه الدسوقي هو كوميديان موهوب وماهر وبدأ مشواره كـ "ستاند اب كوميدي" حتى بدأ إثبات نفسه تدريجيًا وأصبح ممثلًا ماهرًا بشكل ملحوظ، وأود أن أكرر مرة أخرى، إذا كان المدونون وصناع المحتوى موهوبين وماهرين، فأهلًا وسهلًا بهم، ولكن إذا دخلوا بهذا العالم فقط لأنهم يطلقون على أنفسهم لقب المدونين، فأنا ضد ذلك.

انتشرت أنباء عن اعتزال الفنان عادل إمام، كيف استقبلت هذا الخبر؟

في البداية أنا أعتقد أن أستاذ عادل امام لم يعتزل بشكل رسمي ولم يتم التصريح على لسانه بهذا الأمر، ولكن يُفترض أنه اعتزل فهو حقه، لأنه قضى ٦٠ عام من حياته في التعب والجهد والعمل الدؤوب في مجال الفن، بين السينما والمسرح والتلفزيون كما ترك بصمته العميقة في عالم الفن المصري، حيث قدم مجموعة لا تُضاهى من الأعمال الفنية التي أثرت في الجمهور المصري والعربي على حد سواء، عادل إمام لم يكن مجرد ممثل، بل كان رمزًا للكوميديا المصرية، ومنارة للمواقف الإنسانية والاجتماعية، في مسيرته الفنية الطويلة، فهو قدم أدوارًا متنوعة، ومتعددة الأبعاد، فكان يجيد التنقل بين الكوميديا والدراما ببراعة، وبرزت أيضًا قدرته على تجسيد شخصيات متنوعة أسهمت في جعله من أبرز نجوم الفن في مصر والوطن العربي فلا يوجد أي فضائية لم تعرض على الاقل فيلم يوميًا للزعيم ومهما تحدثت لن أوفيه حقه لإنه قيمة وقمة فنية كبيرة. 

 

وإذا تطرقنا للحديث عن المسرح، هل ترى أن المسرح عاد لرونقه الذي اعتدنا عليه قديمًا أم لا ؟

حتى يستعيد المسرح رونقه وحيويته السابقة يتطلب هذا الأمر لـ النظر إلى العديد من الجوانب، ومن أبرزها الجانب المالي، فعلى سبيل المثال لـ إنتاج مسرحية جديدة بجودة عالية يجب توافر ميزانية عالي لتفي بالغرض، وهذا قد يكون متاحًا للشركات الكبرى والإنتاجات الضخمة، ولكن ليس للمسارح الصغيرة أو الفرق المستقلة بالإضافة لـ تكاليف الإنتاج التي تشمل تكاليف الديكور، والأزياء، والإضاءة، والموظفين، والتسويق، وغيرها الكثير، وهذا يتطلب استثمارات ضخمة ولن نغفل عن ذكر أهم الأمور وهي التذاكر، قيمة التذاكر أمرًا حاسمًا أيضًا فتزايد قيمة التذاكر قد يؤدي إلى تقليل الجمهور، في حين أن خفضها قد يؤثر على الإيرادات المالية للمسرح ومن الجوانب الأخرى التي ينبغي مراعاتها هي الأجور للممثلين والفريق الإنتاجي ويجب تقدير جهودهم وعملهم من خلال توفير أجور ملائمة، وهذا يتطلب موارد مالية كبيرة أيضًا وفي وقتنا الحالي يتناقص عدد المنتجين والمسارح، سواء في القطاع الخاص أو العام إذ يصعب على الفرق المسرحية الصغيرة تحمل تكاليف الإنتاج، مما يؤثر على التنوع الثقافي والفني في المجتمع لذا، من الضروري أن يلتفت القائمون على المسرح إلى هذه القضايا المالية، ويسعون إلى إيجاد حلول مناسبة تدعم المسرح وتعيد له رونقه وحيويته، بحيث يبقى المسرح لغة فنية تعبيرية حية تتحدث إلى الجمهور بكل لغات الإبداع والتفرد.  

وفي النهاية، ما هي أعمالك القادمة وهل ستشارك في الماراثون الرمضاني لعام 2024؟

أنا أعمل حاليًا على مشروع مسرحية ستعرض ثاني أيام العيد المقبل على مسرح من مسارح الدولة، وقد بدأنا بالفعل البروفات والتحضيرات الخاصة بها في الوقت الحالي، ولكن للأسف لن أشارك في رمضان هذا العام، ولكن سأؤدي دوري كمشاهد مصري أصيل، وسأشاهد أعمال أصدقائي وأبارك لهم وأتمنى أن تكون المسلسلات هذا العام جيدة ومميزة، كما أرغب أن أضيف وأصرح أنني سعيد بتجارب الـ 15 حلقة في رمضان فهي توفر فرصًا أكبر للممثلين والعاملين والمخرجين للمشاركة بشكل أكبر، وآمل أن تنتهج وتطبق فكرة الـ ١٥ حلقة في مسلسلات رمضان المقبلة دائمًا بدلًا من ال٣٠ حلقة.