عيد الأم..كيف كرم الإسلام الأمهات وحكم الاحتفال بهم؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

في عيد الأم، يجب التذكير بقيمة الأمهات فهن ركيزة أساسية في المجتمع، فهنّ المعلمات والمصدر الأول للحنان والرعاية، وفي إطار الإسلام، تتمتع الأمومة بمكانة عظيمة ومحترمة؛ حيث يُعتبر تكريم الأمهات واجبًا دينيًا واجتماعيًا، ينص الإسلام على حقوق الأمهات ويحث على احترامهن ورعايتهن بطرق عديدة. سنستكشف في  السطور التالية، كيف يكرم الإسلام الأمهات ويقدر دورهن الكبير في تربية الأجيال المقبلة؟

تكريم الأم في الإسلام يعتبر أمرًا مهمًا جدًا. فالأم في الإسلام تحظى بمكانة عظيمة ويُعتبر تكريمها واحترامها من القيم الأساسية في الدين.

القرآن الكريم يحث على بر الوالدين ويوجه المسلمين للتعامل بلطف واحترام مع أمهاتهم. في العديد من الآيات القرآنية يُذكر تكريم الأم، كما في قوله تعالى في سورة الإسراء (17:23): "وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا".

بيانات النبي محمد صلى الله عليه وسلم أيضًا تؤكد على أهمية تكريم الأم. قد ورد عنه العديد من الأحاديث التي تحث المسلمين على البر والإحسان تجاه أمهاتهم. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنَ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صُحْبَتِي؟ قَالَ: أُمَّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمَّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمَّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أَبُوكَ" (متفق عليه).

وفي حديث آخر، قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "الجنة تحت أقدام الأمهات" (رواه النسائي).

وبناءً على هذا التعليم الإسلامي، يعتبر تكريم الأم واجبًا دينيًا وأخلاقيًا في الإسلام. يُشجع المسلمون على إظهار الرحمة والاحترام والعناية بأمهاتهم، وتقديم المعروف والبر والعناية بهن في جميع جوانب الحياة.

في النهاية، يجب على المسلمين أن يكرموا أمهاتهم طوال العام، وليس فقط في عيد الأم، وأن يعبرعن حبهم وامتنانهم لهن ويعملوا على راحتهن ورعايتهن في كل الظروف.

حكم الاحتفال بعيد الأم

والاحتفال بـ "يوم الأم" أمرٌ جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، بل هو مظهرٌ من مظاهر البر والإحسان المأمور بهما شرعًا على مدار الوقت؛ قال تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ» [لقمان: 14]، ولا يوجد في الشرع ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة يعبر فيها الأبناء عن برهم بأمهاتهم؛ فهذا أمرٌ تنظيميٌّ لا علاقة له بمسألة البدعة التي يدندن حولها كثير من الناس؛ فالبدعة المردودة هي ما أُحدث على خلاف الشرع؛ كما يتضح هذا جليًّا في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» متفق عليه، أما ما شهد الشرع لأصله فإنه لا يكون مردودًا، ولا إثم على فاعله.


هل الاحتفال بعيد الأم بدعة؟


قالت دار الإفتاء، إن من مظاهر تكريم الأم الاحتفاء بها وحسن برها والإحسان إليها، مؤكدة أنه لا يوجد في الشرع ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة لذلك يعبر فيها الأبناء عن برهم بأمهاتهم؛ فإن هذا أمر تنظيمي لا حرج فيه.وأضافت الإفتاء في فتوى لها، أن الاحتفال بالأم لا صلة له بمسألة البدعة التي يدندن حولها كثير من الناس؛ مشددة على أن البدعة المردودة هي ما أُحدث على خلاف الشرع؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» متفق عليه من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، ومفهومه أن من أَحدث فيه ما هو منه فهو مقبول غير مردود.


وأكدت أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أقر العرب على احتفالاتهم بذكرياتهم الوطنية وانتصاراتهم القومية التي كانوا يَتَغَنَّوْنَ فيها بمآثر قبائلهم وأيام انتصاراتهم، كما في حديث الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- «أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- دخل عليها وعندها جاريتان تغنيان بغناء يوم بُعاث»، وجاء في السنة «أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- زار قبر أمه السيدة آمنة في أَلْفَيْ مُقَنَّع، فما رُؤِيَ أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ». رواه الحاكم وصححه وأصله في مسلم.


وشددت دار الإفتاء، على أن الإسلام جاء بتكريم الإنسان من حيث هو إنسان بِغَضِّ النظر عن نوعه أو جنسه أو لونه فإنه أضاف إلى ذلك تكريمًا آخر يتعلق بالوظائف التي أقامه الله فيها طبقًا للخصائص التي خلـقه الله عليها، فكان من ذلك تكريم الوالدين اللذين جعلهما الله تعالى سببًا في الوجود، وقرن شكرهما بشكره؛ فقال تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ» [لقمان: 14].


وأوضحت: وجعل الأمر بالإحسان إليهما بعد الأمر بعبادته سبحانه وتعالى فقال: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا» [الإسراء: 23]، وكان ذلك لأن الله جعلهما السبب الظاهر في الإيجاد فكانا أعظم مظهر كوني تجلت فيه صفة الخلق، وناهيك بذلك شرفًا على شرف وتكريمًا على تكريم.


وأشارت إلى أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- جعل الأم أولى الناس بحسن الصحبة، بل وجعلها مقدمة على الأب في ذلك؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وآله وسلم- فَقَالَ: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ» متفق عليه.


ونبهت على الشرع الإسلامي قرر أن العلاقة بين الولد وأمه علاقة عضوية طبيعية؛ فلا تتوقف نسبته إليها على كونها أتت به من نكاح أو سفاح، بل هي أمه على كل حال، بخلاف الأبوة التي لا تثبت إلا من طريق شرعي.


وأفادت بأن الاحتفال بالأم لا يشكل مانعًا شرعيًّا، بل نرى في المشاركة في الاحتفاء بها نشرًا لقيمة البر بالوالدين في عصر أصبح فيه العقوق ظاهرة تبعث على الأسى والأسف، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الأسوة الحسنة؛ حيث كان يحب محاسن الأخلاق ويمدحها.
 


فضل الأم في الإسلام

عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: «قال رجل: يا رسول الله، إن لي أما وأبا، وأخا وأختا، وعما وعمة، وخالا وخالة، فأيهم أولى إلي بصلتي؟» فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول، أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك».