د.حماد عبدالله يكتب: " أزمــات " أمـام الوطـن !!

مقالات الرأي

بوابة الفجر



لعلنا يجب أن نتفهم ما يواجه الأمة من مجموعة المشاكل التي يصل بعضها إلى حد تسميته ( بالأزمة ) وهنا يجب المواجهة – ويجب الصدق مع النفس قبل ( المواراة ) أو ودفن الرأس فى الرمال – فهذا لن يضعنا أبدًا أمام طريق سوي لأنهاء مشاكلنا -بل العكس سوف نتعثر أكثر !! وسوف نعاني في سبيلنا للتخلص أو إدارة الأزمة بعد فوات الأوان!! ولعل من أهم الأزمات التي تواجه الوطن.
أولا-ً أزمة ضعف كفائة الجهاز الإداري للدولة – الأصل في الحالة الحياتية للشعب – هو قدرة الجهاز الإداري علي التغطية الأفقية والرأسية لإقليم ومجتمع الدولة – بما يعني تطابق الإدارة التنفيذية في الحكومة  مع  السياسة العامة المعلنة من قبل السلطات الحكومية المركزية -مثل توصيل الخدمات إلى كافة المواطنين – وتأدية الواجبات الحكومية في الإقليم للجميع دون تفرقة ودون وساطة – وتؤدى عدم القدرة التنظيمية والإدارية للنظام السياسي – إلى تعريض هذا النظام لأزمة عدم اختراق أي عجز أو قصور النظام في التغلغل خلال الإطار الإجتماعي والإقتصادي والإقليمي خارج العاصمة – ويتمثل هذا في المناطق المحرومة والنائية وكذلك العشوائيات في المدن المصرية والتي تعدت الـ2250 منطقة حسب تقرير وزارة الإسكان !!
الأزمة الثانية هي الديمقراطية وأزمة المشاركة الشعبية -ونعني هنا بالديمقراطية حق الشعب في حكم نفسه بنفسه كقيمة سياسية – وترجع أزمة المشاركة  الشعبية في البلدان النامية أساسًا إلى تخلف البنية الإقتصادية والإجتماعية والإفتقار إلى الشروط الثقافية والسياسية وهناك خصائص ثلاث لأزمة المشاركة الشعبية وهى:-

1- الافتقار إلى المتطلبات الإجتماعية والإقتصادية ( بسبب الجمود الاجتماعى والتفاوت الطبقى ).  
2- غياب الشروط الثقافية والسياسية ( بسبب الأمية والإفتقار للتسامح ) 
3- تقلص المشاركة الجماهيرية ( بسبب السلبية واللامبالاة ).
-أما الأزمة الثالثة هى أزمة عدم عدالة التوزيع – فالنظام السياسى هو الذى يقوم بدور  ( الموزع ) للثروة إذ أن كل الثروات السياسية هى فى الحقيقة ذات طابع        ( توزيعى ) مثل سياسات الأجور والأسعار والضرائب والتعليم – وتدخل الدولة فى الإسكان والصحة والتأمينات وذلك بتحديد الفئات المستفيدة من التوزيع – ومقدار ما يخصص لكل منها من القيم والمنافع – وعادة تقع النظم فى البلاد النامية فى تناقض حاد بسبب المفاضلة فى عملية التخصيص بين أى من إعتبارين- إعتبار اقتصادى أى يرتبط التوزيع بنوع العمل والكفاية – أو إعتبار إجتماعى – يعنى الإهتمام بفكرة العدالة الاجتماعية.
أما الأزمة الرابعة هى أزمة تخبط الذاتية الحضارية – وهى التى تدور حول محور الزمان وهى تتلخص فى ذلك التخبط الشديد عند إختيار نموذج حضارى – تنشده الجماعة السياسية فى أحياء القومية – والتحديث الحضارى والتنمية الشاملة – ولعل أبرز ملامح التخبط -هو عندما تخفق أمة فى تحديد هويتها الحضارية وتكمن جذور أزمة الذاتية فى عدة عوامل أبرزها – السيطرة الأجنبية – وما يترتب عليها من تشويه إقتصادى وحضارى وإجتماعى ونفسى -وتعميق التبعية وشدة الاعتماد من جانب الشعوب على حكومتها لتحقيق الأمال الجماهيرية – أو شدة الإعتماد على الخارج – هذا باختصار أهم الجذور التاريخية ذات الأبعاد العميقة وراء المشكلات الوطنية الراهنة – والتى ربما ترجع ليس إلى المرحلة الساداتية أو الناصرية وإنما تعود بنا إلى العهد الملكى السابق على ثورة يوليو.