في ذكراه.. تعرف على القديس ليوناردو من بورتو ماورتسيـو

أقباط وكنائس

بوابة الفجر

 

تحتفل الكنيسة القبطية الكاثوليكية بذكرى القديس ليوناردو من بورتو ماورتسيـو، وبهذه المناسبة أطلق الأب / وليم عبد المسيح سعيد – الفرنسيسكاني نشرة تعريفية قال خلالها إن ولد ليوناردو ببلدة بورتو ماورتسيو بإيطاليا عام 1676م، وكان والده قبطان سفينة ذا خلق مسيحي كريم فربى ابناءه الخمسة على الفضيلة حتى إلتحق ثلاثة منهم بالرهبنة الفرنسيسكانية وإبنة كرست حياتها فى أحد الأديرة بعد وفاة والديها، تميز ليوناردو منذ نعومة أظفاره بالتقوى والعبادة للقربان الأقدس، والإكرام للسيدة مريم العذراء، وعند بلوغه سن الثالثة عشر من عمره أرسله أبوه إلى مدينة روما للدراسة، فتميز بالذكاء والتفوق في علوم الآداب، وبعد ذلك إنتمى إلى إحدى الجمعيات وتعين مدرسًا للتعليم المسيحي للفقراء وقام بهداية البعدين عن الكنيسة، ثم بدأ فى دراسة الطب، لكن قلبه كان يصبو إلى ما هو فوق، فى يوم من الأيام وهو عابر بالميدان المسمى " بميدان يسوع " راى راهبين متسربلين بملابس رثة ويتعاملان ببساطة مع الجميع، فتبعهما حتى دخلا الكنيسة، فدخل معهما وكان الرهبان يتلون صلاة الغروب، فجلس يستمع إلى الصلاة حتى وصل إلى تلك الكلمات التى تقول: " أهدنا يالله مخلصنا "، فأخترقت تلك الكلمات الإلهية بصيرته، فعزم على إتباع تلك الرهبنة ذات الحياة الصارمة وقال: " هنا سيكون موضع راحتى "، واسرع إلى مرشده الذى أعلن له بعد فحص ضمير عميق، أن الله يدعوه إلى تلك الرهبنة، وعندما عزم على ذلك وجد معارضة شديدة من عمه، أما والده فقد وافقه على رغبته، إرتدى ليوناردو الثوب الرهباني يوم 2 أكتوبر عام 1697م، ليختبر ذاته ويختبره رؤساءه إن كان أهلًا للحياة الرهبانية، وبعد مرور سنة الإختبار إنتقل إلى الدراسات الفلسفية واللاهوتية، حيث إنكب بحرارة على الصلاة وممارسة التقشف، وظهرت عليه جميع فضائل الراهب الكامل، مع حرصه الشديد على تتميم أصغر القوانين وكان يقول لزملائه: " إن كنا ونحن فى سن الشباب لا نهتم بالاشياء الصغيرة بل نهملها بارادتنا عندما نشيخ ستكون لدينا حرية اكبر ونسمح لانفسنا بمخالفة نقاط أكثر أهمية، لقد ادخل بين الطلبة إختيار فضيلة لممارستها اسبوعيًا، وكذلك مبادلة الطلبة تنبيه بعضهم لبعض لهفواتهم وعيوبهم، وأن يكون وقت نزهتهم اليومية للحديث في الامور الروحية، كان يرغب فى الاستشهاد في بلاد الصين، ولكن لم تتح له الفرصة فكان يقول:" إني غير مستحق لسفك دمي من أجل المسيح "، أن الله لم يطلب منه يومًا واحدًا ليستشهد فيه، لكنه كان يريد منه قضاء خمسين سنة من المتاعب والمشقات والتضحيات، فهذا الاستشهاد البطئ لم يكن اقل صعوبة من الاستشهاد الحقيقي ولكنه أقل مجدًا، وبعد سيامته الكهنوتية أختير مديرًا للدراسات الفلسفية، لكنه اصيب بمرض السل، وكانت صحته تزداد سوءًا، فنصحه الاطباء بأن يعيش فى جو مسقط رأسه، فانتقل إلى دير هناك حيث كان زملاؤه يسهرون للعناية به، ولما كان متيقنًا من جدوى العلاج إلتجا إلى إمه مريم العذراء، ووعدها بأن يكرس ذاته للرسالة وهداية الخطأة إن عادت إليه صحته، وبعد زمن قصير زال عنه المرض وعادت إليه الصحة والقوة فتبين إن الله يدعوه لهذه الرسالة، وبدأ يعظ في بلدته حول آلام السيد المسيح، وأخذ ينتقل من الدير إلى القري القريبة وهو حافي القدمين بالرغم من البرد القارس، وكان يقضي وقته فى الوعظ والتعليم المسيحي وقبول الاعترافات، ثم أخذ ينتقل من بلدة إلى اخري ولمدة اربعين سنة يعظ ويهدى الخطأة ويطفى نار الحقد ويحرك الفاترين، ولكي يأتى بثمار مطلوبة وضع قانونًا صارمًا له ولزملاته وهو: الصمت الصارم والنوم على الخشب والامتناع عن اكل اللحوم والبيض والالبان، ولمدة ثمانية وعشرون سنة لم يأكلوا السمك، وكانوا يعيشون على الحسنات، وكانت زياراتهم تقتصر على المرضي فقط ولم يجلسوا على مائدة أحد، وأهتم ليوناردو بنشر عبادة " إسم يسوع " وتكريم مريم العذراء، وكان كثير الوعظ عن الأنفس المطهرية، ثم ادخل عادة قرع أجراس الكنائس عند الظهر وتلاوة صلاة السلام الملائكي من أجل الخطاة المعاندين واقام عبادة " درب الصليب " فى أكثر من سبعمائة كنيسة، وكان يقول إن علاج كثير من الشرور يكمن في تلك العبادة، ثم ادخل عبادة السجود للقربان المقدس في الكنائس، وكان ليوناردو ينتقل بين البلاد العديدة المتطاحنة ليضع السلام فيها، فى شهر نوفمبر عام 1751م وهو عائد إلى روما اصابه المرض الذى أودي بحياته حيث نال إكليل المجد بعد كفاح دام اربع وخمسين سنة فى الرهبنة، ودفن في دير القديس بونافنتورا حيث كرس نفسه للرب في أول مرة، ولقد أعلن قداسته البابا بيوس التاسع يوم 29 يونيه عام 1867م، واعتبره البابا بيوس الحادي عشر شفيع جميع الكهنة الذين يكرسون ذواتهم للخدمة العامة، فهذا فخر للرهبنة الفرنسيسكانية التى تعطى لكل الأزمنة رجالا يتميزون بالقداسة والمعرفة والخدمة.