فِعْلٍ خَسِيسٍ هَزَّ أَرْضًا طَيِّبَةً.. ننشر نص أسباب حكم إعدام قاتل شقيقته العروس ببورسعيد

محافظات

هيئة المحكمة
هيئة المحكمة

أصدرت محكمة جنايات بورسعيد برئاسة المستشار جودت ميخائيل قديس رئيس المحكمة حكما بالإعدام شنقا علي محمد نبيل قاتل شقيقته العروس فريدة، وذلك بعد أن أعد الأسلحة البيضاء سكينتين ومطواة وقصد إلى المكان والزمان الذي أيقن قدومها إليه مسكنها ومكمن راحتها قابعًا منتظرًا قدومها وما أن أبصرها بعينيه المتقدتين كالسعير حتى باغتهــــا مــــن ورائها مستلًا سلاحًا أبيــــض سكينًا، وما أن انتبهت لصوته حتى بادرها بنصل سلاحه مجزًا جيدها ومسددًا نصله إليه غير مرة إلى أن خارت قواها فوالى تسديده لجسدها إلى أن أغمد نصله بموضع فؤادها وقاءت جروحها الدماء لتسفك محدثًا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية قاصدًا إزهاق روحها واستل الحياة منها وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.


وتضمنت أسباب الحكم الذي انتهت من صياغته المحكمة ُ تَبَيَّنَ مَوْقِفِ جَمِيعِ اَلشَّرَائِعِ اَلسَّمَاوِيَّةِ مِنْ جَرِيمَةِ إِزْهَاقِ اَلنَّفْسِ فَقَدْ جَعَلَتْ اَلشَّرِيعَةُ اَلْإِسْلَامِيَّةُ حِفْظَ اَلنَّفْسِ مِنْ اَلْمَقَاصِدِ اَلضَّرُورِيَّةِ اَلَّتِي يَجِبُ عَلَى اَلْأُمَّةِ حُكَّامًا وَمَحْكُومِينَ أَنْ تَعْمَلَ عَلَى صَوْنُهَا وَتَنْهَى عَنْ إِشْهَارٍ اَلسِّلَاحِ فِي وَجْهِ اَلْمُسْلِمِ، فقَالَ تَعَالَى "وَلَا تَقْتُلُوا اَلنَّفْسَ اَلَّتِي حَرَمَ اَللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمِنْ قَتْلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلَنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفُ فِي اَلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا " صَدَقَ اَللَّهُ اَلْعَظِيمُ، وُورْدْ فِي سِفْرِ اَلتَّكْوِينِ - اَلتَّوْرَاةُ - « فَقَالَ مَاذَا فَعَلَتْ صَوْتِ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٍ إِلَى مِنْ اَلْأَرْضِ فَالْآن مَلْعُونٌ أَنْتَ مِنْ اَلْأَرْضِ اَلَّتِي فَتَحَتْ فَمَهَا لِتَقَبُّلِ دَمِ أَخِيكَ مِنْ يَدِكَ تَائِهًا وَهَارِبًا تَكَوَّنَ فِي اَلْأَرْضِ » اَلْإِصْحَاحُ اَلرَّابِعُ اَلْعَدَدَ اَلْعَاشِرِ، وَفِيٍّ رِسَالَةَ يُوحَنَّا اَلرَّسُولْ اَلْأُولَى كُل مِنْ يَبْغُضُ أَخِيهِ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ " اَلْإِصْحَاحُ اَلثَّالِثُ اَلْعَدَدَ 15، وَلَقَدْ خَلَقَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اَلْإِنْسَانُ وَفَضْلُهُ عَلَى سَائِرِ اَلْمَخْلُوقَاتِ، فَخُلُقُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعْلِهَا سِرًّا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا هُوَ مَالِكَ اَلْمَلِكِ وَالْمَلَكُوتِ  فَإِذَا حَانَ أَجْلَ اَلْإِنْسَانِ أَمَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَلَك اَلْمَوْتِ بِقَبْضِ اَلرُّوحِ مِنْ اَلْجَسَدِ وَأَعَادَهَا إِلَى بَارِئِهَا.

 

وجاء بأسباب الحكم أن اَلْمَحْكَمَةَ لَا تَأْخُذُ بِالْمُتَّهَمِ شَفَقَةً وَلَا رَحْمَةً مِنْ دُونِ اَللَّهِ وَتَنْزِلُ بِهِ شَرَعَ اَللَّهُ فِي اَلْأَرْضِ.. وَتَأْخُذُ بِقَوْلِ اَللَّهِ تَعَالَى "إِنَّمَا جَزَاءُ اَلَّذِينَ يُحَارِبُونَ اَللَّهُ وَرَسُولُهُ وَيَسْعَوْنَ فِي اَلْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تَقْطَعُ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يَنْفُوا مِنْ اَلْأَرْضِ"، وَتُقِيمَ عَلَيْهِ حَدًّا مِنْ حُدُودِ اَللَّهِ تَعَالَى هُوَ مُعَاقَبَتُهُ عَلَى مَا اُقْتُرِفَتْ يَدَاهُ، وَالْجَرِيمَةُ لَا تُوقِفُ إِلَّا بِالْعِقَابِ اَلَّذِي قَدْ يَكُونُ لِلْإِصْلَاحِ، أَوْ لِلْعِظَةِ وَالْعِبْرَةِ أَوْ لِلرَّدْعِ وَالزَّجْرِ، تَحْقِيقًا لِلْعَدَالَةِ، وَإِصْلَاحًا لِلْمُجْتَمَعِ بِتَخْلِيصِهِ مِنْ عُتَاةٍ اَلْمُفْسِدِينَ فِيهِ، وَفِيهَا عِظَةٌ وَعِبْرَةٌ لِأَبْنَاءِ اَلْمُجْتَمَعِ بِأَسْرِهِ، وَفِيهَا اَلرَّدْعُ وَالزَّجْرُ اَلْكَافِيين لِكُلِّ مَنْ تُسَوِّل لَهُ نَفْسِهِ اَلْوُقُوعَ فِي هَذَا اَلْخَطَأِ، وَفِيهَا رَدْعٌ لِلْجَانِي اَلَّذِي يَجِبُ أَنْ يُدْرِكَ أَنَّ اَلْإِيذَاءَ اَلَّذِي سَبَبُهُ لِغَيْرِهِ مِنْ اَلْأَبْرِيَاءِ جَلْبَ لَهُ اَلْوَبَالُ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ فِي ذَلِكَ تَشْنِيعٌ لِلْجَرِيمَةِ اَلَّتِي اِرْتَكَبَهَا وَرَدْعُ لِغَيْرِهِ عَنْ اِرْتِكَابِ مِثْلٍ مَا اِرْتَكَبَ، لِأَنَّ اَلْقِصَاصَ اَلرَّادِعَ هُوَ أَفْضَلُ اَلْعُقُوبَاتِ، وَأَنَّ اِسْتِئْصَالَ اَلنُّفُوسِ اَلضَّالِعَةِ فِي اَلشَّرِّ وَالْجَرِيمَةِ اَلْمُمْتَلِئَةِ بِرَغَبَاتِ اَلْإِفْسَادِ فِي اَلْأَرْضِ هُوَ خَيْرُ وِقَايَةٍ لِلْمُجْتَمَعَاتِ اَلْإِنْسَانِيَّةِ مِنْ اَلِانْهِيَارِ وَالْفَوْضَى، وَهُوَ صِمَامُ اَلْأَمَانِ لِسَلَامَتِهَا وَاسْتِقْرَارِ أُمُورِهَا لِأَنَّ أَمْنَ اَلْجَمَاعَةِ أَهَمَّ مِنْ شَهَوَاتِ اَلْفَرْدِ اَلْجَانِحَةِ وَرَغَائِبِهِمْ اَلْمُنْحَرِفَةُ اَلَّتِي لَا سَبِيل إِلَى تَقْوِيمِهَا أَوْ إِصْلَاحِهَا، وَلَا عِلَاجَ لَهَا إِلَّا اَلِاسْتِئْصَالُ وَالْبَتْرُ مِنْ أَجْلِ تَطْهِيرِ اَلْمُجْتَمَعِ وَسَلَامَتِهِ وَأَمْنِهِ مِنْ أَمْثَال هَؤُلَاءِ اَلْمُتَّهَمِينَ اَلَّذِينَ تَجْرِي مُحَاكَمَتَهُمْ اَلْيَوْمِ سَوَاءً اَلْحَاضِرُ مِنْهُمْ أَوْ اَلْغَائِبِ عَنْهَا.

 

ووجهت المحكمة للقاتل رسالة في أسباب حكمها قائلة: جِئْتُ بِفِعْلٍ خَسِيسٍ هَزَّ أَرْضًا طَيِّبَةً وَأُهْرِقَتُ دَمًا طَاهِرًا بِطَعَنَاتِ غَدْرٍ جَرِيئَةً ذَبَحَتْ اَلْإِنْسَانَيَّةُ كُلُّهَا يَوْمٌ أَنَّ نَحَرَتْ ضَحِيَّةً بَرِيئَةً، إِنَّ مِثْلَكَ كَمَثَلِ نَبَتَ سَامٌّ فِي أَرْضِ طِيبَةَ، كُلَّمَا عَاجِلَهُ اَلْقِطَعَ قَبْلَ أَنْ يَمْتَدَّ، كَانَ خَيْرًا لِلنَّاسِ وَلِلْأَرْضِ اَلَّتِي نَبتَ فِيهَا، وَنَعُودُ إِلَى وَقَائِعِ دَعْوَانَا حَسَبَمَا اسْتَقَرَّتْ فِي عَقِيدَةِ اَلْمَحْكَمَةِ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهَا ضَمِيرُهَا وَارْتَاحَ لَهَا وِجْدَانِهَا  مُسْتَخْلَصَةً مِنْ سَائِرِ أَوْرَاقِهَا وَمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ اِسْتِدْلَالَاتٍ وَتَحْقِيقَاتِ وَتَقَارِيرَ فَنِّيَّةٍ وَمَا دَارَ بِشَأْنِهَا بِجَلْسَةِ اَلْمُحَاكَمَةِ تَتَحَصَّلُ فِي أَنَّ اَلْمُتَّهَمَ / محمد نبيل السيد عثمان دحدح شَابٌّ بَالِغٌ اَلثَّانِيَة وَالْعِشْرِينَ مِنْ عُمْرِهِ عَاطِل عَنْ اَلْعَمَلِ لَا يُوجَدُ لَهُ مَصْدَرُ دَخْلٍ ثَابِتٍ فلَمِّ تَطَوُّعِ لَهُ نَفْسِهِ اَلْبَحْثَ عَنْ عَمَلٍ تَسْتَقِرُّ بِهِ حَيَاتُهُ، بَيْنَمَا كَانَتْ شَقِيقَتُهُ اَلْمَجْنِيَّ عَلَيْهَا مُهْتَمَّةً لِأَمْرِهِ، فَنَصَحَتْهُ بِالْبَحْثِ عَنْ عَمَلٍ فَمَا كَانَ رَدُّهُ بِمَعْرُوفٍ وَلَا بِإِحْسَانٍ،  وَعِنْدَمَا شَاهَدَهَا تَخَرُّجٌ لِلْعَمَلِ وَتَبْدَأُ حَيَاةٌ جَدِيدَةٌ بِارْتِبَاطِهَا وَتَنْسِجُ خُيُوطُ فَرْحَتِهَا بِالْخُطْبَةِ هَيَّأَ لَهُ شَيْطَانِهِ أَنَّهَا تَتَنَمَّرُ عَلَيْهِ وَتَنَغَّصَ حَيَاتُهُ فَامْتَلَكَهُ شَيْطَانُهُ رَافِضًا اَلْخَطِيبَ بِشِدَّةِ إِلَّا أَنَّ تَمَسُّكَ اَلْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا بِالْأَخِيرِ خُيِّلَ لِعَقْلِهِ اَلْمَرِيضَ بِإِعْلَائِهِ عَنْهُ شَأْنًا وَمَرْتَبَةٌ، فَدَبَّ بَيْنُهُمَا اَلشِّقَاقُ وَانْتَهِزُهَا فُرْصَة مُطَالِبًا بِمِيرَاثِ وَالِدَتِهِ مِنْهَا، وَلَمَّا تَحْصُل عَلَيْهِ غَادَرَ اَلْمَنْزِلَ بَلْ اَلْمُحَافَظَةَ وَانْتَهَزَهَا فُرْصَةً مُطَالِبًا بِمِيرَاثِ وَالِدَتِهِ مِنْهَا، وَلَمَّا تَحْصُل عَلَيْهِ غَادَرَ اَلْمَنْزِلُ بَلْ اَلْمُحَافَظَةُ مَسْقَطَ رَأْسِهِ بِأَكْمَلِهَا مُبْتَغِيًا اَلْبَحْثَ عَنْ أَصْدِقَاءِ سُوءٍ إِلَى أَنَّ وَجْدَهُمْ فَالْتَفَّ حَوْلَهُمْ وَقَضَى مَعِيشَتُهُ مَعَهُمْ وَلَمْ يَدُمْ حَالَهُ دَهْرًا يَسِيرًا، فَفُرِّغَ مِنْهُ مَالُهُ وَعَاوَدَتْهُ وَسَاوِسُهُ اَلشَّيْطَانِيَّةُ.


وجاء حكم الإعدام بعد أن أَقَرَّ المتهم أَنَّهُ عَلَى إِثْرِ قِيَامِ اَلْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا بَالْتِنْمَرْ اَلدَّائِمَ عَلَيْهِ مُنْذُ اَلصِّغَرِ وَالتَّعَدِّي عَلَيْهِ بِالْأَلْفَاظِ عَلَى نَحْوٍ يُحِطْ مِنْ كَرَامَتِهِ، وَعَدَمَ أَخْذُ مَشُورَتِهِ فِي أُمُورِهَا اَلشَّخْصِيَّةِ وَمِنْهَا مَوْضُوعُ خِطْبَتِهَا فَرُسْغً فِي وِجْدَانُهُ اَلِانْتِقَامُ مِنْهَا فَأَعَدَّ اَلْأَسْلِحَةَ اَلْمُسْتَخْدَمَةَ وَهِيَ "سِكِّينَتَيْنِ، مِطْوَاةٌ" اِشْتَرَاهَا خِصِّيصًا لِقَتْلِهَا وَمَا إِنْ سَنَحَتْ لَهُ اَلْفُرْصَةُ فَقَدَّمَ إِلَى مُحَافَظَةِ بُورْسَعِيدَ قُبَيْلَ اَلْوَاقِعَةِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِيُخَطِّطَ فِيهَا كَيْفِيَّةُ إِتْمَامٍ مَقْصِدِهِ حَتَّى أَحْكَمَ مُخَطَّطُهُ فَرَافَقَهُ اَلشَّاهِدُ اَلْأَوَّلُ حَتَّى بَلَغَ اَلْمَكَانُ وَالزَّمَانُ اَلَّذِي أَيْقَنَ قُدُومُ شَقِيقَتِهِ إِلَيْهِ وَهُوَ مَسْكَنُهُمَا وَاِتَّخَذَ مَكَانًا لَهُ قَبَعَ فِيهِ مُنْتَظَرًا قُدُومُهَا وَلَمَّا أَبْصَرَهَا بَاغَتَهَا مِنْ وَرَائِهَا وَاسْتَلَّ سِلَاحًا أَبْيَضا "سِكِّينًا" وَجَزَّ جِيدُهَا وَانْهَالَ عَلَيْهَا بِسِلَاحِهِ غَيْرُ مَرَّةٍ تَسْدِيدًا وَطَعْنًا فِي اَلْمَوَاضِعِ اَلَّتِي أَيْقَنَ أَنَّهَا قَادِرَةٌ عَلَى سُرْعَةِ إِنْهَاءِ حَيَاتِهَا قَاصِدًا قَتْلُهَا.